11-أبريل-2019

عبير اسبر وروايتها (الترا صوت)

أصدرت السينمائية والروائية السورية عبير اسبر (1974) رواية جديدة تحملُ عنوان "سقوط حر" عن (دار هاشيت أنطوان/ نوفل)، لتكون الرابعة في رصيدها بعد ثلاث روايات سابقة: "لولو"، و"منازل الغياب"، و"قصص ورق".

حوّلت عبير اسبر سيناريو فيلم إلى نص روائي لتشارك في مسابقة وتشتري كاميرا، هكذا ولدت رواية "لولو"

اسبر المُقيمة في كندا، جاءت إلى الرواية من باب السينما تحديدًا. ويُمكن القول إنّ تفاصيل دخولها فضاء الرواية، كانت رواية بحدّ ذاتها. عملها الروائي الأوّل "لولو" كان في الأساس سيناريو لفيلمٍ لم يخرج عن حدود الورق المدوّن عليه، قبل أن يتحوّل السيناريو إلى نصٍّ روائي حين سمعت عبير اسبر بأن هناك جائزة في وزارة الثقافة تحمل اسم "جائزة حنّا مينه"، وتبلغ قيمتها المالية 100 ألف ليرة سورية، إن تمكّنت من حصد المركز الأوّل فيها، فيعني ذلك أن تمتلك كاميرا لصناعة فيلمٍ مُنتظر. هذه الحادثة، على ما تنطوي عليه من فكاهة، كانت السبب وراء دخول كاتبتنا إلى فضاء السرد. إنّها، بشكلٍ أو بآخر تورّطت بالرواية، وأتقنت فيما بعد الصنعة، صنعة الحكي.

اقرأ/ي أيضًا: مكتبة عبير اسبر

روايتها الجديدة هذه "سقوط حر"، تحكي قصة عائلة تتصارع على بيتٍ دمشقي عريق وقديم. البيت يحوي مقبرة العائلة كاملةً، بكلّ أجيالها. والفكرة "حول الصراع على تاريخ موتى في قبورهم. وفكرة الانحياز للموت على حساب الحياة. الحامل للحكاية هي ياسمينا في ترحالها بين المدن، وهي تحمل لإرث فظّ من حكايات ماضيها الفاجع" تقول عبير اسبر، ونعرف أنّ ياسمينا رُبّيت لتكون خطّاءة، ولكي تبقى كذلك أيضًا.

وتُضيف في حديثها لـ "ألترا صوت": "فكرة العنوان، سقوط حر، جاءت مما تحملهُ فكرة الحرية من انعتاق. ولكنّ الحرية بالنسبة للبطلة كانت تخلٍّ وسقوط أيضًا، بمعنى من المعاني".

وحول الجديد في هذه الرواية، واختلافها أو تقاطعها مع رواياتها السابقة، تقول: "الحديث حول الاختلاف بين نصّين روائيين للكاتب، أمرٌ إشكالي ومرهق بالأساس. ما يتمنّاه الكاتب حقيقةً ليس تحقيق ذلك الاختلاف فقط بل السعي له. ولكن، هل من الممكن تقصّي منابع تلك العملية؟ أي كتابة المُغاير والمُختلف؟ ما أعرفه هذه المرّة، وما كنتُ مصرّة عليه بيني وبين نفسي، أن تنطلق "سقوط حر" من الإرث الأدبي تحديدًا؛ أن تكون مخلصةً لعالم الأدب، وأن تريد كجنسٍ فنّي الحصول على أحقّيتها كنصٍّ سردي روائي، ليس لديه نزوع تجاه الفنون الأخرى. أن تضبط شعريّته، وسينمائيته، وتأريخه، وعلم اجتماعه، وموسيقاه أيضًا، ويظلّ سارحًا في شوارع الكلام وبين متاهات اللغة، إذ لم يعد مغريًا كثيرًا حسّ التجريب الذي دغم نصوصي الروائية السابقة".

الحديث حول الاختلاف بين نصّين روائيين للكاتب، أمرٌ إشكالي ومرهق بالأساس

بهذا المعنى، تختلف "سقوط حر" عن رواياتها السابقة اختلافًا جذريًا، وذلك باعتبار، وكما تصرّح الكاتبة لـ"ألترا صوت"، أنّ كلّ نصوصها الروائية السابقة كانت أفلامًا ودّت أن تخرجها. "كلّ الأغاني ومفردات المحكي وكلّ المغامرات اللغوية التي بتّت في روايتي "قصص ورق"، و"لولو"، لم يعد لها تلك الجدوى بالمعنى الإجرائي. وحتّى تصفية الحسابات مع الماضي التي قادت روح النص في "منازل الغياب"، تنحت لصالح رغبتي في إنجاز رواية متأنية وهادئة، أُنجزت على مدى سنواتٍ بتأمّلٍ ومسافة واعية من الألم. فالجديد هنا ليس الموضوع فقط، بل الروحية التي تصالحت مع الفن الروائي أخيرًا وقبلت شروطه، واحتفت بها كذلك" تقول ضيفتنا.

اقرأ/ي أيضًا: عن الأماكن وبروتكولات الفقد

كتبت عبير اسبر، كما تُخبرنا، رواية تبدو فيها الكتابة صوتًا حاضرًا، بعد الصمت الذي مارسته بطواعية طيلة سنوات المحنة السورية. وبالتالي، الرواية استفسار لاذع حول ما جرى، وسؤال دقيق عن هوية الكاتبة السورية المطعونة بالأسئلة والاتهامات والقهر. "سقوط حر" هي شهادة ضيفتنا على ما حصل ويحصل، تضعها، بحسب تعبيرها، بكلّ تأنٍ وغفران ممكنين بعد هذه الملهاة التي أنتجت ملايين المشردين طيلة سنواتٍ مضت. "الرواية هي حفر في أسباب العبث الذي أوصلني كلاجئة لأترنّح على حواف الكون وأسكن القطب مشتبكة كل يوم مع ثلوج مونتريال"، تقول الكاتبة والمخرجة السينمائية في نهاية حديثها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وحدهم الغرباء من يكسرون رتابة الأمكنة

هواجس الثلج