19-نوفمبر-2016

لقطة من الحلقة التي تم إذلال مواطن شاب بهدف إضحاك الناس (من صفحة البرنامح على موقع Otv)

ألم تبطُل موضة برامج المقالب بعد؟. أغلب الظن بلى. وقد يكون هذا هو دافع قناة "أو. تي. في" إلى "تثقيل العيار" لاستجداء المشاهدة لبرنامجها "هدّي قلبك". وألم تبطِل انتفاضات الشعوب العربية، ومنها الشعب اللبناني، ممارسات الأنظمة المخابراتية أو أقله ما زالت تثور من أجل ذلك؟. بالتأكيد بلى، غير أن المحطة المذكورة فاتها أن المشاهد اللبناني والعربي الذي ضاق ذرعًا من الاضطهاد والإذلال في سجون المخابرات وعلى حواجزها المتنقلة لن يضحكه مشهد إخضاع شاب ولأكثر من عشرة دقائق للإهانة والترهيب في صورة تستحضر أحد أكثر المواقف المقرفة التي عاشها العرب في أوطانهم.

استخدمت قناة "أو تي في" شابًا بسيطًا وأذلته تحت وطأة السلاح والترهيب بقصد إضحاك المشاهدين

المقلب الذي صُور في حلبة "كارتينغ" ووقع ضحيته شاب كان حضر للانضمام إلى فريق العمل هناك (تناقل رواد مواقع التواصل أنه سوري الجنسية)، حاول أن يستنبط من السُخف فكرة ذكية. وفيها أن تُلهب القلوب وتُشد الأعصاب بالـ "آكشن": أسلحة وتهديد وانبطاح على الأرض. وفيها أيضًا أن ينفجر المشاهد ضحكًا على "إكراه" الضحية على الركض حافي القدمين وشبه عارٍ. مرددًا ما يطلبه منه عناصر الحاجز المسلحون، ناهيك عن "التغابي" الذي يحاول الأخيران، اللذان يبدوان تحت تأثير الكحول أو المخدر أو الجنون، أن يضيفانه على المشهد توخيًا لمزيد من الضحك!.

أقرأ/ي أيضًا: "نقشت".. حفلة تسليع للمرأة اللبنانية

غير أن ما أثاره هذا المقلب لم يكن سوى القرف والاشمئزاز في نفوس المشاهدين الذين عبّروا عن استيائهم على مواقع التواصل الإجتماعي مما وصفوه بـ"عنصرية المحطة ولا إنسانية برنامجها". علمًا أن معظم المستائين (وهم كثر) شاهدوا المقلب على "يوتيوب" وليس على القناة في موعد عرض البرنامج المعتاد، ذلك لأن قلة تعرف وتتابع هذا البرنامج "المغمور" الذي لم يسعفه العريّ سابقًا ولا الإذلال والإهانة اليوم في تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة.

يتساءل أحد المعلقين على المقلب: "متى ستنظف ذاكرتنا وتصرفاتنا الواعية واللاواعية من قبح سنوات الاضطهاد وعفنها؟"، ويكتب آخر: "هل يُعقل أن يصبح العربي مرآة جلاده؟". في الحقيقة لم تفكر "أو. تي. في" لا في الضحية ولا في الجلاد، وجلّ ما توخته هو تحقيق الربح "الرخيص" الذي يعرض التفاهة ويحتقر ذوق المشاهد ويُسخف تطلعاته واهتماماته.

أشعلت الحلقة استياء مستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي

وفي الواقع لقد تمكنت قناة "أو. تي. في" وبقدرتها المحدودة على الخلق والإبداع أن تصبح حديث الساعة أو "نصف الساعة" التي عصفت استياءً واستنكارًا للا إنسانيتها في وسائل التواصل الاجتماعي. لكنها سرعان ما انطفأت وهدأت وعادت إلى موقعها المعهود: إحدى المحطات التي يتخطاها جهاز التحكم عن بعد كلّما مرّ عليها. لذا لا بد أن تُقال "هدّي قلبك" لكل من يظهره البرنامج متورطًا في فكرته وإعداده وتصويره وإخراجه من مفتعلي الضحك الباهت والباحثين عن "الأدرينالين" المزيف. ولا بد أن تُقال "هدي جشعك" ولا إنسانيتك للساعين واللاهثين وراء ربح المال الوفير بالمتاجرة بالكرامات وعرضها وتعريضها للذل والإهانة.

اقرأ/ي أيضًا:

كوميديا جاد غصن "تبع الأخبار": نكتة المراسل السمجة

"بي بي شي" .. خسارة العفوية وتفاقم الابتذال