قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخبر نظراءه الأوروبيين بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس مستعدًا لإنهاء الحرب، وذلك لاعتقاده أنه المنتصر حاليًا في الصراع المستمر منذ أكثر من 3 سنوات.
ويتعارض هذا التصريح مع تصريحات ترامب العلنية التي كرر فيها أن بوتين "يريد السلام فعلًا". أما الحلفاء الأوروبيون فلطالما أكدوا على عدم رغبة بوتين في السلام، ولأجل ذلك طالبوا واشنطن بالمشاركة معهم في سياسة تشديد الضغوط على موسكو.
لكن اللافت للانتباه أن ترامب عبّر بشكل صريح عن عدم رغبة إدارته في خوض هذا المسار، مفضلًا منح المزيد من الوقت لبوتين، على أمل أن تفضي المفاوضات المرتقبة في الفاتيكان إلى انفراجة ما، ولا تستبعد إدارة ترامب أن تتحقق تلك الانفراجة إذا شددت أوروبا من إجراءاتها العقابية ضدّ روسيا، لكن من دون مشاركة أميركية في تلك العقوبات، حيث تكتفي إدارة ترامب بمنح الضوء الأخضر واستمرارها في دور الوساطة.
عزل موسكو موضوع مقترح أوكراني للحلفاء الأوروبيين
وفي هذا الصدد أكدت وكالة "رويترز" أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي سيقدم للحلفاء الأوروبيين الأسبوع المقبل مقترحًا لخطوات وإجراءات عقابية كبيرة لعزل موسكو، بما في ذلك مصادرة الأصول الروسية وفرض عقوبات على بعض مشتري النفط الروسي، في ظل تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تشديد العقوبات.
وكان اتصال هاتفي جماعي قد ضمّ كلًّا من ترامب وزيلينسكي وماكرون وخيرت وجورجيا ميلوني، عقب الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين.
كتاب أبيض أوكراني
يصر الرئيس الأوكراني على أن روسيا "تسعى إلى كسب الوقت بغية مواصلة حربها واحتلالها للأراضي الأوكرانية"، ومن أجل قلب معادلة الوقت على روسيا، قدّمت كييف كتابا أبيض إلى حلفائها الأوروبيين، يشتمل على 40 صفحة من التوصيات التي من شأنها أن تدفع موسكو إلى طلب السلام العاجل.
يدعو الكتاب الأوكراني، الذي لم يُنشر سابقًا حسب رويترز، دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) إلى اتخاذ موقف أكثر حزمًا واستقلالية بشأن العقوبات، في ظلّ حالة عدم اليقين التي تكتنف دور واشنطن المستقبلي.
ومن بين التوصيات التي جاءت في الكتاب الأبيض الأوكراني "اعتماد تشريع من شأنه تسريع مصادرة الاتحاد الأوروبي لأصول الأفراد الخاضعين للعقوبات، وإرسالها إلى أوكرانيا" ويمكن للخاضعين للعقوبات بعد ذلك طلب تعويضات من روسيا.
كما ينبغي على الاتحاد الأوروبي، حسب المقترح الأوكراني، أن ينظر في مجموعة من الخطوات لجعل عقوباته أكثر صرامةً خارج أراضيه، بما في ذلك استهداف الشركات الأجنبية التي تستخدم تقنياته لمساعدة روسيا، و"فرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط الروسي".
هذه العقوبات الثانوية، التي قد تطال كبار المشترين مثل الهند والصين، ستُمثل خطوةً كبيرةً ترددت أوروبا في اتخاذها حتى الآن. وكان ترامب قد ناقش هذا الأمر علنًا قبل اتخاذ قراره بعدم التحرك في الوقت الحالي. حسب "رويترز".
كما يدعو الكتاب الأبيض الاتحاد الأوروبي إلى النظر في استخدام قواعد الأغلبية في اتخاذ القرارات بشأن العقوبات، لمنع الدول الأعضاء من عرقلة التدابير التي تتطلب الإجماع.
تضمن المقترح الأوكراني انتقادات صريحة للدور الأميركي في منظومة العقوبات المفروضة على روسيا، مؤكدًا أن واشنطن "أوقفت عمليًا مشاركتها في جميع المنصات الحكومية الدولية تقريبًا التي تُركز على العقوبات ومراقبة الصادرات"، كما لاحظ الأوكرانيون في مقترحهم أن واشنطن أبطأت العمل في مجموعة المراقبة المعنية بتطبيق حدود أسعار النفط الروسي، كما أعادت تعيين عدد كبير من خبراء العقوبات في قطاعات أخرى.
وأشار المقترح الأوكراني إلى أنه تم وضع حزمتيْ عقوبات أميركيتين رئيسيتين محتملتين - إحداهما من قِبل الحكومة والأخرى من قِبل السيناتور ليندسي غراهام المؤيد لترامب - ولكن من "غير المؤكد" ما إذا كان ترامب سيُوافق على أي منهما.
وأضاف المقترح الأوكراني أن عدم اليقين بشأن الموقف الأميركي قد أبطأ وتيرة التدابير الاقتصادية المضادة والتنسيق متعدد الأطراف، ولكن "لا ينبغي أن يدفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى تخفيف ضغط العقوبات، بل على العكس من ذلك، ينبغي أن يُحفّز ذلك الاتحاد الأوروبي على الاضطلاع بدور قيادي في هذا المجال" وفقًا للأوكرانيين.
تخشى أوكرانيا من أن يؤثر الموقف الأميركي من العقوبات على حماس حلفائها الأوروبيين، وفي هذا الصدد نقلت "رويترز "عن مسؤول أوكراني قوله: "سيُشكّل الانسحاب الأميركي من نظام العقوبات ضربة قاصمة لوحدة الاتحاد الأوروبي".
وتسود لدى كثيرين قناعة مفادها أن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يحل محل الولايات المتحدة تمامًا في ممارسة الضغط الاقتصادي على روسيا. مشيرين إلى أن جزءً كبيرا من تأثير العقوبات الأميركية يأتي من هيمنة الدولار على التجارة العالمية، وهو ما لا يُمكن لليورو معادلته.
مع ذلك، قال كريج كينيدي، خبير الطاقة في مركز ديفيس بجامعة هارفارد، إن تخفيف العقوبات الأميركية عن روسيا لن يُحفّز عودةً كبيرةً للمستثمرين الأجانب والاستثمارات إذا صمدت أوروبا. وأضاف: "أوروبا تملك أوراقًا أكثر بكثير مما تظن".
التطورات الميدانية
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن دفاعاتها تمكنت أمس الأربعاء من إسقاط أكثر من 260 طائرة أوكرانية فوق الأراضي الروسية، مشيرة إلى أن بعض تلك المسيرات اقتربت من العاصمة موسكو ما أدى لإغلاق المطارات لفترة وجيزة.
وكانت القوات الأوكرانية أعلنت عن استهدافها مصنعا لأجهزة أشباه الموصلات في منطقة أوريول، قالت إنه يوفر إمدادات لمنتجي الطائرات والصواريخ الروسية.
ولفت الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إلى نشوب مواجهات عنيفة في منطقة بوكروفسك، وذلك في وقت قالت فيه مصادر مقربة من روسيا، إن الجيش الروسي حقق اختراقات في الخطوط الأوكرانية بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا.
كما أشار زيلينسكي إلى أن قوات بلاده ما تزال نشطة في منطقتين روسيتين على الحدود، هما كورسك وبيلغورود. وكان زيلينسكي قد زار الثلاثاء منطقة كورسك، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إعلام موسكو الشهر الماضي استعادة منطقة كورسك الروسية بالكامل وطرد القوات الأوكرانية منها.