13-أغسطس-2016

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها على كامل مدينة منبج وطرد داعش منها (Getty)

أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية"، اختصارها "قسد"، أمس الجمعة، سيطرتها رسميًا على مدينة "منبج" وريفها في ريف حلب الشرقي، بعد معاركٍ عنيفة، مع تنظيم "الدولة الإسلامية" -بدأت منذ نهاية أيار/مايو الفائت- والذي انسحب آخر مقاتليه إلى مدينة "جرابلس"، شمالي "منبج"، وهي من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.

 تكمن أهمية سيطرة "قسد" على منبج في أنها تتقاطع في عدة جبهات مع المعارك التي يخوضها الجيش العراقي ضد داعش لمحاصرة التنظيم

ويمكن القول، إن المعارك التي تخوضها "قسد" في ريف حلب الشرقي، والذي تقوده "وحدات حماية الشعب"، ذراع حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، هو مسعى لها، لربط ما يسيطر عليه المقاتلون مع مناطق "عين العرب" أو (كوباني)، ومنها إلى أقسى الشمال مدينة "الحسكة"، حيث تعتزم إنشاء إقليم كردي فيها.

اقرأ/ي أيضًا: أردوغان في روسيا..رسالة للغرب

كذلك فإن التمدد لن يتوقف عند "منبج"، لأن "قسد"، وبحسب المعطيات المتوفرة، سوف تكمل طريقها إلى "جرابلس"، وبعدها ستضع نصب أعينها، مدينة "الباب" غربي "منبج"، آخر قلاع تنظيم الدولة في ريف حلب الشرقي، وبعدها ستكون الوجهة "الطبقة" و"الرقة"، التي أعلن منها قيام "الخلافة الإسلامية"، بعد أن كان الحديث أنها ستكون المركز الرئيسي لسير المعارك ضد التنظيم.

منبج أو "لندن الصغرى"، كما يحلو للإعلام الغربي التغزل بها، كانت مركز تخطيط عمليات التنظيم الخارجية، أي الهجمات التي استهدفت مدنًا وعواصمَ أوروبية مختلفة، إضافة إلى أنها المدينة المحببة للمقاتلين البريطانيين، الذين قالت عنهم التقارير إنهم يسرفون في استهلاك مشروبات الطاقة.

إذًا تكمن أهمية السيطرة على "لندن الصغرى" في أنها تتقاطع في عدة جبهات مع المعارك التي يخوضها الجيش العراقي إلى جانب ميليشيا "الحشد الشعبي" في العراق، في محاولة من "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة، لإضعاف قوة التنظيم القتالية، وتضييق الخناق على مناطق سيطرته.

اقرأ/ي أيضًا: حلب..الشرقية تلتقي بالغربية

ومن المعروف أن حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الجناح السوري لحزب "العمال الكردستاني" التركي، يطمح لإنشاء إقليم كردي، على شبه قرينه العراقي، وهي مطامح لم تخفِها يومًا، والتي أطلقت عليها مسمى "الإدارة الذاتية لروج آفا"، والتعريب "غرب كردستان"، وللحزب مطامح بأن تصل تلك الإدارة الذاتية إلى عدد من مدن وقرى ريف إدلب، إضافة لحلب وريفها.

من جهته، لم يظهر النظام السوري أي اهتمامٍ بما يحصل في "منبج"، إلا عندما ارتكبت مقاتلات التحالف، مجزرة في قرية "التوخار" في ريف منبج، راح ضحيتها أكثر من 200 مدني، وخلفت عشرات الجرحى، يومها نشر النظام السوري بيانًا أدان فيه المجزرة، في مسرحية واضحة، كونه لا يتورع عن استهداف المدنيين، في مناطق سيطرة المعارضة، حتى وصل فيه الحال لاستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا.

مجزرة "التوخار"، التي حصلت منتصف تموز/يوليو الماضي، بررها المتحدث الرسمي باسم التحالف، كريستوفر غارفر، بالقول إنه حصل على معلومات من "التحالف العربي السوري" أحد المكونات المنضوية تحت تحالف "قسد"، تؤكد أن مجموعة كبيرة من مقاتلي داعش كانت ستبدأ هجومًا من القرية، فأراد التحالف دعم قوات "قسد" فقصف القرية.

وهنا علينا التنويه أن أمام "وحدات الحماية الشعبية"، معركة ثانية، وهذه المرة مع فصائل المعارضة في مدينة حلب، بعد أن شاركت في حصار أحيائها الشرقية، وشنت هجومًا مفاجئًا، سيطرت فيه على "السكن الشبابي"، الذي كان تحت سيطرة فصائل المعارضة، في مسعى واضح للتوسع، وبالأخص أنها تملك منفذًا على أحياء النظام الغربية، أي أنها لا يمكنها أن تحاصر.

ولذلك، فإن المعركة في شمال سوريا بشكل عام، تأخذ منحى لا يمكن أن تعرف ماهيته، قبل انتهاء "ملحمة حلب الكبرى"، بتحالف يضم "جيش الفتح" و"الجيش السوري الحر"، الذين وضعوا السيطرة على كامل مدينة حلب هدفًا، وبعدها علينا ترقب مصير شمال سوريا، وتوزع مناطق النفوذ، الذي يتقاسمه النظام السوري وحلفاؤه، فصائل المعارضة من "الجيش السوري الحر" والتنظيمات الإسلامية، والأكراد وحلفائهم، وأخيرًا تنظيم "الدولة الإسلامية".

اقرأ/ي أيضًا: 

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية