26-فبراير-2018

فرقة لطفي نهو

شهدت الفترة الفاصلة ما بين سنتي 2005 و2015 في الجزائر، وثبة مسرحية لافتة للانتباه. من زاوية كثرة المهرجانات المسرحية والأوراش التكوينية، والفرص التي استضيفت فيها فرق عربية وغربية، واهتمام الإعلام بالفعل المسرحي، وانتشار ثقافة تأسيس الجمعيات والتّعاونيات المسرحية، التي كانت تتلقّى الدّعم من المؤسسات الحكومية والمدنية.

شهدت الفترة الفاصلة ما بين سنتي 2005 و2015 في الجزائر، وثبة مسرحية لافتة للانتباه

أدّى هذا الواقع، الذي خلف الواقع المسرحي البائس في سنوات العنف والإرهاب، إلى ظهور مئات الشّباب الشغوفين بممارسة المسرح، وانخراطهم في عشرات الأعمال والمبادرات، التي نقلت المشهد المسرحي الجزائري، من مقام الركود إلى مقام الحركة، ومن مقام اليأس إلى مقام الانطلاق، ومن مقام الشيخوخة إلى مقام التّشبيب.

اقرأ/ي أيضًا: شباب جزائريون انتشلهم المسرح من الضياع

لكن ما أن تعرّضت أسعار النّفط إلى الهبوط في الأسواق العالمية، قبل سنتين، حتى بدأ الدّعم المالي، الذي كانت تحظى به المبادرات والجمعيات والمهرجانات المسرحية في الاختفاء، بما وضع هؤلاء الشّباب أمام خيار الانسحاب أو خيار التأقلم مع الوضع الجديد ومواصلة التحدّي.

من مظاهر هذا التحدّي، الذي خاضته نخبة من الشّباب المسرحيين الجزائريين، تأسيس فرقة تقدّم عروضًا في منابر مختلفة، ليعود شطر من ريعها إلى المرضى والمحتاجين من المسرحيين، فيما يذهب الشّطر المتبقّي إلى المساهمة في التكفّل بالحاجات اليومية لأعضاء الفرقة، في ظلّ بطالة بعضهم ودراسة بعضهم في الجامعات.

ما يثير الانتباه في هذه الخطوة، أن أعضاء فرقة "لطفي نهو" ينحدرون من مدن متباعدة جدّا. مع ذلك فهم يلتقون على حسابهم الخاص، ويقدّمون عروضهم التّضامنية في دور الشباب والثقافة والإقامات الجامعية، على مدار أيام معينة، ثمّ يعودون إلى مدنهم من جديد. فالممثل مهدي حاجّي، على سبيل المثال، يقيم في مدينة البيّض، 700 كيلومتر إلى الغرب من الجزائر العاصمة، ومصطفى سرير في مدينة سيدي بلعبّاس، 500 كيلومتر غربًا، وعبد القادر صدّيقي في مدينة بشار، 1200 كيلومتر جنوبًا، وحمزة وزّاني، 100 كيلومتر جنوبًا.

يقول الممثّل مهدي حاجّي لـ"الترا صوت" إنهم كانوا يلتقون في المهرجانات المسرحية المختلفة، ويتواصلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، "ولاحظنا أن الدّعم الحكومي للمسرح بدأ في التّراجع بحجّة التقشّف، ممّا أثر في الإنتاج وفرص حصول الممارس المسرحي على المال، فقرّرنا أن نبعث فرقة حرّة، نمارس من خلالها الفنّ الذي نحب، ونتدبّر المال لنا ولمن يحتاجه من الفنانين المسرحيين".

يضيف مهدي حاجّي: "نحن شباب أصحّاء وفنّانون مؤمنون بالمسرح، وليس معقولًا أن نستسلم للواقع البائس، ونغرق في الشّكوى وانتظار الدّعم من حكومة كانت الثقافة أول حقل طبّقت عليه سياسة التّقشف. الجزائر طويلة وعريضة واستعداد الناس فيها كبير لمشاهدة الفن المسرحي، خاصة الفكاهي منه، وعلى المسرحي الجزائري الشاب أن يستغلّ هذا المعطى ويستثمر فيه". يختم: "إذا خسر الفنان روح المبادرة، تحوّل فنه إلى عبء عليه".

 

اقرأ/ي أيضًا:

المسرح الفكاهي يسترجع مهرجانه في الجزائر

أحمد رزّاق.. في هموم المسرح الجزائري