11-ديسمبر-2016

لقطة من Taxi Driver

الجندي الذي يُشارك في حرب غير أخلاقية لا يرجع بالضرورة ناشطًا سلاميًا يُناهض الحكومة التي تكذب على الناس تحت دعوى حمايتهم من عدو رهيب يهدد حضارتهم. بل إن نموذج كوفتش (انظر الجزء الأول) يظل، في الأخير، استثناءً وسردية هامشية. يرجع البعض من "الجبهة" محملًا بعبء أخلاقي كبير تجاه مجتمعه، لكن على نحو مغاير تمامًا.

على خلفية عودته من فيتنام، يُعاني ترافيس بيكل (روبرت دي نيرو)، الشخصية الرئيسة في فيلم "سائق التاكسي Taxi Driver"، الوحدة والاكتئاب والأرق والوقت الذي لا يعرف طريقة لقتله. وكجندي طالما مارس صرامة مفرطة مع نفسه، سيتبع خطةً لا تلين في سبيل التخلص من كل تلك الهموم. يبدو له العمل كسائق تاكسي فعالًا إلى حد ما في التعامل مع مشكلتي الوقت والأرق. أما الوحدة، "التي تتبعه طوال حياته وفي كل مكان"، فلا علاج لها سوى الحب.

ومن أجل ذلك، يواعد بيتسي (سيبل شيبرد)، التي تُنفق وقتها متطوعة في حملة سيناتور يروم الترشح للرئاسة. بيد أن العلاقة ستموت قبل أن تولد، لأن ترافيس، الذي نعرف أنه مدمن أفلام بورنو، سيأخذ الفتاة، المتعلمة ابنة الطبقة الوسطى، إلى عرضٍ لفيلم جنسي تعليمي سويدي، الأمر الذي ستجده بيتسي مقززًا ودليلًا على عدم الاحترام.

يرجع البعض من "الجبهة" محملًا بعبء أخلاقي كبير تجاه مجتمعه، لكن على نحو مغاير تمامًا

مدفوعًا بكراهية للفساد واللانظام والدعارة، وتناقضات شخصية عميقة، سيكرِّس المُحارب القديم جهوده -عبر برنامج رياضي مركَّز وعنيف وابتياع أسلحة متنوعة وفتاكة- من أجل حدث كبير، لا يعرف -إلى الآن- ماهيته، وإن عرف أنه منذور له.

اقرأ/ي أيضًا: في حب السينما

في ليلة مختارة، يقف ترافيس بالتاكسي، في منطقة تعج ببيوت الدعارة والمدمنين، استجابةً لإشارة فتاة نحيلة، سرعان ما سيأتي، فجأة، رجل يمنعها عن الركوب. وعندها يستجيب ترافيس على طريقة أي سائق تاكسي "اعتيادي" في وردية ليلة؛ سيمضي فيه طريقه بعيدًا عن المشاكل.

لكن لأنه، واقعيًا، غير اعتيادي، ويريد أن يلبي مشيئة القدر، يذهب، في اليوم التالي، إلى المكان نفسه باحثًا عن الفتاة. ممثلًا أنه "يريدها"، يأخذها ويتحدث إليها أنها يجب أن تهرب، أو بالأحرى أن تعود إلى أهلها، بعيدًا عن هذا المستنقع الفظيع. وبعد فشله في إقناع إيريس (جودي فوستر) المرة تلو المرة، سينتهي به الأمر، ذات ليلة، وقد قتل كل الموجودين تقريبًا في بيت الدعارة.

إن كانت الحرب لا تظهر، بضجيجها ودخانها، في "سائق التاكسي"، إلا أن فعلها في "السلوك الأخلاقي" لترافيس واضح ومتجذر.

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم Wings of Desire.. فيندرز والاحتفاء بالحياة

فيلم الثمن.. استغلال رخيص للاجئين السوريين في مصر