02-فبراير-2022

(Getty)

منذ صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة في البلاد، شهدت السعودية انفتاحًا اجتماعيًا واقتصاديًا، فقد اتخذ بن سلمان منذ تسلم منصبه قرارات عديدة متعلقة بالمرأة، ومن أبرزها السماح للمرأة بقيادة السيارات، وتطور الأمر ليسمح لهن بقيادة الطائرات، كما سمح للمرأة بالمشاركة في سباقات ومنافسات الرياضية، بالإضافة لفتح وظائف كانت مستحيلة للمرأة في المجتمع السعودي. وأجاز للمرأة السعودية بالسفر دون تصريح، وحضور المناسبات الرياضية والثقافية، وممارسة الكثير من الأعمال والمهن والوظائف العامة.

لكن اعتقال الناشطين والأصوات المدنية في البلاد، بما في ذلك الناشطات في مجال حقوق المرأة، فتح الباب أمام شكوك على حقيقة تلك الإصلاحات، خاصة في ظل التمزق والصراع الاجتماعي الكبير بين شرائح المجتمع بسبب رفض المحافظين للإصلاحات التي شملت حق المرأة في قيادة السيارة على سبيل المثال لا الحصر.

ورغم قرارات بن سلمان المتعلقة بالمرأة، انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مرارًا نظام ولاية الرجل على المرأة في السعودية، وأشارت المنظمة إلى أنه "ما زال يمنعها من حقوقها، رغم إصلاحات الحكومة"، فالمرأة البالغة في السعودية تحتاج إلى تصريح من ولي أمرها للسفر إلى الخارج والزواج، وقد تحتاج إلى موافقته أيضًا للعمل أو الحصول على رعاية صحية.

كما تستمر النساء في مواجهة التمييز فيما يتعلق بالزواج والأسرة والطلاق والقرارات المتعلقة بالأطفال، بما في ذلك حضانة الأطفال. ولا يزال بإمكان الرجال رفع دعاوى ضد بناتهم أو زوجاتهم أو قريباتهم تحت وصايتهم بتهمة "العصيان"، مما قد يؤدي إلى الإعادة القسرية إلى منزل ولي الأمر أو السجن. وتظل ناشطات حقوق المرأة في السجن أو المحاكمة بسبب نشاطهن السلمي، بحسب ما تشير منظمة هيومن رايتس ووتش.

وفي اليومين السابقين تداولت مجموعة من الناشطات النسويات السعوديات، حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، هدفها "حماية سجينات المنازل" وإنقاذهن من السيطرة الجبرية التي يرزحن تحتها، وأشرن إلى أن طبقة كبيرة من نساء المجتمع السعودي تتعرض للعنف والسجن المنزلي. وبحسب الناشطات فإن معتقلات المنازل هن النساء اللواتي يقبعن في بيوت وصفنها بأنها "قبر المرأة" و"جنة الرجل"، فهذه المنازل هي أشبه بالسجن، كما أشارت تغريداتهن. وتوالت التعليقات ونشرت العديد من الروايات والقصص التي قيلت على ألسنة هؤلاء النساء.

وتداول مستخدمون على تويتر وسم #معتقلات_المنازل رافضين نظام الولاية الذي يعطي الأب أو الأخ أو الزوج الحق في تقرير مصير المرأة، فيما يخص التعليم والعمل والرعاية الصحية. وطالبت العديد من الناشطات برفع الصوت حتى "تسقط الولاية ومعتقلاتها"، بينما تحدثت أخريات عن "الهوية الجندرية التي تمنح الرجل سلطة على المرأة".

ونشرت عدة ناشطات ونساء شهادات شخصية تظهر حجم المعاناة التي تعيشها النساء في السعودية. فيما غردت أخريات عبر تويتر بالقول "الهوية الجندرية التي تمنح الرجل سلطة على المرأة، وبسبب عضو تناسلي أنثوي مختلف يحكم عليها بالسجن في زنزانة العائلة"، وتضيف "تسلب أبسط الحقوق من جندر معين وتعطي امتيازات لجندر معاكس".

فيما غردت إحداهن "نرث السجن المنزلي كنساء. سجن أمي، سجن جدتي، أم جدتي. يرث الذكر السلطة والمال، ونرث سجن الأمهات". فيما نشرت أخرى صورة معبرة عن رجل بشارب كبير يكم أفواه النساء ويصم أذانهن.

وأصرت بضع مغردات عبر الوسم على التأكيد أن حرية النساء في المجتمع السعودي ليست شأنًا عائليًا كما يدعي البعض دفاعًا عن الدولة، بل شأن سياسي. لذا تواجه الدولة، قبل الأسرة، محاولة المرأة انتزاع حريتها وحقوقها المسلوبة. وتضامنت نساء في عدد من الدول العربية مع حملة الناشطات السعوديات، وتحدثت مغردات عن وجود المعاناة نفسها في دول أخرى من العالم العربي.

وغردت المحامية سارة المقايمي على تويتر بالقول "يصعب على أغلب الذكور في الشرق الأوسط استيعاب حرية المرأة الغربية بمفهومها المطلق"، وتابعت بالقول "الأدلجة والبرمجة التي تعرضوا لها منذ الصغر رسخت فيهم مفهوم أن المرأة لا يمكن أن تكون حرة في اختياراتها وقراراتها حرية مطلقة مدعومة من قبل القانون ومقبولة من من قبل المجتمع".

وغردت وديان بالقول "لا زلت معتقلة، وهذا الحبس ليس له مدة محددة. ويمكن عمري كله يروح عبث بين هذه الجدران، لا الحكومة ناوية تسقط الولاية وبلاغاتها الكيدية ولا أهلي ناويين يتوقفون".

وأضافت سيدة أخرى بالقول "الاعتقال المنزلي يطال حتى أبسط حقوق المرأة وحقوق الإنسان البديهية. وهو يعني الاعتداء عليك بكل أشكال العنف: نفسي وجسدي ومادي. كل حياتنا داخل السجون، وفي هذه السجون يتم انتهاك حرية المرأة كاملة".

وشبهت إحداهن نفسها بأنها "قطعة أثاث في غرفة داخل السجن العائلي". فيما قالت أخرى بمرارة: "أكتب وأكتب وأمسح. ما في شي يوصف غضبي وعجزي في هالموضوع. تشوفين عمرك وشبابك يمضي بينما أنتِ محبوسة بين أربع جدران. أمر مرهق ومتعب. لعنة عليكم".

واعتبر حساب "نحو وعي نسوي"، المعني بحقوق النساء وقضاياهن ويتابعه نحو 30 ألف شخص على تويتر، أن الهاشتاغ "توثيق نسوي للعنف الأسري وتجارب الصراع والمقاومة والعنف داخل المنازل"، وأضافوا إلى كون الهاشتاغ بمثابة "تأريخ وأرشفة نسوية تكشف من خلالها الرفيقات في السعودية سبل المقاومة النسوية المختلفة وآثار العنف والانتهاك داخل المنازل، التي تفرضها سلطة الدولة الأبوية".

وقد نشرت الحملة مطالباتها إلى وزارات الدولة المختلفة ومنها وزارة الداخلية والعمل والعدل التعليم والصحة. وكذلك تضمنت مطالبات عامة تهدف إلى إصدار مراسيم ملكية للحد من جميع أشكال التمييز ضد النساء ومراقبة تنفيذ الإجراءات والمراسيم والقوانين الصدارة عن  الدولة السعودية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ناشطات من الدول العربية يوجّهن التحية للمرأة في يومها العالمي

الرياض تلتف على الضغط الدولي بالإفراج المؤقت عن 3 ناشطات فقط.. ماذا عن البقية؟