30-ديسمبر-2016

لقطة من فيلم لف ودوران

وصلت حصيلة الأفلام المصرية المنتجة في عام 2016 إلى 40 فيلمًا، وهو رقم جيد مقارنة بالأحوال الاقتصادية الكارثية التي تعصف بقطاع كبير من المصريين، وألقت بظلالها على صناعة السينما بشكل عام. ربما يكون الرقم دليلًا على حالة من "الصمود السينمائي" وسط مناخ اقتصادي راكد وغضب شعبي من الغلاء الذي يطال كل شيء تقريبًا، حتى وصل إلى أسعار تذاكر السينما، لكنه أيضًا ربما يكون مؤشرًا على تردّي المنتج السينمائي المصري ولجوء المنتجين إلى تمويل إنجاز أفلام سهلة الانتشار ومضمونة الربحية، ناهيك عن إشارة البعض إلى دخول بعض رجال الأعمال إلى مجال الإنتاج السينمائي كنوع من عمليات غسيل الأموال.

وصلت حصيلة الأفلام المصرية المنتجة في عام 2016 إلى 40 فيلمًا

رغم كل ما سبق، يبقى أن 2016 كان عامًا ناجحًا ومبشرًا لصناعة السينما المصرية، على الصعيدين النقدي والتجاري، سواء بأفلام مستقلة مميزة شاركت في مهرجانات عالمية أو بأفلام تجارية حققت أرباحًا قياسية، حتى أن بعضًا من أنجح أفلام العام المنصرم تجاريًا حققت ضعف إيرادات أفلام العام الماضي مجتمعة. والملاحظة اللافتة لهذا العام هو عودة الأفلام الكوميدية لاحتلال قمة الإيرادات، بعد عامين شهدت هيمنة أفلام الجريمة والحركة على حركة شباك التذاكر، ممثلة في فيلمي "الفيل الأزرق" و"الجزيرة 2" في 2014، و"شد أجزاء" في 2015.

اقرأ/ي أيضًا: "20 سبتمبر".. وهم الحب الأول هو الأخير!

وبحسب البيانات المتاحة، فإن أعلى 10 أفلام تحقيقًا للإيرادات في شباك التذاكر المصري بلغ إجمالي إيراداتها نحو 204 ملايين جنيه، منها نحو 154 مليونًا من نصيب 8 أفلام كوميدية، هي حسب ترتيب الأعلى إيرادًا: "لف ودوران" من بطولة أحمد حلمي، بإيرادات وصلت إلى 42 مليون جنيه، ليصبح الفيلم الأعلى تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية، ثم يأتي بعده فيلم "جحيم في الهند" بطولة محمد إمام وياسمين صبري ومجموعة من الممثلين الكوميديين الشباب، ووصلت إيراداته حوالي 32 مليون جنيه، أما فيلم الأكشن الكوميدي "أبو شنب" بطولة ياسمين عبد العزيز، فقد بلغت إيراداته 17 مليون جنيه، وهو رقم يقترب من الإيرادات التي حققها فيلمي الكوميديا الفانتازية "كلب بلدي" لأحمد فهمي، وكوميديا المغامرات والجريمة "أوشن 14"، وكلاهما حقق إيرادات بلغت نحو 16 مليون جنيه. أما فيلم "حسن وبقلظ" بطولة علي ربيع وكريم فهمي فقد بلغت إيراداته 11 مليونًا ونصف المليون جنيه، بينما لم يتمكن فيلم الزوجين إيمي سمير غانم وحسن الرداد "عشان خارجين" تجاوز حاجز الـ 10 مليون جنيه، فيما توقفت إيرادات فيلم "حملة فريزر" بطولة هشام ماجد وشيكو عند 8 ملايين جنيه محتلًا المركز الأخير في قائمة "العشرة الكبار".

وبعيدًا عن الكوميديا، فقد استطاع فيلمان غير كوميديين التواجد في قائمة الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات في 2016، وهما فيلم "هيبتا: المحاضرة الأخيرة"، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب محمد صادق حققت رواجًا لافتًا بين فئات الشباب والمراهقين، وقد احتل الفيلم المركز الثالث في شباك التذاكر بإيرادات بلغت نحو 27 مليون جنيه، أما فيلم الإثارة والجريمة "من 30 سنة" بطولة أحمد السقا ومنى زكي فقد احتل المركز الرابع بإيرادات بلغت نحو 23 مليون جنيه.

يُشار إلى أن تصدّر فيلم أحمد حلمي لإيرادات 2016، جاء بعد فشل آخر أفلامه "صنع في مصر" قبل عامين، قبل أن يعاود أدراجه إلى أرض سينما "الرومانتيك كوميدي" بفيلم خفيف لا يقول شيئًا تقريبًا، صالح للمشاهدة العائلية ومُتبَّل بعدد من نجوم الكوميديا متفاوتي الأعمار، دنيا سمير غانم وميمي جمال وصابرين وجميلة عوض وبيومي فؤاد، الذين أضافوا طابعًا عائليًا للفيلم الذي شهد موسم عيد الأضحى إنطلاقته في صالات السينما المصرية. كما تجدر الإشارة إلى أن فيلم "جحيم في الهند" سجّل أعلى إيراد يومى فى تاريخ السينما المصرية، وذلك بعدما وصلت الإيرادات 4 ملايين و180 ألف جنيه، ليكسر الرقم الذى كان مسجلًا من قبل باسم فيلم محمد رمضان الأخير "شد أجزاء" وحقق حينها 4 ملايين و60 ألف جنيه.

أغلب إيرادات الأفبلم المصرية، في 2016، جاءت من مواسم الأعياد التي تعتمد على الأفلام الكوميدية 

ويلاحظ أن أغلب هذه الإيرادات جاءت من مواسم الأعياد فقط، وهي المواسم التي تعتمد على الأفلام الكوميدية بشكل شبه حصري، وأربعة من هذه الأفلام عُرض  في عيد الأضحى، وهي "لف ودوران" و"كلب بلدي" و"عشان خارجين" وحملة فريزر"، وثلاثة منها عُرض في عيد الفطر، وهي "من 30 سنة" و"أبو شنب" و"جحيم في الهند"، أما أفلام "هيبتا" و"حسن وبقلظ" وأوشن 14" فقد عرضت خارج سباق الأعياد، ولكنها استطاعت تحقيق إيرادات جيدة لأسباب متنوعة، منها رواج أغنية شعبية كما في حالة "أوشن 14" أو حالة الهوس المسيطرة على عدد كبير من الشباب برواية "هيبتا" أو النجومية الحالية لعلى ربيع، أحد أفراد فرقة "مسرح مصر"، بطل فيلم "حسن وبقلظ".

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "الحالمون".. الثورية الحالمة وسذاجة المثالية

واللافت أيضًا هو عدم قدرة أي من الأفلام الدرامية الجادة التواجد في قائمة العشرة الأكثر تحقيقًا للإيرادات، وهذا يشمل أفلام "اشتباك" لمحمد دياب، والذي افتتح قسم "نظرة ما" في الدورة الأخيرة من مهرجان "كان" السينمائي قبل أن ينزل الصالات المصرية، إبان الذكرى الثالثة لفض اعتصام جماعة "الإخوان المسلمون" بميدان رابعة العدوية بالقاهرة، وفيلم نوَّارة" للمخرجة هالة خليل وبطولة منّة شلبي، وفيلم "الماء والخضرة والوجه الحسن" ليسري نصر الله. وإذا كانت قتامة موضوعات فيلمي "اشتباك" و"نوّارة" سببًا مفهومًا لإحجام الجمهور عن دخولهما بكثافة، فإن الأمر اللافت كذلك هو عدم تحقيق "الماء والخضرة" مليون جنيه إيرادات، رغم احتوائه على نجوم بحجم ليلى علوي ومنة شلبي وباسم سمرة.

وفي النهاية، لا يفوتنا الإشارة إلى تفرّد الحالة المصرية بغياب الأرقام الرسمية عن حصيلة شباك التذاكر، على عكس ما يحدث في كل دول العالم الأخرى، فأحيانًا تكون الإيرادات المعلنة مبالغًا فيها لأسباب دعائية، ولكن أغلب الظن أن الأرقام عاليه صحيحة، فهي تبدو متوافقة مع الاتجاه الذي يذهب إليه ذوق الجمهورالمصري، وهو ما تتمّ ترجمته في سيطرة الكوميديا على الساحة حاليًا  كردّ فعل طبيعي لحاجة الجمهور إلى تعويضه عن الأزمات الحياتية المتتالية.

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم أماركورد (1973): هيّا نضحك على الفاشية

9 وثائقيات تناولت الحرب السورية