04-أبريل-2023
 (Getty) إسرائيليون في مظاهرة يحملون لفائف التوراة تحت ملصق لهرتزل

(Getty) إسرائيليون في مظاهرة يحملون لفائف التوراة تحت ملصق لهرتزل

قبل ظهور الحركة الصهيونية واحتكارها الديانة اليهودية، بل وتحويلها إلى قومية، كانت في فلسطين جيوب وجود يهودي، يهود عرب يعيشون كجزء من النسيج الاجتماعي المركب بطبعه في فلسطين بين مسلمين ويهود ومسيحيين ودروز، بالإضافة إلى أقليات إضافية نزحت من بلادها الأصلية قبل قيام إسرائيل مثل الشركس والأرمن.

مع نهاية القرن التاسع عشر بدأت الهجرات اليهودية من أوروبا إلى فلسطين متأثرةً بصعود دول القوميات، تحمل حالمين ببناء دولتهم المستقلة، وقد عبر عنها هرتزل بكتابه "الأرض القديمة الجديدة" وبطله رشيد التابع العربي المنبهر بالحضارة القادمة إليه لإنقاذه من نفسه.

مع نهاية القرن التاسع عشر بدأت الهجرات اليهودية إلى فلسطين متأثرةً بصعود دول القوميات في أوروبا، تحمل حالمين ببناء دولتهم المستقلة، وقد عبر عنها هرتزل بكتابه "الأرض القديمة الجديدة"

يمكننا النظر إلى الحركة الصهيونية المنبثقة من مؤتمر بازل، إلى حركة أوروبية لديها ثلاث بديهيات أو ثيمات: 1- الحق الإلهي والأخلاقي لليهود بإقامة دولة في فلسطين. 2- التفوق العرقي والأخلاقي لليهودي عامة واليهودي الغربي (الأشكنازي) تحديدًا. 3- عنصرية العالم ضد اليهود وتجذر اللاسامية في كل مكان، مما لا يسمح بالثقة المطلقة بهم، أو ما يمكن اعتباره عقدة الشعور بالاضطهاد.

لم تتماهَ اليهودية الشرقية مع هذه الأسس، خصوصًا أنها عانت أيضًا من تبعات العنصرية الصهيونية لليهود الأشكناز، مقابل معيشة مقبولة نوعًا ما في العالم العربي والإسلامي، على قدر ما تسمح به ظروف الدول تلك عامة، وعلى قدر التمايز الطائفي والعرقي الموجود في تلك البلاد أصلًا.

ومع توالي الهجرات اليهودية، خلقت دائرة تغذي نفسها من المقاومة الفلسطينية لهذا التمدد الاستيطاني على أراضيه، ما ساهم بخلق أرض خصبة لكراهية الصهيونية، تتبعها كراهية لليهود بشكل جارف بصفتهم مستوطنين ومحتلين، مما يعزز ادعاءات الحركة الصهيونية بأن العالم مشبع باللاسامية، وألا مفر من إقامة دولة اليهود لحمايتهم.  

وكانت أحداث البراق نقطة تحول مفصلية في الصراع، حيث بدأت بأحداث شغب قامت بها الحركة الصهيونية من استنفار للصعود والتظاهر إلى حائط البراق، وأنباء غير مؤكدة عن خطف وقتل طفل فلسطيني، تبعتها ردة فعل عمياء للفلسطينيين لم تستطع الفصل بين اليهود الصهيونيين الأوروبيين واليهود العرب الفلسطينيين الذين رفضوا المشاركة بالتظاهرات، لكن للأسف تم ضمن ردة الفعل الغاضبة قتل عشرات اليهود بشكل عشوائي، مقابل القتل المضاد الذي قامت به بالأساس قوات الجيش البريطاني.

منذ تلك اللحظة، تم احتضان اليهود الشرقيين بشكل كامل ضمن الحركة الصهيونية وسلخهم عن عمقهم العربي. احتضان فيه الكثير من المرارة لكونهم من اللحظة الأولى باتوا أتباعًا للأشكناز يُتوقع منهم أن يكونوا عمالًا يدويين، وجنودًا مطيعين تحت القيادة العبرية التي بدأت بسلخهم عن تاريخهم ولغتهم المتوارثة لمئات السنين.

من أهم عوامل الموافقة على قرار التقسيم، هو الشعور بالذنب للدول الأوروبية مما حصل في المحرقة (ضد اليهود الأشكناز)، فكانت ركيزة أساسية في تعاطفها ودعمها للحركة الصهيونية في فلسطين، بشكل مباشر حينًا، وبشكل غير مباشر أحيانًا.

مع قيام الدولة الصهيونية، حصل هنالك تناقض صارخ بين أسس الدول الغربية الحديثة التي أرادوا بناءها، وبين عنصرية مؤسسيها تجاه العرب واليهود الشرقيين، وبما أن البند الأساسي في وثيقة الاستقلال يتحدث عن دولة "يهودية ديمقراطية" تبعتها العديد من الفقرات التي تتحدث عن المساواة بين المواطنين، وكي يستطيع هؤلاء المؤسسون في حفظ أغلبية يهودية، كانت حاجة إلى "تطهير" البلاد من أكبر كمية من غير اليهود، وبما أن تلك العمليات تتناقض مع الأسس الأشكنازية لحقوق الإنسان، فقد بلورت الصهيونية عدة تبريرات لعملياتها تحمل بعض الحقيقة والكثير من التناقضات :

  1. كانت تلك حربًا مصيرية، لو خسرناها لتم محو الوجود اليهودي في فلسطين، لذلك ما فعلناه كان حتميًا.
  2. هاجر الفلسطينيون ولم يطردوا.
  3. تم تشجيع الهجرة، خصوصًا في القرى والمدن الإستراتيجية لتثبيت وجود الدولة.
  4. تم محو أو مهاجمة أي قرية حصلت منها مقاومة تحت بند الدفاع عن النفس.
  5. حصلت تجاوزات (القصد مجازر) بدرجات متفاوتة من معرفة القيادة بها، لكن لا يمكن الاعتراف بها سواء أمرت بها القيادة أم لا، لذلك وبعد مرور سبعين سنة ما زالت هنالك وثائق سرية غير مكشوفة للملأ.

كل هذه التبريرات تنضوي تحت الثيمات الثلاث من الحق بإقامة دولة يهودية، والتفوق العرقي والأخلاقي، وعنصرية الآخرين، إلى جانب التبريرات، صارت منارة لقيادات الدولة الأشكنازية تعمل بها ووفقها، لكن بالمقابل ربما بسبب الخوف من ردة الفعل من الحلفاء الغربيين، أو بسبب قناعة بعد القيادات اليسارية بمبدأ المساواة، أو ربما للحفاظ على هذا "التفوق الأخلاقي" القانوني.

تم وضع القوانين بحيث تضمن السيطرة الإشكنازية دومًا دون سنها بشكل عنصري مباشر، فهنالك لجان قبول للقرى التعاونية اليهودية، وهنالك لجان تعيين قضاة، وحتى تعيين مدير مدرسة في القرى العربية

لم يتم تقريبًا سنّ أي قوانين ثابتة مؤطرة بشكل عنصري، بل تم ممارستها تحت أقنعة وعباءات كثيرة، أهمّها الحاجة العسكرية، التي بمعيتها مثلًا تم مصادرة أغلب أراضي الأقلية العربية، حيث تم الإعلان عنها كمناطق عسكرية، لتقدم بعدها بعدة سنوات لـ"دائرة أراضي إسرائيل" غير الحكومية، لأجل بناء قرى ومدن لليهود فقط ضمن مخططات معروفة، لكن دون الاحتفاء بها لتهويد البلاد.

تم وضع القوانين بحيث تضمن السيطرة الأشكنازية دومًا دون سنها بشكل عنصري مباشر، فهنالك لجان قبول للقرى التعاونية اليهودية، وهنالك لجان تعيين قضاة، وحتى تعيين مدير مدرسة في القرى العربية يتم عبر لجنة بها عضو شاباك له حق النقض بشكل غير مباشر، حيث لا يقبل باقي أعضاء اللجنة المصادقة على مدير تم رفضه من قبل ممثل الشاباك، وهنالك قوانين تفضيلية لمن يخدمون في الجيش من حقوق وأراضٍ حيث لا يخدم أغلب العرب في الجيش، ومن خدم يتم إيجاد بنود لاستثنائه أحيانًا، أو لربما يحصل على بعض الفتات.

هذه القوانين أصابت اليهود المتدينين الذين لا يخدمون، حيث استحدثت قوانين تستثنيهم منها أو تجد لهم مخارج قانونية. قانونان وحيدان وجدا قبيل قيام الدولة بشكل عنصري مباشر: قانون أملاك الغائبين، جرت من خلاله مصادرة أرض وبيت كل عربي هاجر أو هجّر من قريته، ويشمل ذلك من ابتعد عن قريته بضعة كيلومترات فقط وبقي داخل حدود دولة إسرائيل، مثل سكان حي الصفافرة في الناصرة الذين يسكنون مقابل قريتهم، ورأوا بأم أعينهم كيف تم ردمها وزراعة غابة من شجر الصنوبر فوقها، وهم يسكنون في مخيمات قبالتها.

أما القانون الثاني فهو قانون العودة لليهود الذي يسمح لأي يهودي (وتعريف اليهودي موضوع شائك له تبعات وإشكاليات تستحق مقالًا مستقلًا) الأب أو الأم العودة لإسرائيل والحصول على رزم عودة ( علياه- وتعني بالترجمة الحرفية الصعود إلى إسرائيل)، ومساعدة في تعلم اللغة ومساعدات مادية وضريبية وغيرها.

بين كل هذه التشابكات حصل تثبيت لدولة الأشكناز العميقة، من باب المحافظة على دولة يهودية القيادة، فقد تم تهميش اليهود الشرقيين لفترة طويل، وعندما قدموا إلى البلاد، تم توطينهم في المناطق البعيدة، أو في مناطق التماس مع العرب في النقب والجليل الأعلى والأغوار دون حصولهم على امتيازات الأراضي التي حصلت عليها القرى التعاونية الأشكنازية، وجرى استثناؤهم من تقاسم كعكة قيادة البلاد، فهؤلاء يتحدثون العربية في بيوتهم، وما فتئوا يذكرون دولة الأشكناز بالأعداء، فيتم الشك بهم في المطارات وغيرها بسبب أشكالهم المشبوهة.

ما بين العنصرية الأشكنازية والصراع العربي الإسرائيلي، تماهى الشرقيون مع الدولة واستبسلوا في "كاثوليكيتهم أكثر من البابا"، حيث تحول الشرقيون إلى بؤرة لكره العرب والتصويت الجارف لليمين الإسرائيلي، نكاية بحزب مباي وخليفته حزب العمل الحاكم، الذي يمارس عنصريته ضدهم بشكل ممنهج عبر سيطرته المباشرة على الحكومة وعبر الدولة العميقة.

استغل حزب الليكود هذه الكراهية ليحصل على الحكم لأول مرة عام 1978، نقطة التحول المفصلية في في الصراع بين يمين مدعوم بالشرقيين ويسار أشكنازي عنصري، بقيت الأحزاب المتدينة طرفًا غير منحاز ينضم إلى كل حكومة ليحصل على حصته من الكعكة، حتى اتفاقية أوسلو، ليحسموا أمرهم وينحرفوا إلى يمين اليمين، لتتحول الأحزاب الدينية إلى أحزاب يمين عنصري متطرف لا تقبل المشاركة بحكومات اليسار أو يسار الوسط.

بقي حزب العمل يصارع على السلطة، خصوصًا بفضل نجومه الدمويين ومجرمي الحرب مثل رابين، بطل حرب الأيام الستة وسياسة تكسير العظام في الانتفاضة الأولى، حيث حصل حزبا العمل وميرتس اليساريان على 56 عضو كنيست من أصل 120 عام 1992، وأسسا الحكومة بمساعدة حزب شاس الشرقي، حيث كان في مأزق حاجته لدخول الحكومة من أجل ميزانيات لمؤسساته، كما كانت فرصته للتمايز عن الأحزاب الدينية الأشكنازية، وكانت تلك آخر مرة يدخل فيها هذا الحزب في حكومة يسارية لينسحب بعد أوسلو وينعطف انعطافًا حادًا نحو اليمين العنصري، وتلك أكثر نسبة يحصل عليها الحزبان في الـ40 سنة الأخيرة، حيث حصل حزب العمل في الانتخابات الأخيرة على 4 مقاعد مقابل 0 مقاعد لحزب ميرتس، ويعود السبب الأساسي لاختفاء هذين الحزبين إلى الحقد التاريخي للشرقيين عليهما، رغم أنّ هذه الأحزاب اختارت قيادات شرقية لم تشفع بتبييض تاريخ السيطرة الأشكنازية، مقابل حزب الليكود الذي من المفارقة لم يرأسه أي شرقي منذ تأسيسه حتى الآن.

بقي حزب العمل يصارع على السلطة، خصوصًا بفضل نجومه الدمويين ومجرمي الحرب مثل رابين، بطل حرب الأيام الستة وسياسة تكسير العظام في الانتفاضة الأولى

منذ عام 1978، ومع بدء التناوب بين اليسار واليمين الصهيوني، ومن ثمّ الانحسار شبه التام لليسار، توقعت أحزاب اليمين بشكل عام، والشرقيون بشكل خاص، توزيعًا أكثر عدلًا بين اليهود على موارد الدولة، لكن المعضلة غير المباشرة أن التوزيع العادل للموارد يعني حصول العرب على 20% من الموارد وهذا أمر غير مقبول طبعًا لدى الطرقين، فاصطدام الشرقيون بحائط الدولة العميقة التي تحافظ على نفسها من النفوذ العربي، وهو أمر مرغوب، لكن على الهامش كان اختراق الشرقيين لهذا الحائط عملًا صعبًا ومضنيًا، وإن حصل فهو يشبه حصول أوباما على الرئاسة في الولايات المتحدة، أي ثمنه تنازلك عن أصولك وتماهيك مع مبادئ الآباء المؤسسين.

لم ترق لليمين تلك الأسس، وكي تلغي إمكانية دخول العرب عبر أي ثغرة للمنظومة، بُدئَ بسنّ قوانين عنصرية، بعضها وضعية، أي قوانين مؤقتة وهي بمثابة بالونات اختبار لتجاوب الفلسطينيين والعالم لها، أهم قانون هو قانون منع لم الشمل الذي يمنع تحديدًا الفلسطينيين من الضفة والشتات الحصول على مواطنة إسرائيلية بأي حال من الأحوال، حتى لو تزوجوا من فلسطيني لديه جنسية إسرائيلية. طبعًا هذا القانون مخصص تحديدًا للفلسطينيين، إذ تُمنح المواطنة لأي مواطنين آخرين يتزوجون من مواطنين إسرائيليين ولا يشكلون خطرًا على يهودية الدولة. أمّا القانون الأهم في هذا السياق هو قانون القومية الذي يضمن وفق قانون أساسي – والقوانين الأساسية في إسرائيل وجدت لتكون بديلًا لدستور غير موجود- يضمن بشكل قانوني تمييزًا تفضيليًا لليهود عندما يتعلق الأمر بيهودية الدولة، ليكون ذلك مدخلًا لتمييز كل من هو غير يهودي يشكل وجوده أو منصبه خطرًا على يهودية الدولة.

بعد كل بالونات الاختبار هذه، وبعد الانزياح المتواصل نحو اليمين الأصولي الذي توقف عن الاعتذار عن قتل الفلسطينيين، "يقتلون ويبكون"، أو أيضًا قيل "منهم الطلقة ومنهم الوردة" في تظاهرات حاشدة يهودية ضد مجازر صبرا وشاتيلا، وقتل خمسين فلسطينيًا إذا تم كشفه للعالم يتم محاكمة مرتكبيه بدفع شيلينغ كامل كعقوبة، فذلك يمكنه تأليب العالم ضد إسرائيل أو إظهارها بشكل غير أخلاقي، أما القتل بذرائع قانونية أو شبه قانونية لا بأس به ما دام في مجال الشبهات مثل قتل الفدائيين في قضية باص 300، التي انتشرت بسبب نشر صور القتلى وهم معتقلون أحياء، فالصهيوني الحقيقي يقتل لكنه لا يكذب، وبالنتيجة أُعفي المنفذون للإعدام الميداني قبل محاكمتهم.

القوانين القائمة موجودة تحت رحمة المنفذين في قرارات العنصرية المبطنة، ويمكن أن تودي لا سمح الله إلى مساواة تامة في الحقوق، وذلك أمر بات يؤرق اليمين، خصوصًا في ظل انجراف الأحزاب العربية في الكنيسيت إلى دعم حكومات غير يمينية للتخفيف من وطأة وجود اليمين الفاشي، مما سيلزم حكومات مدعومة بأحزاب عربية بدفع ثمن لا يساوي صفرًا من ميزانيات أو بعض الفتات تحت إطار المشاركة في الحكم، وهذا ما لا يطيقه اليمين وبات يحلم بسن قوانين تحول دونه.

فوق كل ذلك طبعًا توجد قضايا فساد ضد حكام الأحزاب اليمينية، استغلتها الأحزاب المعارضة والدولة العميقة لمحاولة هدم حكم اليمين، لكن النتائج باتت عكسية، وبات مليونان ومائة ألف يهودي داعمين لأكثر حكومة فاشية على الورق رغم كل القضايا والأحكام ضد قيادات أحزابها.  

مع حصول اليمين على 64 عضو كنيست من 120، وأغلبية مطلقة تسمح له بسن أي قوانين يريدها، تم التجهيز والبدء بسنّ عشرات القوانين التي تؤسس لهذه السيطرة، وبدأت بسحب البساط من تحت دولة الأشكناز العميقة، وممثلها الأكبر محكمة العدل العليا التي يأتي معظم أعضاؤها عبر سياسة "صديق يجلب صديقًا"، فالجزء الأهم من لجنة تعيين القضاة الجدد هم قضاة، ولديهم القدرة لترجيح الكفة ومنع أي شخص غير مرغوب.

إسرائيل دولة تحوي تناقضات بنيوية بين قوانين أغلبها مع المساواة وحقوق المواطن، وبين عنصرية يتم التستر عليها لتمرير ما تريد بشكل غير مباشر

هذا القانون تحديدًا كان سببًا في قيام اليسار الأشكنازي بالتظاهر بحجة عدم النزاهة وإدخال السياسة في لجنة تعيين القضاة، وهي حجة بها الكثير من الحقيقة، لكن الخوف الأكبر هو كسر الهيمنة وبناء نظام إسرائيلي جديد لا يشبه الدولة التي أسست.

إسرائيل دولة تحوي تناقضات بنيوية بين قوانين أغلبها مع المساواة وحقوق المواطن، وبين عنصرية يتم التستر بالثيمات الثلاثة المذكورة لتمرير ما تريد بشكل غير مباشر، في طريقها نحو تحول إلى عنصرية مباشرة ممنهجة، مدعومة بالأغلبية من أحزاب دينية يمينية، وبين تيارات صهيونية تنتظر "المسيح اليهودي"، وبين شرقيين يريدون تدمير دولة الاشكناز بكل ثمن.

يبدو أن المسار إلى هذا حتمي وسيحصل، وهنالك أسئلة أكثر من الإجابات، فهذا التطرف بدأ يؤتي نتائج عكسية سواء بالتعامل مع الولايات المتحدة وأوروبا التي لا تستطيع الدفاع طويل الأمد عن تلك العنصرية المباشرة المعاكسة لادعاءاتها دعم الديمقراطية وحقوق الأنسان، وحتى العالم العربي والدول "الصديقة" لإسرائيل باتت متخوفة من هذا الانزياح العنصري، وطبعًا الفلسطينيون بكل تمزقاتهم بين غزة والضفة والداخل والشتات باتوا محتقنين من هذه التطورات وجولة جديدة من المواجهات باتت مسألة وقت. بتقديري ستعيد إسرائيل إلى "عقلانيتها"، وتعيد "الشعب الإسرائيلي" إلى أحضان الأحزاب الصهيونية المعتدلة، ليس محبة بالمساواة، بل تخوفًا من النتائج الوخيمة لهذا الانحراف العنصري على اقتصاد إسرائيل،  لتلحقها دورة أخرى من بالونات الاختبار لقوانين أشد عنصرية وحكومات أكثر تطرفًا.