07-مايو-2017

حمدين صباحي خلال انتخابات الرئاسة الماضية (محمد الشهيد/ أ.ف.ب)

"هذا يوم للأمانة، اليوم الذي نتوحد به معًا مؤمنين بحق هذا الشعب العظيم في أن يستكمل ثورته المغدورة، ثورة 25 يناير"، بهذه الكلمات بدأ حمدين صباحي المرشح السابق لانتخابات الرئاسة المصرية، خطابه الحماسي في المؤتمر الذي عُقد صباح الجمعة 5 أيار/مايو 2017، ليعلن اندماج حزب الكرامة مع التيار الشعبي، كخطوة أولى من أجل توحيد الصف والاصطفاف الوطني، لأجل تأسيس جبهة وطنية، بهدف اختيار مرشح رئاسي توافقي لمواجهة النظام الحالي، أو كما أشار.

من يدعم حمدين صباحي؟

يشتهر حمدين صباحي بخطابه القريب الشعبوية، الذي يُشعل حماسة المؤيدين له، وهو ما كان، إذ اعتمد صباحي في خطابه على جمل رنانة تمس المشاعر الثورية، وتوقد الذكريات. وقد حضر المؤتمر عدد من الأسماء التي لاحت في أفق المشهد السياسي خلال السنوات الأخيرة، وكان أبرزها هشام جنينة الرئيس الأسبق للجهاز المركزي للمحاسبات، وكذا المخرج السينمائي خالد يوسف، والقيادي العمالي سابقًا، ووزير القوى العاملة سابقًا أيضًا، كمال أبو عيطة. 

يعتمد صباحي في خطبه على الأسلوب الشعبوي، واستخدام الجمل والتعبيرات الرنانة

والأول هو مستشار مصري كان يرأس الجهاز المركزي للمحاسبات، واشتهر بالنزاهة ومكافحة الفساد، قبل أن يُطاح به من منصبه، ثم يلاحق جنائيًا على خلفية صراع سياسي، وذلك بتهمة "بث أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالاقتصاد المصري وتكدير السلم العام"، وذلك بسبب إعلانه عن حجم الفساد الموجود داخل مؤسسات الدولة المصرية، بما فيها المؤسسات السيادية، الذي وصل حجم الفساد بداخلها، وفقًا لتصريح له، 600 مليار جنيه.

اقرأ/ي أيضًا: غير المغضوب عليهم.. ولا هشام جنينة

ويُذكر أن هشام جنينة قد قال في وقت سابق، إنه من الممكن أن يترشح للرئاسة، ولكن يُرجح أنه بظهوره إلى جوار حمدين صباحي في مُؤتمره، قد تخلى عن فكرة الترشح في مقابل دعم حمدين. وعلى كل ستكشف الأيّام عمّا إذا كان سيترشح هو أم حمدين، أو أيهما سيكون "المرشح التوافقي"، بالتعبير الذي ساد في كلمات المؤتمر.

أمّا الثاني وهو خالد يوسف، فقد كان أحد أبرز الداعمين لصباحي في حملته الانتخابية في أول انتخابات بعد ثورة يناير، كما كان أحد الداعمين لأحداث 30 حزيران/يونيو، حتى وصل الأمر إلى أنه كان المخرج الخاص للقوات المسلحة في تصوير وإخراج مقاطع فيديو لتجمعات المتظاهرين الداعمة للجيش المصري في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية. وكان أيضًا أحد الداعمين لفض اعتصام رابعة، وقال في تصريح له إن "الدولة المصرية في مواجهتها مع هذه البؤرة الإجرامية المسلحة التي كانت موجودة في ميدان رابعة العدوية، كانت تتمنى أن هذا الميدان ينفض دون إراقة نقطة دماء، وأنا شاهد على ذلك".

والثالث، كمال أبو عيطة، فهو القيادي العمالي، صاحب التاريخ النضالي الطويل في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. ومع أحداث 30 حزيران/يونيو أعلن دعمه وتأييده الكامل لإسقاط الرئيس الأسبق محمد مرسي، حتى أنه شارك في أوّل حكومة عقب إسقاط مرسي، وهي حكومة حازم الببلاوي، كوزير للقوى العاملة.

اقرأ/ي أيضاً: بعد ثورة يناير في مصر: إلى أين انصرف رموزها؟

ما الذي قد نتعلمه من تاريخ صباحي؟

"الرجل لا يكل ولا يمل"، قد تكون هذه الجملة الأكثر تعبيرًا عن حمدين صباحي، فهو شديد الإصرار على الوصول إلى كرسي الرئاسة، ببراغماتية واضحة يغلفها بخطاب حماسي رنان. 

وحين اتفقت كثير من القوى الوطنية المدنية على ترشيح عبدالمنعم أبو الفتوح في أول انتخابات رئاسة عقب الثورة، خالف حمدين صباحي الجميع، وأصر على خوض السباق الانتخابي، ليتهمه البعض بتفتيت الأصوات.

يُؤخذ على حمدين صباحي أيضًا دعمه لمجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ثُمّ مشاركته في انتخابات الرئاسة اللاحقة عليها التي رأى معظم الطيف المعارض أنها تضفي شرعية على نظام قمعي. 

بعد ذلك يظهر إلى جوار السيسي في عدة مواقف، كافتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة، التي كلفت 64 مليار جنيه من أموال المصريين دون فائدة اقتصادية حقيقية حتى الآن.

وبعدها يختفي حمدين صباحي عن المشهد السياسي كأن لم يكن، قبل أن يظهر في المؤتمر الأخير بخطبة حماسية جديدة يعارض فيها النظام، الذي وقف إلى جواره ودعمه كثيرًا، وكان سببًا هامًا في إعطائه صبغة شرعية.

هذا ويُؤكد محمد سامي رئيس حزب تيار الكرامة، على أن ترشح حمدين صباحي أمام السيسي كان مجرد ديكور، بقوله إن لديهم "وعيًا وإدراكًا لمسألة المنافسة الانتخابية، وأن هناك معركة انتخابية الهدف منها الفوز، وأخرى الهدف منها الدفع بالمنافس لكي يكون له برنامجًا واضحًا"، مُؤكدًا أن "صباحي لم يكن واهمًا أو ساذجًا لكي يظن أنه سيفوز بالانتخابات في ظل الظرف السياسي حينها، بالإضافة لظهور مصر بشكل غير لائق وانتخابات غير ديمقراطية إذا ترشح السيسي وحده دون منافس"، أو كما قال.

بعد هذا يشدد حمدين صباحي بحماسة بالغة على ضرورة "تغيير النظام الفاشل العاجز"، الذي سبق وأن دفع لصعوده، مُؤكدًا على أن "نظام السيسي بات خطرًا على الدولة المصرية، وأنه امتداد لنسخة أكثر سوءًا من نظام مبارك"! 

حمدين صباحي "من تاني"

تباينت ردود الأفعال بعد هذا المؤتمر وبعد تصريحات حمدين صباحي بضرورة تأسيس جبهة وطنية لاختيار رئيس توافقي، فيراه البعض تكرارًا للماضي، ومحاولة فاشلة لصباحي كي يبيّض وجهه، أو أن يعود إلى المشهد السياسي من جديد كمعارض قوي للنظام. ويرى البعض أن إعلانه عدم الترشح للرئاسة ودعم المرشح التوافقي، مجرد خداع يسعى من خلاله لأن يكون هو نفسه المرشح التوافقي. وفي المقابل يفترض البعض حسن النوايا، مطالبين بالنظر إلى متن الخطاب بغض النظر عن صاحبه، رافعين شعار "يُعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال"!

الكثير من ردود أفعال الشباب الثوري، جاءت معارضة لحمدين صباحي لعدم ثقتهم فيه

ومن جانبه وصف الصحفي خالد البلشي، عبر صفحته على فيسبوك، الطرح الذي قدمه حمدين صباحي بـ"الرومانتيكي غير القابل للتحقيق"، قائلًا: "إننا مطالبون باختيار هيئة أوصياء لكي تنتقي لنا مرشحًا رئاسيًا، وهذا يفتح الباب لأسئلة متعلقة بطبيعة الهيئة وشروط اختيارها وحدود القوى المحسوبة على الثورة".

اقرأ/ي أيضًا: عن جماعة إثارة القلق حول السيسي

وفي رد فعل لا يُستغرب منه، طالب الممثل والإعلامي تامر عبدالمنعم، المعروف بتأييده الشديد لنظام مبارك ومعاداته للثورة، بالقبض على حمدين صباحي لأنه "يحرّض على قلب نظام الحكم"، حسبما قال.

وجاءت ردود أفعال الكثير من الشباب من الوسط السياسي والثوري، معارضة لحمدين صباحي، بسبب تاريخ الرجل وعدم ثقتهم فيما يقدمه، وليس اعتراضًا على فحوى خطابه على وجه التحديد، بل إن بعضهم ذهب إلى الموافقة على مضمون الخطاب والتمسك بكل ما يدفع نحو فتح المجال العالم مرة أُخرى، على أن يكون حمدين صباحي خارج الصورة. ولا يعني ذلك بالضرورة أنه ليس للرجل مؤيدون وجمهور لخطابه، من بين صفوف المعارضة المصرية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نظام السيسي.. الجدار الورقي

تمديد السيسي لنفسه.. اسأل عن التوقيت!