15-أبريل-2021

صلاة جماعة في ولاية سيرنجار الهندية (Getty)

للسنة الثانية على التوالي يضيق انتشار فيروس كورونا الخناق على المسلمين في جميع أنحاء العالم لناحية تأدية شعائرهم الدينية في شهر رمضان. ويأتي شهر رمضان هذه السنة وسط استفحال انتشار الفيروس عالميًا، وتزايد أعداد المصابين والوفيات، ووسط ظهور نسخ جديدة معدلة ومتحورة من الفيروس في بعض الدول. في المقابل هناك تقدم في العديد من الدول لناحية توفير اللقاحات لمواطنيها، على الرغم من المشاكل في عمليات التوزيع وفي اللقاحات نفسها. ومن العادات المنتشرة عند المسلمين  في رمضان بشكل خاص تظهر الاجتماعات العائلية وقت الإفطار والسحور، والقيام بالزيارات الاجتماعية، وحضور الإفطارات الجماعية، والتجمع في المساجد للصلاة وتأدية الفروض المتعددة، ومنها إحياء ليلة القدر وصلاة التراويح وصلاة الجماعة والاستماع إلى الخطب والمواعظ الدينية، وكذلك اكتظاظ المقاهي بعد الإفطار. كل هذه العادات والظروف الحالية في ظل الجائحة تدفع لطرح عدة أسئلة حول الطرق المثلى للموائمة بين حقوق الإنسان (الحق في الحياة)، وبين الحق في ممارسة الشعائر الدينية.

 أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من احتمال تفاقم الإصابات بفيروس كورونا في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال شهر رمضان

يشهد هذا العام تغييرات ملحوظة لدى المسلمين خلال رمضان في العديد من الدول حول العالم، فقد أغلقت المساجد أبوابها أمام المصلين في عدد من الدول، بينما سمحت دول أخرى بصلوات الجماعة مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة والإجراءات الوقائية، بما في ذلك تقصير مدة الصلاة. كما تم إصدار قرار بمنع زيارة مكة المكرمة إلا لمن لديهم شهادة اللقاح. وبأخذ تجربة رمضان الماضي بعين الاعتبار، يمكن فهم ضرورة مثل هذه التدابير، خاصة بعد أكثر من عام على انتشار فيروس كورونا والعديد من الأمثلة على كارثية عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، فيذكر مثلًا أن في باكستان، ارتفعت أعداد الحالات الجديدة من أقل من 800 حالة في اليوم في بداية شهر رمضان من العام الماضي إلى أكثر من 6 آلاف حالة يوميًا بعد أسابيع قليلة من انتهاء شهر رمضان. وعزا المسؤولون هذه الزيادة وقتها إلى عدم الالتزام  بالإجراءات المنصوص عليها.

اقرأ/ي أيضًا: كيف يصوم المسلمون في الدول الإسكندنافية؟

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعربت عن قلقها من احتمال تفاقم الإصابات بفيروس كورونا في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال شهر رمضان، خاصة بعد أن ارتفع معدل الإصابات بنسبة 22% ومعدل الوفيات 17%. وفي تقرير مصور نشرته قناة "الهند اليوم" تحدثت فيه عن كسر الإجراءات الوقائية المتعلقة بفيروس كورونا مثل التباعد الاجتماعي وعدم التجمع ووضع الأقنعة، وذلك في مدينة حيدر أباد، حيث احتشد المصلون في المسجد في أول يوم صلاة مع بداية شهر رمضان. أما وكالة NDTV الهندية فقد نشرت صور مراسم احتفالية دينية خاصة بالهندوس تظهر المئات يستحمون بماء نهر الغانغ في الهند رغم تحذيرات وزارة الصحة من مثل هذه التجمعات، إلا أن السلطات لم تمنعها. 

على سبيل المثل، نقلت الوكالة الفرنسية في تقرير مشترك مع قناة فرانس 24 عن المواطن المصري مجدي حافظ، البالغ من العمر 68 عامًا، والذي كان يواظب على زيارة المسجد باستمرار، إلا أن فيروس كورونا حرمه من ذلك السنة الماضية، قوله "منذ 40 سنة وأنا أذهب للصلاة في المسجد، ومن ثم فإن التغيير كان بالتأكيد أمرًا صعبًا للغاية"، وأضاف "لكن ديننا يأمرنا بحماية بعضنا البعض".

بينما قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط، أحمد المندهاري، أن "عدم الالتزام الذي حدث في رمضان الماضي، والرفع المتسرع لحظر التجول المفروض في ذلك الوقت، وإعادة فتح أماكن التجمعات، كل ذلك أدى إلى عواقب وخيمة استمرت لأشهر". وأضاف بالقول "كوفيد-19 لا يزال يشكل تهديدًا حقيقيًا وحاضرًا في منطقتنا". كما قال المندهاري "في رمضان هذه السنة من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نبقى يقظين وأن نقدم تنازلات من أجل صحتنا، ومن أجل صحة أحبائنا". وأضاف "بدلًا من التجمعات الاجتماعية، يمكننا إظهار حبنا للعائلة والأصدقاء من خلال تشجيعهم على البقاء بأمان في المنزل والتواصل عبر الهاتف أو مكالمات الفيديو". أما عمدة لندن، صادق خان، فقد غرد على تويتر متمنيًا لجميع المسلمين حول العالم السلام، وقال "عدم القدرة على استضافة الأصدقاء وجميع أفراد العائلة في منازلنا للإفطار مرة أخرى سيكون صعبًا، ولكن من الضروري أن نتبع القواعد لحماية أنفسنا وأولئك الذين نهتم لأمرهم. رمضان مبارك".

 

اقرأ/ي أيضًا:

انتقادات واسعة بعد قرار أردني بسجن فتاة تحت جنحة "إطالة اللسان على الملك"

في سابقة عالمية.. مشروع قانون في نيوزيلندا خاص بالشركات المالية وتغير المناخ