حققت اليابانية نعومي أوساكا مفاجأة من العيار الثقيل بفوزها على الأمريكية سيرينا ويليامز في نهائي بطولة أمريكا المفتوحة للتنس، وذلك بمجموعتين دون رد بواقع 6-2 و 6-4، بذلك أصبحت أوساكا أوّل لاعبة يابانية في التاريخ تتمكّن من حمل كأس إحدى بطولات التنس الكبرى بالمنافسات الفرديّة، كذلك حُرمت ويليامز رغم اللعب بين جماهيرها من تحقيق العديد من الإنجازات التاريخية بعد هذه الخسارة الصادمة، في لقاء شهد العديد من الأحداث الدرامية والمثيرة للجدل.
مرّت ويليامز التي حملت لقب بطولة أمريكا المفتوحة للتنس 6 مرّات بفترة عصيبة للغاية في مسيرتها، بدأ ذلك عقب إنجابها مولودتها الأولى أليكسي أوليمبيا في العام الماضي، وحينها صرّحت سيرينا أنّها كادت أن تموت بسبب إنجاب ابنتها، بعد عمليّة الولادة القيصرية التي حدثت بشكل طارئ، وهو ما أدّى لحدوث الكثير من المضاعفات الصحّية الخطرة حسب وصفها، ومنذ تلك اللحظة انحدر مستوى اللاعبة التي أحرزت 23 لقباً من البطولات الكبرى، وبعد فترة من الصمت صدمت سيرينا محبّيها عندما وصفت نفسها بالأم غير الجيّدة، ونسبت ذلك لمعاناتها فيما يسمّى "اكتئاب ما بعد الولادة"،
ويليامز لحكم المباراة النهائيّة: أنت مدين لي باعتذار، لم أغشّ أبداً في حياتي، لدي ابنة وأنا أقف مع ما هو حقّ لها
ولكن على الرغم من مرور قرابة العام على إنجابها أليكسي أرادت ويليامز أن تصحو من هذا الكابوس الذي تعيشه، والذي شكّل مواد دسمة للصحافة العالميّة، فالطريق الأمثل للخروج من حالة الاكتئاب هو الفوز بالمزيد من البطولات وتحقيق حلمها في معادلة الأرقام القياسيّة، وإن فازت ببطولة كبرى ستعادل رقم الأستراليّة مارغريت كورت، وهي الوحيدة التي حصلت على 24 لقباً من البطولات الأربع الكبرى، وسنحت الفرصة بشكل كبير لتحقيق ذلك في نهائي بطولة ويمبلدون التي أقيمت في شهر تموز/يوليو الفائت، لكنّها كسرت جميع التوقّعات بخسارتها في النهائي أمام الألمانية أنجيليك كيربير بمجموعتين دون رد, بذلك تأجّل حلم ويليامز إلى شهر أيلول/سبتمبر، وما أجمل أن يحدث ذلك في بطولة أمريكا المفتوحة التي تستضيفها بلادها، فهي ستضرب الكثير من العصافير بحجر واحد، فلن تخرج من بوتقة اكتئابها وتعادل رقم الأسترالية كورت فحسب، بل ستحظى بأكبر مكافأة مخصّصة للفائز ببطولة تنس في تاريخ اللعبة، والمقدّرة بـ3.8 مليون دولار، كذلك ستكون رابع أمّ حصدت لقباً من البطولات الأربع الكبرى وهي أمّ، بعد البلجيكية كيم كليسترز والأستراليتين إيفون جولاجونج ومارغريت كروت.
كانت كلّ المؤشرات المنطقية توضح أن سيرينا ستحقق هذا اللقب، فهي خبيرة بالبطولة التي توّجت بها ستّ مرّات كان أوّلها عام 1999، عندما بلغت الثامنة عشر من عمرها، وفي تلك البطولة حقّقت رقماً قياسياً بتنفيذها 70 إرسالاً ساحقاً، وكان عمر منافستها اليابانيّة أوساكا آنذاك عامين فقط، قبل أن تكبر هذه الطفلة وتجعل من سيرينا ويليامز مثلاً أعلى لها، وهي التي لم تبلغ في مسيرتها الاحترافيّة كلّها مباراة نهائيّة ضمن بطولة كبرى، وأفضل تصنيف لها كان في شهر تموز/يوليو الفائت عندما حازت على المرتبة 17.
ويليامز لحكم المباراة النهائيّة: هل سبب ذلك أنني امرأة؟
دخلت نعومي أوساكا المباراة بقوّة، فهي تعلم أنّها تلعب في أرض أمريكية، ورأت قبل المباراة الإعلانات التي ملأت الشوارع، والتي تحتفل مسبقاً بلقب ويليامز الـ24 في البطولات الكبرى، لكنّها تفوّقت على البطلة الأمريكية بتخلّصها من الضغوطات، فهي تؤمن أنّها حقّقت حلمها باللعب أمام ملهمتها ويليامز في نهائي بطولة كبرى، لذلك تفوّقت اللاعبة اليابانية بالمجموعة الأولى 6-2، قبل أن تجري الأحداث المؤسفة في المجموعة الثانية.
خسرت ويليامز أول أشواط المجموعة الثانية، فخالفها الحكم البرتغالي كارلوس راموس بسبب تلقّيها تعليمات عبر الإشارة من مدرّبها باتريك مراد أوغلو، وهو ما يخالف قوانين اللعبة، الأمر الذي أغضب سيرينا جدّاً، فصرخت بوجه الحكم البرتغالي قائلة، " لم أتحدّث إلى مدرّبي ولم أتلقّ أي تعليمات، يجب عليك أن تخبر الجميع أنني لم أفعل ذلك"، كانت الجماهير الأمريكية تسمع لصراخها وتقابل قرار الحكم بصافرات الاستهجان، فتابعت ويليامز، " أنت مدين لي باعتذار، لم أغشّ أبداً في حياتي، لدي ابنة وأنا أقف مع ما هو حقّ لها"، وصرخت أمامه بانفعال، "لم تكن لتفعل هذا أبداً مع رجل"..!
اقرأ/ي أيضًا: روجير فيدرير.. ملك التنس على عرش ويمبلدون للمرة الثامنة
نجحت ويليامز بعد هذه المشاحنة في قلب تأخّرها وكسر إرسال أوساكا، فتقدّمت بالمجموعة الثانية بواقع ثلاثة أشواط لواحد، قبل أن تنجح منافستها اليابانية بكسر إرسال ويليامز، الأمر الذي أصاب الأخيرة بالإحباط فكسرت مضربها، عندها خالفها الحكم مرّة أخرة ومنح اللاعبة اليابانية نقطة جديدة، وخلال تبديل اللاعبتين مراكزهما توجّهت ويليامز للحكم البرتغالي ووصفته باللص لأنه "سرق نقطة منها"، وهنا قرر الحكم منح شوط كامل ضمن المجموعة الثانية للنجمة اليابانية الشابة، الأمر الذي أغضب الجماهير الأمريكية وأحبط ويليامز بشدّة، لأن النتيجة أصبحت 5-3 لصالح أوساكا.
واصلت سيرينا ويليامز اعتراضها على الحكم وردّت على الفور، " لقد قلت شيئاً بسيطاً مثل اللص لأنني خسرت النقطة، وهنالك العديد من الرجال يقولون ما هو أسوأ، لكن هل سبب ذلك أنني امرأة؟"، وخاطبت أحد أعضاء لجنة الحكّام، "هذا ليس عدلاً وأنت تعرف ذلك".
انتصرت نعومي أوساكا في الشوط التالي، بذلك حقّقت الفوز في المباراة بمجموعتين دون رد 6-2 و 6-4، لأوّل مرّة في تاريخها، لكنّ ويليامز استطاعت أن تجرّ عطف الجماهير التي اعتقدت أن الحكم سرق البطولة من نجمتهم المفضّلة لصالح اللاعبة اليابانية، متناسين خسارة ويليامز الكبيرة في المجموعة الأولى 6-2.
وعند لحظة منح الكأس لنعومي أوساكا أطلقت الجماهير الأمريكية صافرات الاستهجان اعتراضاً على الحكم، وهنا بدأت أوساكا بذرف الدموع متأثّرة بردة الفعل هذه، قبل أن تنقذ سيرينا الموقف وتعانقها مطالبة الجماهير بتغيير موقفهم، الأمر الذي أشادت به رئيسة الاتحاد الأمريكي لكرة المضرب قائلة، " كانت هذه لحظة نعومي، وسيرينا أرادت أن تستمتع بها، كان تصرفاً راقياً من بطلة حقيقية".
اقرأ/ي أيضًا:
فيدرير يصل للرقم 20 في البطولات الأربع الكبرى.. سيرة نجاح المايسترو كاملة