11-نوفمبر-2018

الياس الزيات/ سوريا

1

رجلٌ يخرج من بطنهِ سجّادة قديمة، يبثّها شكواه، ينطوي.

امرأةٌ تلتفّ بذنب قِطٍّ أسود، تتلاشى، تنهّدها ينوس حول عتمةِ المكان.

الجوع رمحٌ مغروزة، تترصّد الوقت.

سبع سماوات لِقبّة واحدة، سبع أراضٍ لخطوة واحدة، سبع جِهات، لِمزولة واحدة، وقراءة واحدة للكتابات السّبع.

 

2

يقول الصّباح:

أنا ريشةٌ مبرِيّةٌ في تحسّرِكم

المدى دفتري

الحبر دمكم

 

تقول الرِّيح:

أنا رِئةٌ والجهات كتابة

أعرف كلّ اللّغات

وأقرأ في ملامِحكم

رجم الكتابة

أوراقكم رملٌ

وقلوبكم مِمحاة.

 

3

يا أمير البرِّ والبحر

نحن جِهاتك

وسِّع خطاك بنا..

 

أحنى المدى سلّمه.

عبداً لمن أقفله.

 

4

أدار قناديل عينيه، أدار الفلك

بين يديه، وقال:

الخطوط تتشابك

والطّرقات قوافِل تاهت..

الكلام يشقّ المساء إلى فرسين

فرسٌ تشيل السّواد

تجوب البلاد

وفرس مربوطةٌ ههنا

وأشار إلى عشبة في لِساني

 

وكان الملك

يترجّل عن حدِّ سِكِّينِهِ نحونا.

 

5

يا سيِّد المائدة

من سوى الموت يساوي بيننا؟

لا لون لي

لك البنفسج كلّه

لا أرض لي

لك النّار الهامِدة.

 

أسيرك منذ بدأنا

أسير على وتر القول

لا أنا حائِدٌ.. لا أنت تقول

إذا دقّ قلبي استنفرت جيشك

وإذا جمدت تعجّبت منِّي

في الحرب جسمي حِصانك

وقلبي لسانك

حين تجرِّد قولاً لتقطعني.

وحدك تذرعني كلّ يوم

والأبديّة عكّازة الفكرة الواحدة

 

وترنو إليّ

من فتحة في جدار المقبرة

كي تطمئِن عليّ.

 

6                       

الزّمن الذي ثقب جمجمة السّماء، افتضّ كتب الحكمة، تمخّط في الوصايا، علّق القمر في المتحف كحذوة عتيقة، ورمى المجرّة على سقف نيويورك.

الزّمن الدّائري كإله، المستقيم كفتكٍ أبديٍّ، الهرِم كبحر يشرف على الموت، العاتي كشهوة تدخل من الحائط، الشّرس كمقبرة تستيقظ جائعة، الشّريف كسوسة تنخر عرشًا.

الزّمن الذي جاب العالم، بِحِذائين فولاذِيِّين، وفأس شرِهة، يدخل علينا، برأس يسقط من الياقة كعار

عارٍ.. ينتبه لشوارعنا، خوفا على قدميه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شاهد عيان على حرب البسوس

حين كنا صغارًا