17-أكتوبر-2015

المؤتمر الثاني لشباب النهضة بالجامعة(فيسبوك: الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي)

بين تقييم أنشطته منذ مؤتمره التأسيسي بعيد الثورة وطرح مشاريعه وبرامجه في علاقته بالحياة الجامعية، يناقش فصيل "شباب النهضة بالجامعة" لوائحه، في مؤتمره الثاني المنعقد بتونس العاصمة هذه الأيام، تحت شعار "من أجل حركة طلابية واعية ومناضلة". ويمثل "شباب النهضة بالجامعة" الفصيل الطلابي لحزب حركة النهضة الإسلامية، المشاركة في الائتلاف الحاكم.

يمثل "شباب النهضة بالجامعة" الفصيل الطلابي لحزب حركة النهضة الإسلامية، المشاركة في الائتلاف الحاكم

وقد أشرف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على افتتاح المؤتمر برفقة قيادات من الحركة فضلًا عن حضور ممثّلي حركات شبابية من الجزائر والمغرب والسودان والصين الشعبية. ويمثّل الفصيل الطلابي للنهضة أحدّ أهمّ الفصائل الحزبية الناشطة في الجامعة، بالتوازي مع ضعف الحضور الشبابي الطلابي لحركة نداء تونس، أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم، غير أن الحضور الحزبي الطلابي بسيط، ظاهريًا، أمام حجم النشاط النقابي الطلابي المسيطر على الحياة الجامعية بصفة عامة.

اقرأ/ي أيضًا: لا تغير جذري بعد الثورة في نقابات طلاب تونس

حول رهانات هذا المؤتمر مقارنة بالمؤتمر التأسيسي قبل سنتين، أكد محمد أمين سعيداني، رئيس مجلس الجامعة لشباب النهضة بالجامعة لـ"ألترا صوت": أن "المؤتمر الأول لم يكن إلا مؤتمرًا تأسيسيًا لتثبيت موقع النهضة في الجامعة فهو عمل أقرب للهواية ورد الفعل، في المقابل يمثل المؤتمر الثاني مناسبة لعمل منظم ومهيكل لتحقيق الرهانات المنشودة". وعن دور الفصيل في الجامعة التونسية، يضيف محدثنا أن "وجود شباب النهضة بالجامعة إثبات لخيارات معينة طلابية وسياسية وثقافية ولتكوين إطارات الحركة في المستقبل".

ودائمًا ما تُصوّر الهياكل الشبابية الحزبية في تونس كهياكل "تجميلية" أو"ديكور" ملحقة بجهاز الحزب، ما يجعل المساهمة الشبابية الطلابية في القرار الحزبي السياسي هامشية وضعيفة. وهو ما لم ينفه محمد أمين، خلال حديثه لـ"ألترا صوت": "لا تولي الأحزاب أهمية لشبابها الذي يلعب أدوارًا ثانوية في إطارها في الكثير من الأحيان".

وكان مسؤول العمل الطلابي بالفصيل الطلابي لحزب حركة النهضة هشام العريض، وهو نجل القيادي ورئيس الحكومة السابق علي العريض، قد صرح إثر سؤال عن حدود تدخل الحزب في نشاط الفصيل الطلابي: أن "الفصيل الشبابي يستلهم مرجعيته من أدبيات الحركة ويرسم خياراته في قياداتها وقراراتها". وبذلك يظهر بوضوح الاشتباك العميق بين الحزب وملحقه الشبابي الذي يبدو غير مشاكس ومبارك لخيارات القيادة السياسية.

تُصوّر الهياكل الشبابية الحزبية في تونس كهياكل "تجميلية" أو "ديكور" ملحقة بجهاز الحزب

قبل انطلاق المؤتمر بيومين، زار وفد من شباب النهضة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، وقد لا يكون تزامن الزيارة مع انعقاد المؤتمر الثاني للفصيل الطلابي مصادفة. فقد مثّلت هذه الزيارة مؤشرًا على دعم الفصيل الشبابي للنهضة لخيار قيادة الحركة في التحالف مع حزب نداء تونس، والذي يعتبره كثيرون واجهة للنظام السابق. وكانت الزيارة قد أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.

في الجامعة التونسية، يتم الربط عادة بين الفصيل الطلابي لحركة النهضة والمنظمة النقابية الطلابية "الاتحاد العام التونسي للطلبة"، لاشتراكهم عادة في جمهور الطلبة الإسلاميين. وفي هذا الإطار، تحدث محمد أمين سعيداني، عن "وجود عمل وتنسيق مشترك بين الطرفين"، لكن طالما نفت قيادات الاتحاد العام التونسي للطلبة هذه العلاقة.

وينشط بالجامعة التونسية، أيضًا، الاتحاد العام لطلبة تونس، وهي المنظمة النقابية المدعومة من الفصائل الحزبية اليسارية الناشطة في الجامعة على غرار شباب حزب العمال. وعليه، لا تبدو المنظمتان النقابيتان الرئيسيتان في الجامعة التونسية، الاتحاد العام التونسي للطلبة والاتحاد العام لطلبة تونس، إلا كهيكلين يشتركان في ذات الهدف وهو الدفاع عن مصالح الطلبة، فيما يختلفان في هويتهما الأيديولوجية.

يتم الربط عادة بين الفصيل الطلابي لحركة النهضة والمنظمة النقابية "الاتحاد العام التونسي للطلبة"

وبذلك، يتشابك العمل النقابي الطلابي مع العمل الحزبي في الجامعة التونسية. فيكون للإسلاميين نقابتهم، ولليساريين نقابتهم، وهو أمر يحتفي به البعض تحت مسمى التعددية النقابية، غير أنه قد لا يخفي إلا حالة احتواء للعمل النقابي من العمل الحزبي وهو ما قد لا يخدم المطالب النقابية الحقيقية للطالب التونسي.

في الأثناء، تتواصل أشغال مؤتمر شباب النهضة بالجامعة على مدى ثلاثة أيّام، سيتمّ خلالها تقييم مرحلة ما بعد التأسيس، وبلورة خياراته في الفترة القادمة ورسم خططه، إضافة إلى انتخاب قيادة جديدة. وعمومًا لا يُنتظر أن ينتهي المؤتمر إلى مشاريع وقرارات مغايرة لما عُرف عنه وما خططته قيادات الحركة، سواء فيما يتعلق بالجانب المضموني أو بالقيادة التنظيمية.

هكذا، يتجدّد الفصيل الطلابي للنهضة في ساحة جامعية يغيب عنها المسرح الجامعي والملتقيات الجامعية الطلابية، ساحة لا مجال فيها إلا للصراعات بين الفصائل الحزبية على وقع مستجدّات الساحة السياسية، وفي ظلّ هيمنة العمل الحزبي والأيديولوجيا على حساب العمل النقابي الصّرف.

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعة التونسية..تاريخ من النضال والصراع

التوظيف السياسي للمدارس.. مجددًا في تونس

طلاب تونس وحلم الجامعة الخاصة