28-يناير-2022

لوحة لـ زبيغنيو ماكوفسكي/ بولندا

بعينين جائعتين

التهمتُ ما ظنني الآخرون أُغذّيه

هكذا أسرفت في النظرات

تحدث مرة واحدة

ثم لا تعود.

بكت الصغيرة قبل أيام

رفعت رأسها إلى السماء

الدموع تساقطت من عينيها

وشرع عنقها بالبكاء

شاهدت ذلك بصمت مطبق

متناسية ما يحدث حولي.

تلك حياتي

عرفتُ بها كيف تُكتب الأحاجي

وتصاغ من الحقيقة الألغاز،

بينما أتحدث عن نفسي

يظنني الآخرون أقصدهم.

*

 

أريد زهرة على عنقي

على الجزء الخلفي منه تحديدًا

على النقطة الرائجة لتجديد الطاقة

ولتكن زهرة زيتون

خلابة

ومتواضعة،

شائعة

ولا يعرفها أحد

رأيتها العام الماضي عن قرب

كأنني أفعل ذلك لأول مرة

كانت الريح تفرشها

على الأرض والأسوار.

أريد زهرة موشومة

على الجزء الذي تصعب رؤيته

تنوب عن لساني

في التعريف عن نفسي

إذا غادرت،

وعن حاجتي للزينة

إذ تطوقني.

*

 

هذه المرة سأذوب

سأدخل الحب امرأة

وأخرُج منه زيتًا أو وقودًا.

سأنسكب إن كان ينبغي عليّ أن أفعل

أَحجُب الشمس إن شئت

أُؤَجل الضوء

اختبرت ما هو أكثر أمنًا من الصلابة يا حبيبي

أرسخ حيلة وأشد بقاء

يرقّ صوتي كلما تذكرتك،

يلين جذعي

برفق ينحني

عن قلبي يذود.

*

قلبي هادئ

وعيناي مشدوهتان

أشير إلى الخصوبة في التراب

إلى البشائر في السماء

إلى الأنين في اللمسات

إلى الوحشة في النظرات.

كل شيء يتحدث بلغته

ورأسي في الأعالي صافٍ

يصغي

ولا يملّ

أنادي الأشياء

الثمرة التي لا تُطال، أن تهدأ

الشمس التي تحرق، المغفرة

الحب الذي يتأرجح، في التمادي

أن يصيّرني

بخارًا

أو جليدًا.

أمي الأرض

وثلاثة أرباعي ماء.

*

 

لنعد من حيث أتينا

إن كان يحمل هذا المسير

عودة ما

غبارًا

أو ذرات

مثلما يكبر الناس

مثلما يرجعون لقالق وذئاب

مثلما يغمرهم الأسى

أو تمنحهم الرغبة؛

حنينا لإيقاده

هالني كيف للحب أن ينتهي

والنظرة البراقة

كيف لها أن تنطفئ

خرجت باحثة عن بيتي هذا الصباح

وتقاسمت فطوري

مع حيوان جائع.

*

 

كل شيء قرب المدفأة يشتعل

الوجوه

وأطراف الثياب،

‏وفي المدى

‏على لحن مذياعي

‏‏تمايلت الأشجار.

‏تعرفني الريح

‏والكائنات

‏وكل شيء في الوجود لأجلي

‏الدروب عبرتها بعينيّ

والنوافذ تُطل على ما أريد.

*

 

فصيلة دمي

AB+

يقولون إنها فصيلة بخيلة

تأخذ من الجميع ولا تعطي أحد

لذا تجنبت مناداتك بـ دمائي

لعل في الأمر شتيمة ما.

لكنني كلما جلست طويلًا

مرفقي مغروس في فخذي

ورأسي ملقى بين كفيّ

أتراجع عما سبق

أقول: لعله حقا دمي

يشعرني غيابه بالخدر

ومجيئه اذ يتدفق

بالرجفة.

*

 

تعال نكمل ما بدأناه

‏في الليل الموحش

‏نجلس قبالة حياتنا الغريبة

‏التي فقدناها

‏نصمد كالآخرين

‏نحن تربة الله الجافة

‏نشرب كل شيء

‏ونتغذى على الإهمال

تعال نعقد صفقتنا هذه

قرب النهر

لتكون السمكة التي لا تغمض

الشجرة التي لا تظمأ

‏التربة التي لا تجف

‏الحجارة التي لا تخدش

‏الخرير الذي يشي بالوداع

‏لتكون الطيور الحرة

‏والكائنات الهانئة في جحورها

‏ دون إرادة منهم

‏شهودًا طيبين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحيوانات كلمات الطبيعة

رجل بلا رأس