17-يناير-2019

الطاهر التوم، أبرز الإعلاميين السودانيين هجومًا على الاحتجاجات الشعبية وكيلها الاتهامات (صحف سودانية)

عندما اندلعت الاحتجاجات المستمرة في السودان، منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، وجد الإعلام السوداني، وتحديدًا القنوات الفضائية، الحكومية والخاصة؛ نفسه في حرج بالغ، أشبه بالسير على أرض زلقة، وذلك بسبب تماهيه مع الخطاب الرسمي للدولة، في مواجهة مدٍّ شعبي أدرك بسهولة من يقف معه ومن يقف ضده، دون حتى أن تلتزم تلك القنوات الحد الأدنى من الأعراف المهنية.

مؤخرًا بدا الشارع السوداني أكثر انتباهًا لمحاولة التضليل الإعلامي، وتحديدًا من قناة سودانية 24، ومن خلال مديرها العام الطاهر حسن التوم

وكانت فضائية "سودانية 24" التي يملكها رجل الأعمال وجدي ميرغني، أكثر عرضة للنقد والغضب الشعبي، بسبب موقفها الغامض ابتداءً من الاحتجاجات المطلبية، أو بالأحرى تجاهلها أول الأمر. 

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام الحكومي السوداني.. لا صوت يعلو سلطة "الإنقاذ"

وفي خطوة ثانية تعاملت فضائية "سودانية 24" مع الاحتجاجات بصورة منحازة قليلًا، وما لبثت أن كشفت عن رأي سياسي واضح في مناصرة الحكومة، التي تتعامل مع المحتجين بصفتهم عملاء مخربين. وحاولت فضائية "سودانية 24" بدورها التشويش على المشاهدين بالإشارة إلى أيادي خارجية تدعم المظاهرات وتسعى إلى نشر الفوضى.

التلاعب بالحقائق

مؤخرًا بدا الشارع السوداني أكثر انتباهًا لمحاولة التضليل الإعلامي، وتحديدًا من قناة سودانية 24، ومن خلال مديرها العام الطاهر حسن التوم، الذي يطل عبر الشاشة في برنامج "حال البلد" نحو مرتين في الأسبوع، وتكثف مؤخرًا ظهوره بسبب الانتفاضة السودانية، إلى أربع مرات، أساء فيها الطاهر حسن التوم بشكل واضح للمحتجين، الذين بدورهم اعتبروه متلاعبًا بالحقائق بتركيزه على رأي واحد، دون عرض آراء أخرى.

وفي الحال شرع نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الدعوة لمقاطعة قناة "سودانية 24"، مطلقين دعوات أخرى واسعة لمقاطعة منتجات الشركات المعلنة على شاشة القناة، بسبب خطها الهجومي ضد الاحتجاجات الشعبية في السودان.

دعوة للمقاطعة

نشطت دعوات المقاطعة لقناة "سودانية 24" والشركات المعلنة عبر شاشتها، على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أفضى بالفعل إلى انسحاب عديد شركات الراعية لها.

ودفع ذلك بالطاهر التوم إلى تقديم شكوى للحزب الحاكم بالتطورات التي تهدد استمرارية قناة "سودانية 24"، التي تعتمد على الرعاية الإعلانية بصورة أساسية، وذلك وفقًا لما سُرّب صحفيًا.

ورصد متابعون أن إلغاء الإعجاب بصفحة قناة "سودانية 24" على فيسبوك بلغ 6771 خلال ساعتين، وزاد الرقم بالآلاف صبيحة أمس الأربعاء، هذا إلى جانب البلاغات التي قدمت لإدارتي فيسبوك ويوتيوب لحظر حسابات القناة والطاهر التوم.

في المقابل بدا الطاهر التوم أكثر توترًا، فكثّف هجومه على النشطاء، واتهم جهات خارجية بتغذية الاحتجاجات المتنامية في البلاد، عن طريق ربط كاميرات حديثة من دول أوروبية تقوم على الفور بتوثيق التظاهرات والانتهاكات التي يتعرض لها المتظاهرون، وبثها على الهواء مباشرة عبر الإنترنت.

المثير في حديث الطاهر التوم هو قوله إن هذه الكاميرات المشار إليها، تمنح خاصية تصوير المشاهد أكثر مما هو في الواقع! وأضاف: "الكاميرات التي تعمل على البث المباشر للمظاهرات مربوطة بمراكز إنتاج في فرنسا والنرويج".

تصريحات الطاهر التوم التي اشتملت على اعترافٍ ضمني منه بتعرض المتظاهرين للانتهاكات من قبل قوات الأمن؛ أثارت ردود فعل متفاوتة ما بين الغضب والسخرية.

تسويق "الرداءة" الإعلامية

ولعل أكثر ما أزعج الطاهر حسن التوم هو تعرضه لهجوم مكثف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب حلقة من الأسبوع الماضي على قناة "سودانية 24"، استضاف فيها القيادي البارز في الحزب الحاكم، النائب السابق لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه. 

وفي هذه الحلقة هدد عثمان المحتجين "بكتائب ظل جاهزة للتضحية بأرواحها من أجل حماية النظام"، فيما اعتبره المعارضون تلويحًا بإشعال فتيل حربٍ أهلية مفتوحة.

ومن جانبه ترك الطاهر التوم لضيفه مطلق حرية الحديث على قناة "سودانية 24"، وعبرت فوقه الاتهامات ورسائل التهديد والوعيد للمحتجين بخفة دون مقاطعة أو استدراك. وتحولت الأسئلة إلى كونها وسيلة لتمرير خطاب علي عثمان محمد طه المليء بالتهديد والوعيد، على نحوٍ بدا للمتابعين نوعًا من التواطؤ المقصود من قبل الطاهر التوم وقناة"سودانية 24".

غضبة على "حال البلد"

ودون إنذارٍ مسبق أوقفت قناة "سودانية 24" الإعلامي يوسف الجلال بسبب كتاباته ومواقفه السياسية المؤيدة للاحتجاجات، فضلًا على ظهوره في بعض القنوات الفضائية. 

فيما عبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي لؤي عبد الرحمن عن رفضه للدور الذي تقوم به فضائية "سودانية 24" في تشويه الحقائق والإساءة للمحتجين، معلنًا عن توقفه في الظهور على شاشة "سودانية 24"، واعتذاره عن المشاركة السابقة في برامجها. 

وكتب لؤي تدوينة على فيسبوك قال فيها: "انطلاقًا من احترامي لشعبنا، وقناعة مني بأن ما يمسه يمسني، أعلن اعتذاري عن أي ظهور في قناة سودانية ٢٤ كمحلل، أو في أي استضافة مستقبلية، ما لم يعتذر الطاهر حسن التوم للشعب السوداني".

وقبل أشهر، سُرّبت أنباء عن شراء جهاز الأمن السوداني، لنصيب رجل الأعمال وجدي ميرغني في قناة "سودانية 24"، غير أن الأخير سرعان ما نفى تلك الأنباء، تحت دواعٍ عدة.

نشطت على السوشيال ميديا دعوات لمقاطعة قناة "سودانية 24" والشركات المعلنة عليها، ما دفع بالفعل لانسحاب عدد من الشركات الراعية لها

ولا يُعلم على وجه الدقة ما إذا كانت صفقة كتلك تمت بالفعل أم لا، لكن الواضح للعيان هو ميل قناة "سودانية 24"، وعلى رأسها برنامج مديرها الطاهر التوم، لخطاب السلطة، على حساب مطالب الاحتجاجات الشعبية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أمام رفض البشير للتنحي.. تصعيد ميداني نحو العصيان المدني

انتفاضة السودان تعبر نحو البرلمان والبشير يستعين بالروس!