07-فبراير-2016

(مقاتلان وطفل/ حركة نور الدين زنكي/الأناضول)

المقال التالي هو ترجمة تقرير في صحيفة "واشنطن بوست" عن الاختراق الذي أحدثته روسيا وإيران في الحرب السورية وعن احتمالات خسارة المعارضة السورية لسيطرتها على مدينة حلب

___

حارب الثوار السوريون من أجل البقاء في وحول مدينة حلب السورية الشمالية يوم الخميس بعد أن ساعدت سلسلة من الهجمات الجوية الروسية الموالية للحكومة على قطع خط إمدادٍ حيوي وأرسلت موجة جديدة من اللاجئين الفارين نحو الحدود مع تركيا.

نحن نحارب في معركتنا الأكثر أهمية حتى الآن. نحن نحارب لمنع النظام من حصار حلب، " كتيبة نور الدين زنكي" 

تزامن الهجوم الشرس المدعوم روسيًا ضد مواقع المعارضة في حلب مع فشل محادثات السلام في جنيف، وساعد في تعزيز شكوك المعارضة بأن روسيا وحليفتها الحكومة السورية أكثر تركيزًا على إحراز نصرٍ عسكري على المعارضة من التوصل إلى تسويةٍ عن طريق التفاوض.

بعد يومين مما وصفه مقاتلو المعارضة بالضربات الجوية الأكثر شدة حتى الآن، نجحت قوات الحكومة يوم الأربعاء في قطع خط إمداد المعارضة الرئيسي من الحدود التركية إلى الجزء المتبقي تحت سيطرة المعارضة من حلب. يوم الخميس، سيطرت الحكومة على المزيد من القرى في الريف المحيط، مثيرةً مخاوف بين السكان والمعارضة من أن المدينة قد تُصبح قريبًا محاصرة بالكامل.

خسارة حلب، أكبر المدن السورية وأهم المراكز السكانية التي وقعت، على الأقل جزئيًا، تحت سيطرة المعارضة، قد تمثل ضربة قاصمة للتمرد الذي بدأ منذ خمس سنوات ضد الرئيس السوري بشار الأسد. حافظ الثوار على سيطرتهم على أغلب مدينة حلب منذ أن دخلوا إلى المدينة في 2012، ما جعل الاستخبارات الأمريكية تتوقع أنهم سوف يسقطون النظام في دمشق في النهاية.

بدلًا من ذلك، صعدّت روسيا وإيران من دعمهما لنظام الأسد، مساعدين الحكومة على إيقاف الخسائر ثم إحراز مكاسب في مرحلةٍ لاحقة. أغلب القوات الموالية للحكومة التي تحارب في منطقة شمال حلب الآن هي ميليشيات طائفية عراقية أو أفغانية تم تجنيدها من قِبل إيران لمساعدة حليفها في دمشق، حسب المعارضة ومحللين عسكريين. استهدف تدخل القوات الجوية الروسية، والذي أُعلن حينها أنه يهدف إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، في الأغلب المتمردين المعتدلين، ليُميل التوازن العسكري لصالح الأسد ويُمكن النظام من تحقيق سلسلةٍ من الانتصارات في الأسابيع الأخيرة.

مع التقدم حول حلب، تمكنت القوات الموالية للحكومة من كسر الحصار على قريتي نبل والزهراء ذات الأغلبية الشيعية، اللتين كانتا محاصرتين من قِبل قوات المعارضة على مدار السنوات الثلاث الماضية وكان يتم دعمهما فقط عن طريق شحنات أغذية يقوم النظام بإنزالها جوًا.

في إصرارها على عقد محادثات السلام، ضغطت الولايات المتحدة على حلفاء المعارضة، وبالتحديد تركيا والسعودية، لتقييد تدفق الأسلحة، تاركين المعارضة معرضة لهجومٍ جديد، حسب قادةٍ للمتمردين.

لدى تلك المعركة الأخيرة أيضًا القدرة على إحداث أزمة إنسانية كبيرة جديدة. برزت عدم قدرة الأمم المتحدة على إيصال المساعدات إلى المدن المحاصرة من قِبل القوات الحكومية كعقبةٍ كبيرة في المحادثات المتعثرة. مع حصار المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة من حلب بالكامل تقريبًا، هناك خطر أن مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون هناك قد يتم قريبًا عزلهم تمامًا. قالت منظمات الإغاثة إن الضربات الجوية فرضت تعليقًا شبه كامل لشحنات المساعدات عبر الحدود التركية.

"قوات المعارضة تتراجع بسرعة كبيرة. نحن ننظر إلى وضعٍ إنساني كابوسي"، قال راي ماكجريث، مدير العمليات في شمال سوريا وتركيا بمنظمة الإغاثة ميرسي كور.

وأضاف: "هناك الكثيرون يتحركون بعد أن غادروا مساكنهم. هذا بالتأكيد أسوأ وضع نشهده منذ بداية الحرب".

بدا أن مقاتلي المعارضة يائسون بينما يصفون تحملهم أكثر من مائتي ضربة جوية في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة فقط. أصدر قادة عددٍ كبير من التنظيمات المعارضة، من المعتدلين إلى جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، نداءات عاجلة بإرسال تعزيزات من أجزاءٍ أخرى من البلاد.

"نحن نحارب في معركتنا الأكثر أهمية حتى الآن. نحن نحارب لمنع النظام من حصار حلب"، هكذا صرح عبد السلام عبد الرزاق، المتحدث باسم كتيبة نور الدين زنكي المعارضة، عبر الهاتف من الضواحي الشمالية لحلب، تجدر الإشارة إلى دور الحركة في استعمال مقذوفات الـ"بي جي إم 71"، السلاح المتربع على عرش مضادات الدبابات نسبيًا.

وأضاف: "سوف تكون المعركة شرسة في الأيام القادمة. سوف نستمر في القتال حتى آخر مقاتل، ونأمل ألَّا نخيب آمال شعبنا".

متحدثًا في مؤتمرٍ دولي لجمع تبرعات لمساعدة السوريين داخل وخارج البلاد بالعاصمة البريطانية لندن، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو إن هناك حوالي 70,000 مدني يتجهون نحو الحدود التركية للهرب من الهجوم.

قالت وكالات إغاثة إن 10,000 شخص على الأقل قد تجمعوا على طول الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا. لكن تركيا، والتي تستضيف بالفعل حوالي 2.5 مليون لاجئ وتتعرض لضغوط من المجتمع الدولي لإيقاف تدفق المقاتلين الأجانب، أبقت على حدودها مغلقة في وجه اللاجئين الجدد خلال العام الماضي. أظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي آلاف الأشخاص يتشبثون بأمتعتهم بينما يسيرون في اتجاه الجانب السوري من معبر باب السلامة الحدودي، لكنهم لم يُسمح لهم بالعبور إلى تركيا.

عزز الجنود الأتراك وجودهم على طول الحدود مع سوريا، وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن روسيا تشتبه في استعداد تركيا للتدخل في سوريا

سوف يمثل سقوط حلب في يد الحكومة تحديًا كبيرًا للسعودية وتركيا، أقوى داعمي المعارضة، لكن من غير الواضح ما إذا كان هناك أي شيء يستطيعون فعله لمنع حدوث ذلك.

عزز الجنود الأتراك وجودهم على طول الحدود مع سوريا، وأخبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف المراسلين في موسكو أن روسيا تشتبه في أن تركيا تستعد للقيام بعملٍ عسكري في سوريا.

لكن تركيا ليس لديها مساحة كبيرة للمناورة في سوريا منذ أن أسقطت طائرة روسية داخل المجال الجوي التركي لفترةٍ وجيزة في ديسمبر، ما أثار تدابير انتقامية من جانب روسيا.

يذكر أنه تم تعليق محادثات السلام في جنيف يوم الأربعاء من قِبل ستيفان دي ميستورا، والذي عزا السبب إلى رفض الحكومة الاستجابة لطلبات المعارضة بتطبيق قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى وقف الضربات الجوية وإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

تعثرت المحادثات أيضًا بسبب الخلاف على من يجب تعريفه كـ"إرهابي" في ساحة المعركة السورية المعقدة. تعتبر الحكومة السورية جميع هؤلاء الذين يحاربون الأسد، بما فيهم من معارضين معتدلين مدعومين من الولايات المتحدة، إرهابيين وقالت إنها لن تتفاوض مع التنظيمات المسلحة التي تم تمثيلها في وفد المعارضة إلى جنيف.

على نحوٍ منفصل، صرح متحدثٌ باسم الجيش السعودي لقناة العربية المملوكة للسعودية أن بلاده مستعدة لإرسال جنود للمشاركة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. لكن من غير الواضح حجم تلك القوات أو أين تتصور الحكومة السعودية نشرها.

اقرأ/ي أيضًا: 

مصر..من قتل الإيطالي "جوليو ريجيني"؟

العدالة والتنمية وسياسات الهوية..الطاعة أولا