28-يونيو-2019

أشرف سعود القحطاني، سيد الذباب الإلكتروني، على تقطيع جثة خاشقجي، عبر سكايب (صحف عربية)

الترا صوت - فريق الترجمة

قبل دخوله على سكايب للإشراف على قتل وتقطيع جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، عُرف عن سعود القحطاني، مستشار ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد ابن سلمان، أنه المسؤول عن إدارة عمليات مواقع التواصل الاجتماعي لصالح الديوان الملكي، وكان بمثابة البوق الدعائي الرئيسي لمحمد بن سلمان. وشمل سجله أيضًا اختراق ومراقبة منتقدي السعودية ومحمد بن سلمان.

سعود القحطاني، الذراع اليمنى لابن سلمان، هو الذي أشرف على عملية قتل وتقطيع جثة خاشقجي عبر برنامج سكايب

في السطور التالية، نستعرض ملخصًا لنتائج تحقيق مُطوّل حول سعود القحطاني، وأنشطته التي جرّت عليه وعلى ابن سلمان سيلًا من الاتهامات، آخرها اتهام من الأمم المتحدة بتورط ابن سلمان في مقتل خاشقجي، عبر سعود القحطاني، الذي لم يكن ليخطو خطوة دون أمر وليّ نعمته، كما قال بنفسه في تغريدة له. التحقيق من إنتاج شبكة Bellingcat للتحقيقات الاستقصائية، ويمكن الاطلاع عليه كاملًا من هنا.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لا يتخلى ابن سلمان عن "مهندس" جرائمه سعود القحطاني؟


من التسحيج بالشعر إلى الذباب السيبراني.. من هو سعود القحطاني؟

ولد سعود بن عبد الله القحطاني في السابع من تموز/يوليو 1978 في الرياض. حصل على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، وذلك قبل أن ينضم إلى القوات  الجوية الملكية السعودية في برنامج تدريبي، ترقّى بعده في الدرجات حتى وصل إلى رتبة نقيب، ثم التحق بعدها بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وحصل على شهادة الماجستير في العدالة الجنائية.

بدأ سعود القحطاني مسيرته بالترويج للأسرة الملكية السعودية في صحف محلية، وراح ينشر قصائد "تسحيج" أو "نفاق" وطنية تحت اسم مستعار هو "ضاري". وفي بداية الألفية، عمل سعود القحطاني لدى الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي، خالد التويجري، وذلك كي يدير له جيشًا إعلاميًا إلكترونيًا مهمته تعزيز صورة المملكة، وذلك وفق تقرير نشرته رويترز.

ثم تنقل سعود القحطاني في عدة مناصب حكومية، حتى شغل منصب المستشار القانوني لمكتب ولي العهد حينها، الأمير عبد الله بن عبد العزيز في العام 2003، ثم مدير الشؤون الإعلامية لنفس المكتب في العام 2004.

في العام 2008، أصبح سعود القحطاني مدير عام مركز الرصد والتحليل الإعلامي بالديوان الملكي السعودي، وبعد ذلك بعام، انضم إلى منتدى ""Hack Forums""، باسم ""nokia2mon2"". وفي العام 2011، أنشأ حسابًا على تويتر باسم "@saudq1978".

في العام 2012، تواصل سعود القحطاني لأول مرة مع فريق "Hacking Team"، باستخدام عنوان بريده الإلكتروني (saud1978@gmail.com)، ثم تواصل معهم مرة أخرى في العام 2015، باستخدام عنوانه بريده الإلكتروني الرسمي التابع للديوان الملكي.

في كانون الأول/ديسمبر 2015، أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا بترقية سعود القحطاني إلى مستشار في الديوان الملكي برتبة وزير. بعد ذلك بستة شهور أعلن العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز عن تغييرات كبيرة في البيت السعودي، جاء على إثرها تصعيد ابنه محمد بن سلمان ليكون وليًا للعهد.

تولى سعود القحطاني العديد من المناصب الرفيعة في مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي، حتى تولى إدراته في العام 2016. واستخدم سعود القحطاني هذا المركز، والذي كان يعمل باستقلالية عن الوزارات الأخرى، ليكون قاعدة لعملياته التي هدفت لمساعدة الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان للتمكين للأخير بعد التغيرات الكبيرة التي أطاحت بأفراد آخرين من العائلة الحاكمة.

تراوحت هذه الجهود بين التعاون مع شركات علاقات عامة عالمية، من بينها مجموعة "BGRK"، وسكواير باتون بوغز (Squire Patton Boggs)، إلى حملات قمع وتهديد تضمنت عمليات خطف وتعذيب وقتل.

في ربيع عام 2017، عمل سعود القحطاني ومركزه مع قوات التدخل السريع الخاصة المعروفة باسم "النمور السوداء" التابعة للمخابرات السعودية، وذلك من أجل تنظيم عمليات خطف للمعارضين والمنتقدين، سواء داخل المملكة أو خارجها، وحجزهم في مواقع اعتقال سرية. وقد شاركت قوات "النمور السوداء" في العديد من العمليات، من بينها جريمة قتل خاشقجي.

بعد أشهر، وفي تشرين الثاني/نوفمير 2017، شارك سعود القحطاني في استجواب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والذي اعتقل في الرياض، وتعرض للإهانة والضرب وأجبر على الاستقالة.

واستمرت حملة القمع السعودية في العام 2018، وكانت أبرز ضحاياها هذه المرة عدد من الناشطات النسويات السعوديات اللواتي كن ينادين بمنح المرأة السعودية حقوقها والسماح لها بقيادة السيارات، حيث خضعت العديد منهن للاعتقال والتعذيب. ومن بين هؤلاء لجين الهذلول، التي أخبرت أخاها بأنها تعرضت لأشكال من التعذيب مثل الإيهام بالإغراق بالماء (waterboarding) والتعذيب بالكهرباء في سجن قرب جدّة. أما من أشرف على تعذيبها فكان سعود القحطاني نفسه، وذلك وفق الهذلول، التي قالت إن أحد المساعدين المقربين من ابن سلمان، كان شاهدًا على تعذيبها، ويسخر منها وهو يهددها بالاغتصاب والقتل.

توجه اهتمام سعود القحطاني إلى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل إسكات الأصوات المعارضة وتعقبها ومراقبتها، مطلقًا حملات إلكترونية ضد دول تناصبها السعودية العداء، مثل إيران وقطر وتركيا.

وفي تغريدة للقحطاني في آب/أغسطس 2017، دعا سعود القحطاني متابعيه الذين يزيد عددهم على مليون متابع، إلى استخدام وسم "#القائمة_السوداء" من أجل "فضح" أسماء وهويات المعارضين والناشطين الذين يعبرون عن تضامنهم مع قطر بعد قطع العلاقات معها.

وكان كل من يضاف إلى هذه القائمة، يتعرض للمتابعة والتضييق والتهديد، حتى أطلق على سعود القحطاني لقب "سيد الذباب الإلكتروني"، وهي العبارة التي انتشرت لوصف الحسابات الإلكترونية التي جيشها سعود القحطاني على تويتر.

سعود القحطاني

وبينما كان محمد بن سلمان يواصل تعزيز سطوته في حكم البلاد، كان سعود القحطاني يواصل بناء جيشه الإلكتروني. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، أصبح سعود القحطاني رئيس مؤسسة جديدة تابعة للجنة الأولمبية الملكية، أطلق عليها اسم "اتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات"، والتي تغيّر اسمها لاحقًا ليصبح "الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز" (SAFCSP). ويهدف هذا الاتحاد إلى "بناء قدرات وطنية واحترافية في مجال الامن السيبراني والبرمجة والدرونز، للوصول بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة في صناعة المعرفة التقنية الحديثة".

وفي شباط/فبراير 2018، غير سعود القحطاني تعريفه على تويتر ليشير إلى أنه أصبح رئيس مركز التميز لأمن المعلومات في جامعة الملك سعود، ومركز القيادة والسيطرة للأنظمة المتقدمة، مشيرًا كذلك إلى عضويته في عدد من المجالس، مثل منظمة مسك، ومدارس مسك، والهيئة الملكية لمحافظة العلا ودارة الملك عبد العزيز.

وكان أول تواصل للقحطاني مع جمال خاشقجي في أواخر 2016، حين كان الأخير يعمل في جريدة الحياة اللندنية، إذ اتصل سعود القحطاني بخاشقجي لإعلامه بأنه ممنوع من "التغريد والكتابة والحديث"، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست. قال سعود القحطاني لخاشقجي/ "ليس بوسعك فعل أي شيء بعد الآن، لقد انتهيت". وحين لم تفلح تهديدات القحطاني، بدأ جهوده من أجل إعادة خاشقجي إلى السعودية، مقدمًا وعودًا له بالتغاضي عن تجاوزاته.

في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018، كان سعود القحطاني على برنامج سكايب لمتابعة عملية تقطيع جثة خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، بعد أن أطلق عليه سيلًا من الشتائم، وأمر فريق الإعدام الذي اعتقل خاشقجي بأن يحضروا إليه "رأس الكلب". وتقدير الاستخبارات المركزية الأمريكية بدرجة متوسطة إلى عالية من الثقة، بأن محمد ابن سلمان هو الذي يقف وراء أمر القتل، حيث تبادل الأمير 11 رسالة نصية مع سعود القحطاني قبل وبعد عملية الاغتيال.

وبعد مضي 18 يومًا على الحادثة، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية السعودية بيانًا تعترف فيه للمرة الأولى بأن سعوديين تورطوا في الحادثة، وأن عملية القتل، وفق البيان، "جاءت نتيجة شجار داخل القنصلية مع خاشقجي"!

في ذلك اليوم نفسه، أي في الـ20 من تشرين الأول/أكتوبر 2018، صدر أمر ملكي بإعفاء سعود القحطاني من منصبه كمستشار في الديوان الملكي، فغرّد سعود القحطاني بعدها معبرًا عن امتنانه وشكره للملك وولي عهده، وأنه سيستمر في خدمة بلده. ثم غرد برسالة شكر لزملائه والعاملين معه في المركز وأقسام أخرى من الديوان الملكي السعودي.

بدورها أعلنت الخزانة الأمريكية، ووزارة الخارجية الأمريكية، عن عقوبات تشمل سعود القحطاني و15 شخصًا في فريق الإعدام، وذلك لدورهم في مقتل خاشقجي، إذ ورد في بيان للخزنة الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 أن سعود القحطاني كان "ضمن فريق التخطيط والتنفيذ للعملية التي أدت إلى مقتل السيد خاشقجي"، وتبعتها وزارة الخارجية الأمريكية في نيسان/أبريل 2019، حيث أعلنت أن سعود القحطاني و15 شخصًا من السعوديين متورطون في جريمة قتل خاشقجي، وبذلك يكون سعود القحطاني وعائلته المباشرة ممنوعين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية والسفر إليها.

سعود القحطاني وعالم القرصنة الإلكترونية

في عام 2012 ثم مجددًا في عام 2015، حاول شخص عرّف نفسه بالقحطاني، الحصول على أداة مراقبة تنتجها شركة برمجيات التجسس الإيطالية المثيرة للجدل "Hacking Team". وفي الخامس من تموز/يوليو 2015 كُشف عن هذه المراسلات من قبل مخترق يستخدم الاسم المستعار "فينس فيشر"، قام بسرقة ونشر حوالي 400 جيجابايت من المستندات الداخلية والأكواد البرمجية ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالشركة.

ويبدو أن أحدًا لم يلاحظ تواصل سعود القحطاني مع شركة برمجيات التجسس لسنوات، حتى يوم 29 آب/أغسطس 2017، حين ظهر حساب عربي على تويتر وبدأ بنشر مقاطع من رسائل سعود القحطاني إلى شركة "Hacking Team".

الحساب الذي استخدم المعرف "@HIAHY" وسمى نفسه "تاريخ وذكريات"، ربط أيضًا بين عناوين البريد الإلكتروني المستخدمة من قبل سعود القحطاني بالعديد من الحسابات الأخرى على شبكة الإنترنت.

وأشار الحساب إلى أن عنوان البريد الإلكتروني المستخدم من قبل الشخص الذي يسمي نفسه القحطاني، للتواصل مع شركة "Hacking Team" وهو (saudq1978@gmail.com)، واستخدم أيضًا لتسجيل حساب باسم "nokia2mon2" على موقع القرصنة الشهير ""Hack Forums"، وهو الموقع الذي اخترق في حزيران/يونيو 2011 من قبل مجموعة مخترقين يدعون "LulzSec".

وكشف تقرير آخر على موقع "Motherboard"، في آب/أغسطس 2018، عن أن مراسلات شركة "Hacking Team" المسربة، شملت عنواني بريد إلكتروني آخرين استخدما من قبل الشخص الذي يسمي نفسه القحطاني، وهما "s.qahtani@royalcourt.gov.sa" و "saudq@saudq.com".

لم يتمكن لا حساب "@HIAHY" على تويتر ولا موقع "Motherboard" من إثبات ملكية القحطاني لعناوين البريد الإلكتروني، رغم أن كليهما قدما أدلة مقنعة على أن سعود القحطاني كان هو بالفعل صاحب رسائل البريد الإلكتروني مع شركة "Hacking Team" وأنه كان صاحب حساب "nokia2mon2" على موقع "Hack Forums".

يتوسع هذا التقرير في البحث والتحقيق الذي قام به حساب "@HIAHY" وموقع "Motherboard"، ويأتي في سبعة فصول:

الفصل الأول: يلخص النتائج الأساسية للتحقيق.

الفصل الثاني: هو سيرة مختصرة ورسوم بيانية تبرز صعود سعود القحطاني للسلطة وتعرض تورطه في جريمة قتل خاشقجي.

الفصل الثالث: فيظهر ملكية سعود القحطاني لعناوين البريد الإلكتروني المستخدمة في مراسلات شركة "Hacking Team" وكذلك ملكيته لرقم الهاتف المحمول "+966 55 548 9750" الذي لم يرد سابقًا في التقارير، والذي ظهر في رسائل البريد الإلكتروني المسربة.

الفصل الرابع: يعرض بالتفصيل نشاطات سعود القحطاني على موقع "Hack Forums".

الفصل الخامس: يكشف ويحلل شبكة البنية التحتية  على الإنترنت التي استخدمها سعود القحطاني لأغراض خبيثة.

الفصل السادس: يستخدم جهات الاتصال التي أثبتت ملكيتها للقحطاني في الفصل الثالث، للكشف عن مزيد من التفاصيل عن نشاطاته الإلكترونية، من بينها إنشاؤه لحسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي.

الفصل السابع: يعرض دور سعود القحطاني الخفي في جهود محمد بن سلمان المستمرة لإسكات النقاد والمعارضين.

وفيما يلي بعض أهم النتائج التي خلص إليها التقرير:

  • سعود القحطاني يمتلك جهات الاتصال المنسوبة له في تسريبات  "Hacking Team".
  • يمتلك سعود القحطاني عناوين البريد الإلكتروني: saudq1978@gmail.com وsaud@saudq.com وs.qahtani@royalcourt.gov.sa وكذلك رقم الهاتف +966 55 548 9750 ويثبت هذا أن سعود القحطاني هو من تواصل مع شركة "Hacking Team" لشراء برمجيات تجسس في عامي 2012 و 2015.
  • الشخص الذي عرف نفسه بالقحطاني في رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة مع شركة "Hacking Team" في 2012 و2015، استخدم عنوانَي بريد إلكتروني هما: saudq1978@gmail.com وsaud@saudq.com، ورقمًا هاتفيًا هو +966 55 548 9750 وبالإمكان ربطها قطعًا بالقحطاني عبر المعلومات المكتشفة من صفحات استعادة كلمة السر على موقعي غوغل وتويتر.
  • نفس الشخص استخدم عنوان البريد الإلكتروني s.qahtani@royalcourt.gov.sa للتواصل مع شركة "Hacking Team". ورغم أنه لم يكن من الممكن إظهار ملكية سعود القحطاني لهذا العنوان عبر المعلومات الظاهرة على صفحات استعادة كلمات السر، يخلص هذا التقرير بثقة كبيرة إلى أن العنوان s.qahtani@royalcourt.gov.sa هو البريد الحكومي الرسمي للقحطاني، وذلك بسبب مراسلات متبادلة في حزيران/يونيو مع ممثل الشركة، والتي شملت الاستخدام المتزامن للعنوانين s.qahtani@royalcourt.gov.sa والعنوان الخاص بالقحطاني: saud@saudq.com ما يدل على أن مالك الحسابين شخص واحد.
  • حجز سعود القحطاني على الأقل 22 اسم نطاق، بعضها لاستضافة برمجيات التجسس أو شن هجمات DDoS، هي:
1 aldewan-almalaky[.]com
2 aldewan-sa[.]com
3 aldewanalmalaky[.]com
4 ​aldewanksa[.]com
5 aldewannews[.]com
6 dewanmalaky[.]com
7 fahadserver[.]com
8 jasmn[.]info
9 ksa-aldewan-almalaky[.]com
10 kt-library[.]com
11 m-d-sa-news[.]com
12 ​markaz-dewan[.]com
13 ​markaz-dewan[.]net
14 markaz-royal[.]com
15 markaz-royal[.]net
16 ​royalcourt-ksa[.]com
17 royalcourt-sa[.]com
18 royalcourt-saudi-arabia[.]com
19 ​sa-aldewan-almalaky[.]com
20 saudidewan[.]com
21 saudq[.]com
22 saudqq[.]com

على سبيل المثال استخدم عدد من النطاقات الفرعية المرتبطة بـ"markaz-royal[.]net" من قبل سعود القحطاني لاستضافة برمجيات خبيثة مثل "Blackshades" و"Darkness/Optima".

وورد اسم الخادم "nokia2mon2.markaz-royal[.]net" في قائمة تضم 13 ألف مضيف، عرفتها FBI بأنها متورطة في نشاطات "Blackshades"، ولوحظ كذلك أن النطاق يستضيف برنامجًا من نوع "shell booter"، والذي يسمح باستخدام المواقع المصابة به في هجمات DDoS.

يستضيف نطاق فرعي آخر باسم "saud4.markaz-royal[.]net"، برمجيات خبيثة من نوع "Optima"، وذلك وفقًا للقطات صورها موقع "Wayback Machine"، تعرض صفحة "FAQ" لبرنامج "Optima" وكذلك صفحة الدخول للوحة التحكم في "Optima".

في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر من العام 2016، تمكن موقع "Wayback Machine" من الحصول على نسختين من ملف نصي على عنوان المضيف "saudqq[.]com"، وتضم على ما يبدو سجلات برسائل هاتفية لرموز تحقق ثنائية العامل، وإشعارات دخول ومعلومات أخرى مرسلة لما يقرب من 12 رقمًا هاتفيًا في كندا.

وتظهر نسخة أيلول/سبتمبر 2016، سجلات 12 رسالة هاتفية مرسلة لأرقام كندية تبدأ برموز مناطق كوبيك (450) مانيتوبا (204). أرسلت الرسائل من أرقام كندية تقع في أونتاريو (289 و705) و تورونتو (647) ومونتريال (438) وألبرتا (403). وتضمنت كل الرسائل رموز تحقق من واتساب، ما عدا واحدة تضمنت رمز تحقق من غوغل، كما هو مبين في الصورة (أخفيت المعلومات التي تكشف هوية أشخاص).

سعود القحطاني

أما نسخة تشرين الأول/أكتوبر 2016 فقد احتوت 142 رسالة هاتفية، كلها مرسلة لأرقام كندية تبدأ برمز كوبيك (450)، مستهدفًا خمسة أرقام فقط هذه المرة، اثنان منها أرسلت إليهما الرسائل مرة واحدة، وأحد الأرقام أرسلت إليها الرسائل 17 مرة، وآخر أرسلت إليه 47 مرة، والأخير أرسل إليه 76 رسالة. وتنوعت محتويات الرسائل. 

وأرسلت الرسائل التي كأنها رموز أمان أو تأكيد، لتطبيقات "Coinbase" و"WeChat" و"Instagram" و"Microsoft" و"VK" و"WhatsApp" و"Steam و"AirBnB" و"Viber" و"AOL"، فيما احتوت بعض الرسائل على تحذيرات أمان، مثل:

  • "شخص ما يحاول استبدال معلومات الأمان لحساب مايكروسوفت [مخفي]@gmail.com، ليس أنت؟ https://account.live[.]com/Proofs/Manage".
  • "رمز التحقق: [مخفي]. هذا الرمز يستخدم فقط لإزالة قيود تطبيق WeChat، لا تشاركه مع أحد".
  • "دخول غير اعتيادي لحساب مايكروسوفت [مخفي]. راجع من https://account".

هذا ويتضح أن سعود القحطاني قد أظهر حسًا أمنيًا ضعيفًا للغاية أثناء تسجيله لكل هذه النطاقات، فقد أظهرت سجلات موقع "Whois" التي تذكر عناوين النطاقات هذه (ما عدا ثلاث هي saudq.com وsaudqq.com وjasmn.info) استخدامه إما عنوان بريده الشخصي (saudq1978@gmail.com) أو رقم هاتفه (+966 55 548 9750) أو تنويعات من اسمه الحقيقي. يُذكر أن نطاقين فقط من القائمة الواردة أعلاه، ما زالا نشطين، وهما: saudq.com وjasmn.info.

منشورات سعود القحطاني تحت تأثير السُكْر

وبإثبات ملكية سعود القحطاني لعنوان البريد الإلكتروني "saudq1978@gmail"، يظهر كذلك أن حساب "nokia2mon2" المسجل على موقع "Hack Forums" باستخدام ذلك العنوان، هو ملك للقحطاني أيضًا. كان القحطاني عضوًا نشطًا في تلك المنتديات ونشر أكثر من 500 منشور في الفترة بين عامي 2009 و 2016.

تظهر منشورات القحطاني على الموقع، تفاصيل الأدوات والخدمات التي اشتراها واستخدمها، ومنصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية التي استهدفها.

وبحلول حزيران/يونيو 2011، أي بعد أقل من عامين على انضمامه للمنتديات، ادعى أنه حصل على 90% من برمجيات حصان طروادة المتاحة في الأسواق. ودفع سعود القحطاني أموالًا لأعضاء منتديات  Hack Forum لحذف حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وسعى لتزييف التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، من بينها يوتيوب وفيسبوك.

ونشر أيضًا ثلاث منشورات وهو مخمور، باعترافه الشخصي، وأبدى رأيه في موضوعات غير القرصنة مثل دور الدين في السياسة والموقف تجاه إيران.

سعود القحطاني

سعود القحطاني

سعود القحطاني

ووقع سعود القحطاني ضحية للخداع ثلاث مرات أثناء نشاطه على "Hack Forums". وفي كانون الأول/ديسمبر من العام 2015، اخترق حسابه لفترة وجيزة. وعندما استعاد حسابه، نصحه زملاؤه أعضاء المنتدى بتفعيل خاصية رمز التحقق ثنائي العامل.

حسابات وهمية على لينكد إن وفيسبوك

وباستخدام جهات الاتصال الخاصة بالقحطاني، صار من الممكن التعرف على جهات اتصال أخرى له وعلى حسابات مرتبطة بعناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف هذه. على سبيل المثال، لديه حساب Premium على لينكدإن، باسم "saud a"، حيث وصف نفسه بمستكشف مواهب مقيم في المملكة العربية السعودية.

سعود القحطاني

وأنشأ حساب فيسبوك وهمي باسم "أحمد محمد مصطفى" لمواطن مصري مؤيد لمبارك. ولديه أيضًا حسابات على سنابشات وواتساب وسيجنال. وفي حين لا يزال حساب لينكدإن يعمل، يبدو أنه أغلق حساب فيسبوك.

النهاية المفتوحة

آلة القمع التي يديرها محمد بن سلمان مازالت حية وفعالة بفضل رفض إدارة ترامب تحميل المسؤولية للأمير السعودي ونظامه.

ومنذ مقتل خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر 2018، لجأت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لمبدأ "واجب التحذير"، في ثلاث مناسبات مختلفة، مشاركة معلومات استخبارية لتحذير معارضين سعوديين مقيمين في الولايات المتحدة وكندا والنرويج من تهديدات تتربص بهم، مصدرها المملكة العربية السعودية.

ومن غير الواضح الآن، مدى التأثير والدور الذي ما زال سعود القحطاني، اليد اليمنى لمحمد بن سلمان، يمارسه في حملة الترويع التي تشنها المملكة، فلم تتحدث الحكومة السعودية علانية عن مكانه، فيما يقول مسؤولون سعوديون، في جلسات خاصة، إنه قيد الإقامة الجبرية.

لكن عددًا من وسائل الإعلام نقلت عن مصادر، قولهم إن الرجل مازال ينعم برعاية محمد بن سلمان، ومستمر في عمله بنفس الجهد والإمكانيات التي كانت متاحة له قبل الإطاحة به رسميًا من الديوان الملكي.

وفي كانون الثاني/يناير 2019، أفادت صحيفة واشنطن بوست أن سعود القحطاني شوهد في مكاتب الديوان الملكي في الرياض. وفي نفس الشهر، أفاد كاتب الرأي بصحيفة واشنطن بوست، ديفيد إغناطيوس، بأن محمد بن سلمان على اتصال مستمر بالقحطاني الذي التقى مؤخرًا بكبار نوابه في المركز، وذلك بحسب مصادر سعودية وأمريكية.

وفي نيسان/أبريل 2019، وقال مصدر لصحيفة الغارديان إن محمد بن سلمان ما زال يغدق برعايته على سعود القحطاني الذي يلعب دورًا نشطًا مشابهًا للذي كان يؤديه في المركز، لكن هذه المرة من مكتب محمد بن سلمان الشخصي.

سعود القحطاني

وربما أفضل دليل يشير إلى استمرار سعود القحطاني في عمليات الاختراق التي كان يؤديها، هو الذي قدمته صحيفة الغارديان، التي أشارت في حزيران/يونيو، إلى أنها تعرضت للاستهداف من قبل فريق قرصنة سعودي بأمر من سعود القحطاني.

وصل نبأ هذا الأمر إلى الصحيفة من مصدر في الرياض في وقت مبكر من هذا العام، وظهر الدليل على هذا التهديد لاحقًا في صورة أمر داخلي سري موقع من قبل سعود القحطاني، اطلعت عليه الغارديان.

الوثيقة التي يعود تاريخها إلى السابع من آذار/مارس 2019 مكتوبة باللغة العربية، وموجهة إلى "مديري الأقسام التقنية والفنية" من إدارة الأمن الرقمي في مكتب محمد بن سلمان الخاص، تأمرهم "باختراق خادم صحيفة الغارديان ومن عملوا في التقرير الذي نشر، والتعامل مع الموضوع بسرية تامة، وإرسال البيانات إلينا في أقرب وقت ممكن".

يُذكر أن سعود القحطاني واحد من 11 مشتبهًا بهم في قضية مقتل خاشقجي، يخضعون للمحاكمة في السعودية. وفي حزيران/يونيو 2019، نشرت أغنس كالامارد، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، التابعة للأمم المتحدة، تقريرًا عن مقتل خاشقجي، وصفت فيه الجريمة بأنها "قتل متعمد خارج نطاق القانون" بيد الدولة السعودية.

وقالت كالامارد في التقرير، إن "جريمة قتله كانت نتيجة لتخطيط متعمد شمل تنسيقًا واسعًا واستهلاك موارد بشرية ومادية كبيرة. وأشرف عليها وخطط لها وأيدها مسؤولون كبار. لقد كانت متعمدة".

رغم إقالته رسميًا بعد مقتل خاشقجي، تؤكد العديد من المصادر أن سعود القحطاني لا يزال مستمرًا في عمله لكن هذه المرة من مكتب ابن سلمان الشخصي

يذكر التقرير اسمي سعود القحطاني ومحمد بن سلمان تحديدًا باعتبارهما مسؤولين رفيعي المستوى لم توجه لهما تهم جنائية بعد لكن "هناك أدلة قوية ضدهما تستحق تحقيقًا أعمق". ومن المفترض أن كالامارد قدمت نتائج تحقيقها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 27 حزيران/يونيو 2019.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

 كيف ساعد "السيد هاشتاغ" السعودية في التجسس على المعارضين؟

الذباب الإلكتروني السعودي يغزو تويتر بالشتائم والأكاذيب بعد مقتل خاشقجي