25-مايو-2018

مصطفى الحلاج/فلسطين

إنه المشهد مرّة أخرى
لا إنها مرّاتٍ عديدة
 لا، إنها مرّات بعدد الرصاصات
التي انهملت فوق أجسادنا فأثمرت
 نعم، أثمرت قلة الحيل..
أثمرت مليون صباّرة وقتيلَ
بعدد البراميل.. التي سقطت داخل حناجرنا
كان البرميل أشبه ببرميل النفط الذي أضاء أمريكا وأحياها
لا أعلم كيف سقط على المُخيم
فأطفأ الدار ووفّاها
 وأصاب نفرًا من الإنس
 فأسعفه مُصاب
وشهد على موته مُصاب
وصلى عليه مُصاب
 فحمله مُصاب
ودفنه مُصاب
وبلحظة واحدة ماتَ كلّ المُصابين
ببرميل يشبه برميل النفط. أتذكرون؟

*

إنها المَرّات والمُرّات
يُقلع ضلع من سبعين ضلعٍ و نكبة!
تَرى المُخيّمَ من بعيد
مثل لوحةً زيتيّةً لإمرأة عارية جميلة
يُضاجعُها ديكٌ قبيح!
 ثم إن رأيتها عن قريب
تَرى إمرة جميلة.. تُصارع نملًا أسود
حتى جرّدوها من حُليِها وأكلوا لحمها!
و تُركت هيكلًا عظميًا
 لكنها تتحرّك!
تتحرّك مع كل الرياح التي اصطدمت ببراويز الأبواب المخلوعة
 تُصدر صوت صُراخ يتبعه صدىً ثقيل
 كانت هيكلًا عظميًا على قيد الحياة
 لقد قالوا في قمةٍ ما
إن باعوضة ما، تغرس إبرة ما، على جلد المخّيم
قتلوا المُخيّم يا رام وهربت الباعوضة
تحملُ دمنا إلى قمّةٍ أخرى
وفي قمّةٍ أخرى
حملت أفواههم سِربًا من الذُّباب الأزرق
 طار فوق قطعة لحمٍ نيئةٍ
وكانت تلدُ ديدانًا صغيرة
 وبسرعة كانت تكبر بحجم القذيفة..
 حتى أصاب المكان التهاب عصبيّ
لم أكن أعلم أن رائحة الحمّى هذه
كانت تنبعثُ من بينَ شفتَيّ المُخيّم
 وصوت السّعال هذا كان يخرج من صدره القصيدة
من صدر المخيّم
كان مدمنًا على تدخين البارود
*
ظل يسعل حتى هَفتَت ضلوعه ومات
وكلّ أدوية العالم.. لم تسعفهُ
ولم تستطع أجنحة البجع حمله إلى الماضي
إلى ما قبل النكبة ليُدفن هُناك..
فألبسوه شظية ودفنوه في قالب من الرصاص
وكتبوا في آخر قمّةٍ لهم..
سقط المُخيّم، وقعَ المُخيّم
وفي حقيقة الأمر أن من سقطت هي القممُ
والطائرات النازلات العاريات
لم تستطع بترَ اليرموك من دمشقَ
لم تستطع قطع اليرموك من دمشقَ..

 

اقرأ/ي أيضًا:

الخوف هو الجدوى

الهواء خلف الحصانِ