27-أغسطس-2021

قدمت القوات الأمريكية الدعم الجوي لطالبان في عملياتها ضد ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة (وول ستريت جورنال)

ألتراصوت- فريق الترجمة

كشفت وسائل إعلام أمريكية مؤخرًا عن أشكال مختلفة من التواصل بين المسؤولين الأمريكيين في واشنطن وكابول مع قيادات في حركة طالبان، وقد تمّ ذلك مؤخرًا على أعلى المستويات، بعد أن أوفد الرئيس الأمريكي جو بايدن مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، من أجل اللقاء الذي جمعه مع عبد الغني برادر، أحد أبرز قادة الحركة ورئيس مكتبها السياسي، والذي يعدّ حاليًا القائد الفعلي للحركة.

تمكنت طالبان، بمساعدة مباشرة من القوات الأمريكية، من التفوق على تنظيم "ولاية خراسان" والتغلب عليه في عدد من معاقله في أفغانستان

ونقلت واشنطن بوست مطلع الأسبوع عن مسؤولين أمريكيين أن اللقاء حصل في كابول يوم الإثنين 23 آب/أغسطس، دون الكشف عن تفاصيل المواضيع التي جرى نقاشها، والتي يعتقد أن أبرزها كان التفاوض حول تمديد موعد الانسحاب النهائي وتأمين محيط مطار كابول وعرض التعاون من أجل مواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في أفغانستان، والذي يعتبر العدو المشترك للطرفين.

من جهة أخرى، كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، أن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى في كابول، قد أنشأوا قنوات اتصال أكثر نشاطًا مع قادة في الحركة، وتشاركوا معهم معلومات استخبارية، إضافة إلى قوائم بأسماء المواطنين الأمريكيين والأفغان الذين تسعى الحكومة الأمريكية لمساعدتهم في الوصول إلى مطار كابول والخروج من أفغانستان.

تزود الولايات المتحدة حركة طالبان بقوائم بأسماء المغادرين عبر مطار كابول (Politico)

وبحسب مسؤولين أمريكيين تحدثوا إلى الصحيفة، فإن هذا المستوى من التعاون بين الطرفين هدف إلى تسهيل عمليات الإجلاء التي تشهد قدرًا كبيرًا من الإرباك والاضطراب، كان آخرها التفجير الانتحاري الذي ضرب محيط المطار يوم الخميس، 26 آب/أغسطس، وراح ضحيته عشرات المدنيين، إضافة إلى 13 عسكريًا أمريكيًا على الأقل. وقد أعلنت داعش لاحقًا مسؤوليتها عن الهجوم.

اقرأ/ي أيضًا: مقتل 12 جنديًا أمريكيًا على الأقل في هجوم مطار كابول

وقد كشفت بوليتيكو بأن قيادات عسكرية أمريكية عليا، من بينهم قائد القيادة الوسطى الجنرال فرانك ماكينزي، والقائد الأعلى للقوات الأمريكية في أفغانستان، الأدميرال بيتر فاسيلي، يشيرون إلى طالبان في أفغانستان بوصفهم "شركاؤنا الأفغان"، وهو ما يعني أن مستويات أعلى من التنسيق والتواصل تجري بشكل متواصل بين القيادات الأمريكية في أفغانستان ونظرائهم في حركة طالبان التي أعلنت سيطرتها على البلاد والعاصمة كابول مؤخرًا، إضافة إلى وجود "تواصل يومي" بين قادة طالبان والقيادة الأمريكية في أفغانستان، بشأن تنسيق عمليات الدخول إلى المطار، وتحديد الأسماء التي يمكنها أن تغادر على متن الطائرات الأمريكية.

الدعم الأمريكي لطالبان في مواجهة "ولاية خراسان"

بعد سيطرتها على سجن "بولي شارخي" في كابول، في 15 آب/أغسطس الماضي، أطلقت حركة طالبان سراح العديد من السجناء، إلا أنها تحفظت على عدد منهم، كان من بينهم أبو عمر الخراساني، وهو أمير تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان. كان أبو عمر الخراساني متفائلًا، في حديث له مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن الحركة ستطلق سراحه، لأنهم "مسلمون صالحون"، حيث رأى بأن تقدّم الحركة يحمل "مؤشرات طيبة على التغيير القادم".

لكن طالبان أعدمت أبو عمر الخراساني، وثمانية من رفاقه التابعين للتنظيم الذي وصفته الحركة ب"الإرهابي"، والذي خاضت معه العديد من المعارك خلال السنوات الماضية، منذ ظهور تنظيم "ولاية خراسان" عام 2014 والاعتراف به من قبل تنظيم الدولة مطلع العام 2015. فقد خاضت طالبان، بموازاة هجماتها على قوات التحالف والقوات الحكومية، حربًا لا تقل ضراوة ضدّ داعش وتنظيمها في جنوب آسيا، وتهديدها المحتمل لقدرة الحركة على بسط سيطرتها في أفغانستان بعد خروج قوات التحالف وانهيار الحكومة الأفغانية.

الجناح الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية، المعروف باسم "ولاية خراسان"، يتألف في الغالب من مقاتلين محليين من كونار والمناطق المحيطة بها

وقد تمكنت طالبان، بمساعدة مباشرة أحيانًا من قوات التحالف والقوات الأمريكية، من التفوق على تنظيم "ولاية خراسان" والتغلب عليه في العديد من معاقله المعروفة في أفغانستان، ولاسيما في ولاية كونار أقصى شرقي البلاد، على الحدود الباكستانية، وإضعاف قدراته العسكرية والتنظيمية إلى حد كبير، وهو ما بدا واضحًا في عدم حصول مقاومة واضحة من طرف التنظيم ضدّ التقدم الكاسح الذي حققته طالبان في الأسابيع الماضية، حتى وصلت إلى كابول.

المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد 

ورغم أن المساعدة العسكرية الأمريكية لحركة طالبان ضد "تنظيم الدولة" قد كانت سريّة، إلا أن عدة تقارير صحفية كشفت عن حجم هذا الدعم، من بينها تقرير للواشنطن بوست في تشرين الأول/أكتوبر 2020، تحدث عن أن القوات الأمريكية "تعزّز تحرّكات طالبان ضد تنظيم الدولة"، وذلك عبر عمليات جويّة بالطائرات المسيّرة والعسكرية، والتي كان لها دور كبير في منح الأفضلية لطالبان في عملياتها ضد التنظيم.

وعلى الرغم من عدم تصريح القيادات العسكرية الأمريكية بحجم هذا الدعم ونطاقه، والادعاء بأنه "دعم محدود للغاية" بحسب تصريح قائد القيادة الوسطى الجنرال فرانك ماكينزي في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، إلا أنه، وبحسب تقرير البوست، فإن الفريق المكلف بمهام دعم طالبان جويًا داخل قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية، يُعرف داخليًا باسم "قوات طالبان الجويّة"، وهي تسمية غير رسمية بين أفراد الوحدة، وفق ذات التقرير. وفي حين لم يكن في تلك الفترة تواصل مباشر مع قيادات طالبان للتنسيق معها بشأن عمليات ضدّ تنظيم "ولاية خراسان"، اضطر هذا الفريق إلى إنشاء وحدة استخبارية خاصة لمتابعة تلك العمليات وتقديم الدعم الجوي لطالبان كلما لزم.

ويتألف الجناح الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية، المعروف باسم "ولاية خراسان"، من مقاتلين محليين من كونار والمناطق المحيطة بها، ولا يشكّل المقاتلون الأجانب نسبة مؤثرة منهم. وبينما انضمّ البعض إلى تنظيم "ولاية خراسان" لدوافع أيديولوجية، إلا أن الغالبية انضمت إليه كفرصة لكسب المال وتحقيق التقدم، خاصة وأن تنظيم "ولاية خراسان" يقدم أجورًا عالية للمقاتلين معه.  ويعد استمرار تواجد ما يعرف باسم "تنظيم الدولة الإسلامية" في أفغانستان، أو "ولاية خراسان"، أحد الدوافع التي قد تقنع المجتمع الدولي بضرورة التعاون مع طالبان ودعمها، بما في ذلك الإدارة الأمريكية الحالية التي ترى في "تنظيم الدولة" أحد أكبر التهديدات الإرهابية لأمنها القومي، بحسب تصريحات متكررة لجو بايدن، بخلاف النظرة إلى حركة طالبان الأفغانية، غير المصنفة في قوائم الإرهاب الأمريكية.

 

ففي كلمته أمس بعد الهجوم الدامي في محيط مطار كابول، والذي راح ضحيته 13 عسكريًا أمريكيا، استبعد الرئيس الأميركي جو بايدن أن تكون طالبان متورّطة في الهجوم، كما أعرب عن قناعة إدارته بعدم وجود تعاون بين الحركة وتنظيم "ولاية خراسان". كما أكّد بايدن بأن الولايات المتحدة ستردّ على الهجوم الذي نفذته "ولاية خراسان" في الوقت والمكان المناسبين، موضحًا في الوقت ذاته بأنه ليس ثمّة مصلحة لحركة طالبان في حصول إي تأخير على تنفيذ الانسحاب الأمريكي في الوقت المعلن، وهو 31 آب/أغسطس، وأن التنسيق مع الحركة سيتواصل مع أجل إتمام عمليات الإجلاء. 

 ترى العديد من الدول، من بينها روسيا والصين وإيران، بأن طالبان قد تكون ضامنًا للاستقرار في أفغانستان

كما ترى العديد من الدول الأخرى، من بينها روسيا والصين وإيران، بأن طالبان قد تكون ضامنًا للاستقرار في أفغانستان، وهو ما دفع قيادات هذه الدول للإعلان عن عزمها إعادة فتح سفاراتها في كابول بعد إتمام الانسحاب الأمريكي.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مقتل 12 جنديًا أمريكيًا على الأقل في هجوم مطار كابول

المشاورات مستمرة بشأن طبيعة نظام الحكم الجديد في أفغانستان

بعد عقدين من الاحتلال الأمريكي.. ما مستقبل القطاع الصحي في أفغانستان؟