15-يناير-2022

(Getty)

توّج إنتر ميلانو بقيادة المدرب أنطونيو كونتي بلقب بطولة الدوري الإيطالي لكرة القدم في الموسم الماضي، ليكسر احتكار يوفنتوس للبطولة الذي استمر لتسع سنوات، وفيما كانت جماهير إنتر ميلانو تمني النفس بأنها وجدت أخيرًا الاستقرار المالي والفني الذي سيعيد الفريق إلى مصاف الأندية الأوروبية الكبرى، جاءتهم الصدمة مع نهاية الموسم إثر الأخبار عن عودة المشاكل المالية إلى الفريق، ما يعيق مواصلة مشروع بناء الفريق، وبالتالي اضطراره للتخلي عن عدد من نجومه لمواجهة التحديات المالية.

أولى الصدمات تمثّلت بإعلان أنطونيو كونتي في الصيف الماضي رحيله عن النادي، بعد عامين قضاهما مع الفريق حقق خلالهما لقب الدوري مرة واحدة، لكنه فشل مرتين في عبور الدور الأول من مسابقة دوري الأبطال. أسماء كثيرة تداولتها الصحافة الإيطالية لتخلف أنطونيو كونتي، من بينها ماسيميليانو أليغري وزين الدين زيدان، لكن الاختيار وقع على المدرب الشاب سيموني إنزاغي، الذي قضى جميع سنواته التدريبية الـ 11 رفقة نادي لاتسيو روما، فتدرج في تدريب الفئات العمرية وصولًا إلى الفريق الأول في العام 2016، حيث استمر معه حتى شهر حزيران \ يونيو الماضي، عندما وقّع عقدًا لتدريب إنتر ميلانو يمتدّ لسنتين، براتب سنوي صافٍ يصل إلى 4.5 مليون يورو.

إنتر ميلانو مع اينزاغي فوق الجميع

لو سألت أحد مشجعي إنتر ميلانو قبل انطلاقة الموسم عن توقعاتهم بالنسبة لفريقهم مع إنزاغي، لكنت ستحصل على إجابة متشائمة على الأرجح، فالشقيق الأصغر لـ " بيبو إنزاغي " الهداف السابق لميلان ويوفنتوس، لا يمتلك سيرة ذاتية كبيرة في عالم التدريب، والفريق لم يقم بتعاقدات كبيرة مطلع العام بسبب الأزمة المالية، وقد خسر اثنين من أهم نجومه في العام الماضي، هما هدّاف الفريق البلجيكي روميلو لوكاكو، والظهير الأيمن المغربي المتألّق أشرف حكيمي. خسر إنتر ميلانو أيَضًا صانع ألعابه الدانماركي كريستيان إريكسون بعد تعرّضه لأزمة قلبية في بطولة اليورو، اللاعب كان قد بدأ بالانسجام مع النيراتزوري، وأصبح دوره مهمًا مع النادي في إياب الموسم الماضي.

ميزانية إنتر المحدودة لم تسمح له بالتعاقد مع أسماء لامعة لتعويض نجومه المغادرين، فاكتفى بالتعاقد مجانًا مع المهاجم المخضرم إيدين دزيكو، وصانع ألعاب ميلان تشالهان أوغلو، بينما استقدم إينزاغي معه من لاتسيو الجناح الأرجنتيني المتألق خواكين كوريا، بالإضافة إلى صفقات أخرى لم تكلف جميعها النادي مجتمعةً، ربع ما حصل عليه من بيع لوكاكو لتشيلسي.

نصف موسم مثالي: صدارة الكالتشيو والتتويج بالسوبر

وصل إنزاغي إلى الجوزيبي مياتزا، في توقيت صعب، فالمحافظة على لقب الدوري هو أمر غاية في الصعوبة بنظر معظم المحللين، خاصة مع ارتفاع مستوى المنافسة، وتدعيم باقي الفرق لصفوفها، وخاصة ميلان ونابولي بقيادة سباليتي مدرب الإنتر السابق.

واجه النيراتزوري بعض الصعوبة مع انطلاقة الموسم، واحتاج دزيكو إلى بعض الوقت للانسجام مع لاوتارو مارتينيز، لكن مستوى الفريق ارتفع تدريجيًا، ونجح إنزاغي في مزج النتائج المميزة مع الأداء الممتع، ليقبض على صدارة الكالشيو بعد مرور عشرين جولة، مع تبقي مباراة إضافية له، معتمدًا على خط هجومه الضارب الذي سجل 56 هدفًا، بفارق كبير عن باقي الفرق، بمعدل هدفين ونصف في المباراة، فيما لم تتلق شباكه سوى 16 هدفًا، فقط نابولي تلقّى أهدافًا أقل منه.

أداء إنزاغي اليوم مع إنتر وتصدره جدول الكالتشيو عن جدارة واستحقاق أعطاه التقدير الذي يستحقه، وبات يُنظر إليه كمدرب قادم بقوة سيكون له شأن كبير في المستقبل

الثنائي دزيكو ولاوتارو سجلا سويًا 19 هدفًا، أكثر من أي ثنائي هجومي آخر في الدوري، فيما حصل كالهان أوغلو على أعلى تقييم فردي في الدوري حتى الآن بحسب تقييم موقع صوفا سكور، اللاعب التركي صنع سبعة أهداف حتى الآن، فقط بيراردي متوسط ميدان ساسولو تفوق عليه بواقع ثمانية أهداف.

تألق إنتر ميلانو تحت إمرة اينزاغي لم يقتصر على بطولة الدوري، فالمدرب الشاب نجح في سنته الأولى في فعل ما عجز عنه كونتي خلال مهمته مع الفريق، وبلغ دور الـ 16 من دوري الأبطال، في مجموعة قريبة جدًا من المجموعة التي تذيلها الفريق الموسم الماضي مع كونتي. إنتر حلّ ثانيًا خلف ريال مدريد وتأهل إلى إقصائيات البطولة التي توّج بها الفريق ثلاث مرات في السابق، آخرها كان في العام 2010 بقيادة جوزيه مورينيو.

لم ينتظر إنزاغي طويلًا لتحقيق بطولته الأولى مع النادي، حيث نجح قبل أيام في حسم نهائي كأس السوبر على حساب يوفنتوس بعد الفوز عليه 2-1، ليصبح سيموني أصغر مدرب في تاريخ الكرة الإيطالية يتوج بكأس السوبر مع فريقين مختلفين، حيث توّج بالمسابقة في السابق مع لاتسيو مرتين في العامين 2017 و2019، تتويجاته الثلاثة كانت جميعها على حساب يوفنتوس.  

بالرغم من أن إنزاغي لم يكن يصنف ضمن كبار المدربين في إيطاليا، على غرار أليغري، مانشيني، ساري وغيرهم، إلا أن العارفين بالكرة الإيطالية يقدّرون جيدًا ما قدّمه مع لاتسيو، حيث نجح في البقاء ضمن فرق المقدمة على الدوام، بالرغم من ضعف الإمكانيات المادية وغياب التعاقدات الكبيرة. أداء إنزاغي اليوم مع إنتر وتصدره جدول الكالتشيو عن جدارة واستحقاق أعطاه التقدير الذي يستحقه، وبات يُنظر إليه كمدرب قادم بقوة سيكون له شأن كبير في المستقبل، وما حديث صحيفة ذا صن عن اهتمام مانشستر يونايتد بالتعاقد معه ليخلف راجنجيك، سوى تأكيد على علو كعب المدرب الشاب، وانطلاقه بقوة للجلوس على الطاولة التي تضم عظماء مدربي الكرة الإيطالية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أنهى احتكار اليوفي الذي دام تسعة مواسم.. الإنتر بطلًا للدوري الإيطالي

سانشيز ينسف أحلام اليوفي ويهدي الإنتر لقب السوبر الإيطالي بالوقت القاتل