28-يونيو-2018

تلعب مصر دور "لسمسار" في صفقة القرن (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

السمسار في اللغة كلمة معربة من الفارسية، وأصلها سيب سار، والسمسار هو الوسيط بين البائع والمشتري، وظيفته تسهيل الصفقة. وأما الصفقة فهي "صفقة القرن" التي يديرها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومستشاره وصهره جاريد كوشنر، من أجل فرض تسوية قسرية للصراع العربي الإسرائيلي. أما أطراف الصفقة، فإسرائيل ودول عربية لم يعد تطبيعها مع تل أبيب، ولا ملفها الاستبدادي بجديد على أحد.

 يحاول عبد الفتاح السيسي، بتزكية من السعودية على ما يبدو، أن يلعب دور البديل عن السلطة الفلسطينية في صفقة القرن

 تشارك مصر في هذه الصفقة، وتلعب دور "السمسار المهم" برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي يحاول بتزكية من السعودية على ما يبدو، أن يلعب دور البديل عن السلطة الفلسطينية، وإقناع الأردن الخائف من تزعزع الأوضاع في البلاد، بإنجاز الصفقة. هذا باختصار أما التفاصيل فهي كثيرة.

الاستثمار بأوجاع غزة

في الأدبيات الأمريكية، فإن صفقة القرن، هي تسوية الصراع الأطول والأكثر تعقيدًا في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعتزم الولايات المتحدة بعد اعترافها بالقدس عاصمة رسمية لإسرائيل، أن تقوم بتسوية قسرية لإنهاء الصراع.

اقرأ/ي أيضًا: عرب "صفقة القرن".. تسوية قسرية رغمًا عن أصحاب القضية!

ووفقًا لما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية عما تم تسريبه من ملامح الصفقة، فإنها ستشمل "إقامة منطقة تجارة حرة على الحدود المشتركة بين قطاع غزة ورفح المصرية، بالإضافة إلى إنشاء محطة كهرباء عملاقة في منطقة إنتاجها مخصص لقطاع غزة بتمويل إماراتي كامل يتجاوز 500 مليون دولار". أما فيما يتعلق بجزء الصفقة الخاص بشمال سيناء وفقًا للتصور الأمريكي، وبحسب ما صرحت به مصادر مصرية خاصة لصحيفة العربي الجديد ، فيشمل "إقامة ميناء بحري مشترك بين مصر وقطاع غزة، يكون خاضعًا تمامًا للإشراف المصري، وتشارك في تشغيله عمالة من القطاع. بالإضافة إلى ذلك يتضمن المشروع، بحسب المصادر، تخصيص مطار مصري في شمال سيناء لخدمة أهالي القطاع، على أن يكون تحت إشراف وعمالة مصرية كاملة، وكذلك إنشاء منطقة صناعية كبرى على الحدود بين البلدين، بتمويل خليجي".

وبعد زيارة المسؤول الأمريكي عن ملف الصفقة جاريد كوشنر، ومبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، إلى مصر في الحادي والعشرين من هذا الشهر، بدأت مصر دورها الجديد، الذي سيعتمد حسب الجزء المنشور من المعلومات، على استغلال حصار غزة، والأزمة التي تعيشها منذ أكثر من عشر سنوات، من أجل القيام بمشاريع ممولة من الإمارات والسعودية، ستعزز انفصالها عن باقي الأراضي الفلسطينية.

تسوية على فلسطين بدون فلسطينيين

وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية للعربي الجديد عن موافقة مصرية على الصفقة، ولكنّ هناك عائقين، أولهما السلطة الفلسطينية التي ترى حسب ما نشرت هآرتس أن هدف صفقة القرن الأمريكية هو "إسقاط القيادة الفلسطينية واستبدال محمود عباس"، والتي نقلت أيضًا عن صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطنيين قوله إن" أنه على يقين من أن الأمريكيين يخططون لتجاوز وكالة الأمم المتحدة للاجئين، الأونروا، بحيث تذهب الأموال المخصصة للاجئين مباشرة إلى الدول المضيفة لهم. وأنه بهذه الطريقة، سيسحبون البساط من تحت مشكلة اللاجئين، وهي واحدة من أصعب القضايا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وترفض السلطة الفلسطينية أيضًا المقترح الأمريكي لأنها تقول إنها لم تعد ترى في الولايات المتحدة وسيطًا محايدًا، وعلى الرغم مما يبدو في بعض ملامح الصفقة، بخصوص تحسين الأوضاع الإنسانية داخل القطاع إلا أن السلطة الفلسطنينية ليست هي الطرف الوحيد الرافض لهذه الصفقة، حيث إن موقف الأردن ليس واضحًا بالكامل بعد.

 ففي حين قدمت السلطات الأردنية بعض مسوغات رفضها للصفقة، فيما يتعلق بمخاوف أن تنعكس نتائج الصفقة على نظام الحكم في البلاد، أو من الغضب الشعبي، خاصة بعد الاحتجاجات الأخيرة التي عمت البلاد بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. إلا أن صحيفة "يسرائيل هيوم" قالت إنها حصلت على تصريحات من أربع دول عربية، بينها الأردن، تؤكد الموافقة على الصفقة في ظل غياب السلطة الفلسطينية.

وهنا يأتي الدور المصري، بصفته "السمسار" الذي يحاول تقريب وجهات النظر، حيث يعمل السيسي على إقناع الملك عبد الله بن الحسين بإبداء مزيد من المرونة تجاه المشروع الذي تتبناه الولايات المتحدة مع حلفائها من السعودية والإمارات وإسرائيل، وتموله أبوظبي والرياض، "نظير تنازل الفلسطينيين نهائيًا عن حق العودة، وعن شرط تفكيك المستوطنات".

تتجه مسارات صفقة القرن في مجملها إلى مقترحات إعلان عاصمة فلسطينية في بلدة أبو ديس إلى الشرق من القدس

 وتحتاج مصر إلى إخلاء مزيد من الأراضي داخل سيناء من أجل إنجاز المشروعات المتعلقة في صفقة القرن، وهو ما يحتاج إلى مزيد من الدعم المالي الأمريكي، الذي قد لا يبدو بالسلاسة المتوقعة، في ظل تحفظات الكونغرس على المساعدات المالية المقدمة لمصر والتي أدت إلى تعليقه مساعدات عسكرية بقيمة 300 مليون دولار للقاهرة، واقتصادية بقيمة 37 مليون دولار العام الماضي، بسبب انتقادات متعلقة بحقوق الإنسان وتوغل الجيش في الاقتصاد.

اقرأ/ي أيضًا: جديد علاقات إسرائيل مع السعودية والإمارات.. ترتيبات ما قبل صفقة القرن

ومن الجدير بالذكر أن مسارات صفقة القرن تتجه في مجملها إلى مقترحات إعلان عاصمة فلسطينية في بلدة أبو ديس إلى الشرق من القدس. ووفقًا لما نشرته صحيفة هآرتس فإن القائمين على الصفقة يريدون إبقاء البلدة القديمة في القدس تحت الإدارة الإسرائيلية. دون أي وعود حتى بالانسحاب من التجمعات الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى أن الدولة الفلسطينية المزمع تأسيسها، ستكون حسب الصفقة منزوعة السلاح ومن دون جيش.

وتتحدث كل الأطراف في الصفقة عن "المكاسب"، وهي الأطراف الراضية، ومنها النظام المصري، بينما ترى السلطة الفلسطينية، التي تلعب الدول العربية "المعتدلة" دور تغييبها، أن الهدف الأهم من الاتفاق هو تضخيم هذه المشروعات وتقديمها كدولة بديلة للفلسطينيين مقابل التخلي عن حق العودة أو تفكيك المستوطنات على الأراضي الفلسطينية العربية.

ويرى مراقبون أن رفض السلطة الفلسطينية، التي دأبت على الميل باتجاه تحقيق تسوية سياسية، مع تنازل عن الكثير من الحقوق التي يعتبرها الفلسطينيون ثابتة، يعبر عن مستقبل الصفقة الخطير، إذ إنها تضم تنازلات رفضها حتى محور التسوية في الحقل السياسي الفلسطيني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السعودية ومسلسل التطبيع.. متى سيرفرف العلم الإسرائيلي في الرياض؟

ابن سلمان في ضيافة "أيباك".. طواف صهيوني حول "صفقة القرن"