13-أكتوبر-2017

احتجاج أمام نقابة الصحفيين المصرية سنة 2006 (صورة أرشيفية/ خالد دسوقي/ أ.ف.ب)

حجب واعتقال واحتجاز وأزمات مالية وتضييق كامل على حرية الرأي والتعبير هو ملخص حالة الحريات والإعلام في مصر منذ حزيران/يونيو 2013، وانتقل نظام السيسي من الانتقام من مؤيدي الرئيس السابق إلى جميع الصحفيين المختلفين مع النظام ولو في بعض القضايا من خلال الاعتقال والاحتجاز ومضايقات أخرى.

يندرج القبض على الصحفي سليمان الحكيم، حسب الكثيرين، ضمن حالات التحريض على الصحفيين المصريين ومحاولة إخماد أي حيز نقدي مخالف

آخر تلك الحوادث ما حدث أمس 12 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، عندما ألقت قوات الأمن القبض على الصحافي المصري سليمان الحكيم بتهمة "سب وقذف قوات الأمن المنوط بها إزالة منزله المخالف في منطقة فايد". قد تكون تلك الحادثة عادية وبعيدة عن عمله كصحفي، كما حاولت الداخلية تصديرها للرأي العام، ولكن أن يكون الاحتجاز بعد حملة تحريض قادها بعض أعضاء البرلمان المصري، على رأسهم مرتضى منصور ومصطفى بكري ضد الحكيم لسفره لتركيا وظهوره كضيف على قناة مكملين، فالأمر يصبح جديرًا بالملاحظة، في ظل انتهاكات متكررة على الصحافة وحرية الرأي والإعلام في مصر.

وأمام كل تلك الانتهاكات، تقف الهيئات الإعلامية والصحفية المشكلة بقرار من الرئيس المصري (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام)، موقف المؤيد المستمر للدولة في كل أفعالها، ويضع مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام والصحافة يده قبل أيام على أهم أسباب الأزمات الحقيقة للصحفيين ألا وهو "ارتداء البعض بناطيل مقطعه!!"، وهو ما اعتبره مهينًا للقطاع، في مشهد استفز الكثير من أهل المهنة والمهتمين.

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. التعيينات الإعلامية إرضاءً لرجال الرئيس

التحريض على الحكيم

سليمان الحكيم، صحافي مصري، كانت له مواقف مختلطة بين رفض جماعة الإخوان وتأييد الانتقام منهم، ثم انقلبت جميعها رفضًا للرئيس المصري ونظامه الحالي، وخاصة بعد أزمة تيران وصنافير، وكان يسافر ليحضر كضيف في قناة الجزيرة بالدوحة وقنوات أخرى، وهو ما دفع بعض رجال النظام للهجوم عليه ولكن تلك الحملة انخفضت حدتها إلى أن عاد سليمان وقرر السفر لتركيا، خلال الأيام الماضية، للظهور كضيف في قناة مكملين، لتنطلق حملة من بعض رجال النظام من خلال الهجوم عليه والتحريض ضده.

وبدأت الحملة من الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري في 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري واعتبر بكري أن "ظهور كل من سليمان الحكيم والكاتب الصحفي سليمان جودة على قناة مكملين، المقربة من إخوان مصر، سقطة مهنية وأخلاقية"، ثم انتقد رئيس نادي الزمالك وعضو مجلس النواب مرتضى منصور على قناة العاصمة، المقربة من الجهات الأمنية في مصر، في 11 تشرين الأول/أكتوبر، الحكيم وطالب الجهات المختلفة بالرد، ومتهمًا أيضًا مكرم محمد أحمد بـ"المتخاذل أمام أفعال الحكيم وغيره ".

اقرأ/ي أيضًا: من حجب المواقع إلى اختراقها.. هذه قصة خالد البلشي وعمرو بدر

وفي اليوم التالي لحديث مرتضى، توجهت قوة أمنية لتطبيق قرار قديم منذ شباط/فبراير الماضي بهدم المنازل المخالفة في المنطقة التي يملك فيها سليمان الحكيم منزلًا وقامت قوات الأمن باحتجاز الحكيم وإحالته للنيابة التي اتخذت قرار بإخلاء سبيله بعد ذلك.

وعقب إخلاء سبيله، هاجم الحكيم على صفحته الخاصة في موقع فيسبوك وزير الداخلية والسيسي  وأشار إلى أن "القبض عليه تم لأسباب سياسية" وتساءل "لماذا تقوم الحملة بهدم بيتي فقط دونًا عن البيوت المخالفة رغم أنني لم أبنِ على أرض حكومية، كما لم أبنِ على أرض زراعية أو متنازع عليها مع طرف آخر.. لماذا تذكر النظام قرار الهدم الآن بعد أن أطلق كلابه في كل الفضائيات مطالبين بإعدامي .. شارون يحكم مصر".

وأثار احتجاز الحكيم جدلًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعلن قطب العربي، عضو المجلس القومي للصحافة، التضامن مع الصحفي سليمان الحكيم، كما رفض كل من محمد سعد عبدالحفيظ وعمرو بدر، أعضاء مجلس النقابة احتجاز الحكيم واعتبر بدر قرار القبض "غريبًا".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: في زمن خالد صلاح

الحجب والانتهاكات في حق الصحفيين متواصلة

يلعب خالد صلاح، الصحفي المقرب من الجهات الأمنية، دورًا هامًا في التحريض والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في مصر

التحريض على الصحفيين في وسائل الإعلام المصرية لم يكن بطله الأول سليمان الحكيم ولكن كانت هناك حوادث أخرى من بينها التحريض على الكاتب الصحفي عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، وخالد البلشي عضو المجلس السابق، عندما اخترق قراصنة المواقع الصحفية التي يترأسها كليهما، وقاموا بإدراج مقالات تحمل سبًا وقذفًا في بعض رموز النظام الحالي. وسارع حينها بعض الصحفيين في المؤسسات الإعلامية التي يترأسها خالد صلاح "اليوم السابع وصوت الأمة"، إلى نسخ المقالات المزورة ومطالبة الجهات الأمنية بمعاقبة الصحفيين.

ويلعب خالد صلاح، الصحفي المقرب من بعض الجهات الأمنية، دورًا هامًا في التحريض والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في مصر فقام بنفسه في تموز/يوليو الماضي بإبلاغ عدد من الصحفيين في جريدة اليوم السابع بفصلهم من الجريدة بعد كتابة تدوينات على صفحاتهم الخاصة على فيسبوك ترفض موافقة البرلمان المصري على اتفاقيه تيران وصنافير.

ومنذ أيار/مايو الماضي، حجبت السلطات المصرية العشرات من المواقع الإخبارية بدعوى "تأييد الإرهاب"، وتقدمت منظمة حرية الفكر والتعبير بدعوى قضائية أمام القضاء الإداري للطعن على حجب عشرات المواقع الإلكترونية دون قرار أو توضيح للجهات المعنية، كما رصد المرصد العربي لحرية الإعلام 53 انتهاكاً بحق الصحافيين في مصر في شهر آب/ أغسطس فقط، إلى جانب الانتهاكات السابقة المستمرة.

اقرأ/ي أيضًا: عام على اجتماع 4 مايو...السيسي يحكم قبضته على الصحافة المصرية

الهيئات تساند بطش النظام

تمثل الهيئات الإعلامية ونقابة الصحفيين في مصر حاليًا يد البطش التي يستخدمها النظام

رغم أن الدور المنوط بنقيب الصحفيين والهيئات الوطنية للإعلام والصحافة وكذلك، المجلس الأعلى للإعلام هو مساندة أصحاب المهنة وتنظيم العمل إلا أن تلك التشكيلات ومنذ الإعلان عنها كانت يد البطش التي يستخدمها النظام وهي تتدخل في قضايا فرعية غير ذات أولوية للصحفيين المصريين في الوقت الحالي.

من أبرز تلك القضايا الفرعية التصريحات الصادرة عن مكرم محمد أحمد، النقيب الأسبق للصحفيين ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، حول الملابس الخاصة بالصحفيين المصريين منتقدًا طريقة لباس البعض لـ"بناطيل مقطعه" أثناء عملهم، واعتبر الأمر "خارجًا عن الذوق العام وأصول المهنة".

تلك التصريحات قادت حملة من الانتقاد والسخرية حول اهتمامات المسؤول الأول عن الصحفيين والإعلاميين في مصر، في ظل انتهاكات بدأت باعتقالات ومنع من الظهور الإعلامي لبعض الإعلاميين، وكذلك حجب مئات المواقع الإخبارية والثقافية، وتضييق وفصل للصحفيين المعارضين في بعض الصحف القريبة من الجهات الأمنية.

ولم يتوقف دور المجلس الأعلى على الصمت أمام الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون فقط، ولكنه اتخذ في بعض المرات دور المحرض والمهاجم لحرية الرأي والتعبير، كما اتخذ المجلس عدة قرارات بوقف وإنذار برامج تلفزيونية، لتمريرها ما قد لا يروق للنظام. أما الهيئة الوطنية للصحافة والتي يقودها كرم جبر، وهو من أبرز الصحفيين المؤيدين لحسني مبارك، فقد أعلنت عن أبرز سياساتها ببيان يحمل اسم "رؤية حول دور الصحافة القومية في إيقاظ القوة الناعمة المصرية"، تفرغ لمهاجمة ثورة 25 يناير واعتبرها "مصيدة الربيع الملطخة بالدماء وحاولت إفشال الدولة المصرية"، ولم يشر البيان إلى الانتهاكات التي تحدث للصحفيين المصريين من جانب النظام ولا حجب المواقع، ويعد ذلك البيان الهيكل الرئيسي في تعاملات الهيئة التي لم ترفض أيضًا حجب المواقع الإلكترونية ولم تواجه أي انتهاك ضد حرية الرأي والتعبير.

ويحمل قرب إصدار قانون موحد لتداول المعلومات مزيدًا من القلق على الحقوقيين والصحفيين المصريين في ظل تواجد تلك الهيئات بتشكيلاتها المعادية لحرية الصحافة، وكذلك مجلس النواب، الذي يحمل أعضاؤه عداء للصحافة وحرية الرأي والتعبير. كما ويعيش الصحفيون المصريون بين التحريض والانتهاك والحجب وغياب المعلومة منذ سنوات في ظل تزايد للانتهاكات وقمع النظام.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

"عسكرة" الإعلام المصري.. لم تعد الموالاة كافية!

الإعلام المصري وانتخابات اليونسكو: نظرية المؤامرة تقود كل شيء