21-مايو-2017

مقطع من لوحة لـ إسماعيل الرفاعي/ سوريا

سقطتُ من القلبِ يا صاحبَيَّ 
كما يسقطُ الحرفُ من فم معترفٍ بالهزيمةِ
وانجرحتْ ضحكةُ الوردِ مِن شفرةِ الذكرياتِ القديمةِ
واستسلمَ الصخرُ للموجِ، ودّعَ شاطئه وابتعد
إلى حيثُ لا تصبغُ الشمسُ بالبرتقاليّ دمعَ أحــد
سقطتُ من النَبْرِ في صوتِ مفتاحِ بيتِي القديمِ 
وضيّـعني البعدُ في صوتِ عصفورةٍ سكنتْـني
هنالكَ بينَ خيوطِ دخانِ الحرائقِ في القلبِ أبحثُ عن لغةٍ أهمـلتـْني
أعدُّ خطايَ "القوافي" وأمشي إلى جهةٍ خدعتني
أطاردُ حُلمي على حبلِ سيركِ الحياةِ ويحسبني الواقفونَ أسابقُ ظِلّي
أخبّئُ رأسي مثلَ النعامةِ من غيمةٍ بلّلتْني
وأمشي بعيدًا عن القلبِ 
والقلبُ يمشي بعيدًا عن الأمنياتِ وعنّي/
مشيتُ إلى أنْ وصلتُ إلى ظلِّ أمي 
فماذا أقولُ لأمي إذا سألتني عن النهرِ:
هل جففتهُ النساءُ؟ 
وهل رفعتكَ السماءُ عن الصَلْبِ فوق ذراع الحبيبةِ؟
أمي ثلاثُ سنينٍ من التيهِ مرّتْ وما ضاعَ قلبي سوى مرةٍ
وعثرتُ عليهِ بشُـبّـاكِ بيعِ التذاكر ِ
يخفقُ فوقَ أصابع أنثى تلّمُّ الندى مِنْ رموشِ الصباح
وتطعمُ ضحكتها للصدى
تعثّرَ مشيُ الحروفِ الأخيرةِ بالفاصلة
وشظّى بقايا القصيدةِ نجمٌ تفجّرَ في آخرِ السطر
وانسفكَ الحبر من جملةٍ قاتلة
سأتركُ سطرينِ قبلَ انتهاءِ الرواية عَـلّ التي ضيّعتني ستبحثُ عنّي بمرآتِها
سأفتحُ بابَ القصيدةِ للفتياتِ وأمــضي لتبحثَ مَنْ تـفهمُ الحبَّ عنْ ذاتِـهـا
سأخلعُ من قدميَّ حذاءَ الشتاءِ وأرقصُ فوقَ حريرِ الموسيقى 
لِتخضرَّ عينايَ بامرأةٍ يشربُ الضوءُ جيناتِها.
سأصحو من الحلمِ كي أتقيّأ كابوسيَ المرَّ
ثمّ أفرّقُ بينَ الإناثِ وبينَ الحجرْ
سأكسرُ نظارة الوهمِ حتى أرى الخبثَ كيفَ يلوّثَ طيب الزهر
سأنتظرُ القلبَ حتى يعافى من السمِّ ثمّ أهنّـئهُ بالسلامةِ 
يا قلبُ: أنتَ جديرٌ بأنثى المطر
سأفهمُ قولَ الإلهِ، فقلبيَ عذبٌ فراتٌ تجرّعَ ملحًا أجاجًا 
ولمْ يتعكّرْ وذاكَ هو الفرقُ بينَ البحارِ وبينَ النهَر
سأبكي على أجملِ الشعر
ما كنتُ أعلمُ أنّ جراحي ستُـلقى بشبّاكِ بيعِ التذاكرِ
كنتُ أظنُّ النساءَ جميعًا يخبّئنَ دمعَ المناديلِ حتى عن الريحِ
ليست بأنثى التي لا تكتم همسةَ حبٍّ لقلبٍ جريحْ
سأشتمُّ كلّ الزهورِ وأسألُ: أينَ البراءةْ؟
سأجلدُ قلبي ليعرفَ كيفَ يميّزُ ما بينَ كيدِ النساءِ الجميلِ وبينَ الدناءة.
سأختارُ طفلًا يتيمًا كوَتْهُ الحروبُ وأعطيهِ مفتاحَ روحي 
ليختبرَ الداخلينَ إليها بنظراتِ أعينهم
فهو يعرفُ كيفَ يفرّقُ بينَ الرصاص وبينَ المطر
سأبكي وأضحكُ من حلمٍ تافهٍ موجعٍ مِنْ إبـَــر
فيا صاحبيّ ارفعاني من الأرضِ حتى يجفَّ الشتاءُ الثقيل
وأنزعَ قبّعةَ الليلِ عن صلعةِ الفجر
يا صاحبيَّ ابكيا بيديَّ فلا اليومَ صحوٌ ولا حب في الغدِ
"اليومَ شعرٌ وفي الغدِ فِكرٌ"
أتدرينَ معنى "أحبّكِ"؟ هذي الحروفُ القليلةُ تحملُ:
أيامَ عمري ونسماتِ فجري 
وقبلاتِ أمّي وصوتَ أبي ونداءَ أخي 
ومحصلتي في الدراسةِ والصلواتِ بفجرِ القداسةِ 
والأصدقاءَ وأجنحةَ الشهداءِ وقلبي بما فيهِ من كل شيءٍ..
أحبكِ يعني بأني أخبئ كلّ الحياةِ بهذي الحروفِ 
أحبكِ تشبهها صرخة ُالثائرين ومستقبل الياسمينِ 
أحبّكِ كالبحرِ والفجرِ والشعرِ والنثرِ والزهرِ والجمرِ والصبرِ العطرِ واليسرِ والعسرِ 
فليتكَ لم تسمعيها وليتَ التمنّي يعودْ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مقعد لا يزال يحمل سخونة ضجرك

المرآة تنظر بعينيكَ