09-ديسمبر-2024
سجن صيدنايا

الثورة تغلق قوس سجن صيدنايا سيء الصّيت في سوريا (رويترز)

بمجرد استعادة دمشق من يد النظام السوري وقواته، توجهت الأنظار نحو منشأة صيدنايا السجنية سيئة السمعة، حيث كان نظام آل الأسد يزج بالسجناء السياسيين والعسكريين. وعلى الرغم من تحرير المئات من هذا السجن المريع، فإن مئات السجناء الآخرين لا يزالون يقبعون في زنازين هي عبارة عن سراديب تحت الأرض، لا يستطيع أحد إخراجهم منها بسبب وجود أبواب سرية لها.

أُسس سجن صيدنايا المتاخم للعاصمة السورية دمشق عام 1987، أثناء فترة حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، بوصفه جزءًا "من سياساته الأمنية لتعزيز السيطرة الداخلية".

وتفيد المصادر أن الهدف الأساسي من بناء السجن، كان يتمثل حينها في "توفير منشأة ذات طابع عسكري مخصص لاحتجاز السجناء السياسيين والعسكريين"، ولذلك ليس من المستغرب أن وزارة الدفاع السورية هي التي تتولى إدارته. وخلال الثورة السورية من 2011 إلى 2024، لجأ بشار الأسد إلى استخدام سجن صيدنايا للانتقام من معارضيه.

يصعب الحديث بدقة عن أعداد وأسماء المعتقلين في سجن صيدنايا، الذي حوّله آل الأسد إلى مسلخ بشري لمعارضيهم

تجدر الإشارة إلى أن سجلات المعتقلين في هذا السجن تخضع لتعتيم كبير، حيث لا تعرف هوية غالبية المسجونين داخله، كما أن نزلاء السجن يتم احتجازهم في ظروف سرية للغاية، مما يعزز موقف القائلين بأنه "معتقل للإخفاء القسري والتعذيب". ولذلك، من الصعب جدًا الحديث بدقة عن أعداد وأسماء نزلائه بشكل كامل. ولذلك تضمنت قائمة المفرج عنهم من طرف قوات المعارضة في الثامن من كانون الأول/ديسمبر أسماء أشخاص كان ذووهم يعتقدون أنهم فارقوا الحياة منذ مدة.

 

خصوصية المكان والتصميم

اختار النظام السوري السابق منطقة جبلية حصينة لسجن صيدنايا، كما وضع على هذا السجن حراسةً مشددة، تعكسها الحواجز الأمنية وأبراج المراقبة المحيطة به، الأمر الذي يجعل اختراقه صعبًا، كما يجعله مكانًا مناسبًا للأغراض الأمنية والعسكرية.

وبحسب التصميم المتداول للسجن، فإنه يتكون من عدة طوابق وأجنحة، بعضها مخصص للعزل الانفرادي، وبعضها يوجد أسفل الأرض.

ويتكون نزلاء السجن أساسًا من سياسيين وعسكريين وأشخاص متهمين في قضايا أمن الدولة، معظمهم معتقل منذ ثمانينيات القرن الماضي، فيما اعتقل جزء آخر منهم في الفترة ما بين 2011 و2014 أثناء السنوات الأولى للثورة.

وفي هذا الصدد، تقول هيومن رايتس ووتش إن سجن صيدنايا الذي يخضع لإشراف القوات العسكرية السورية "تحتجز فيه الحكومة المحتجزين على ذمة المحاكمة، أحيانًا لمدة سنوات، تحت إشراف ثلاثة فروع من الأجهزة الأمنية السورية: المخابرات العسكرية ومخابرات القوات الجوية، وأمن الدولة. ويُستخدم السجن أيضًا لسجن الأشخاص الذين تحكم عليهم محكمة أمن الدولة، وهي محكمة استثنائية لا تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة".

وقد وثقت "هيومن رايتس ووتش" المعاملة السيئة والتعذيب بحق المحتجزين في صيدنايا. وتتباين كثيرًا تقديرات أعداد المحتجزين هناك. فأحد النزلاء الذين انتهت محكوميتهم في 2007 يقدر عدد السجناء بـ1500 سجين. بينما تعتقد منظمات حقوقية سورية أن العدد ازداد كثيرًا منذ عام 2011.

وتتهم منظمات حقوقية عديدة، بينها أمنستي، النظام السوري السابق بتنفيذ إعدامات جماعية في سجن صيدنايا، فضلًا عن الانتهاكات الأخرى من تعذيب وغيره (التجويع والحرمان من الرعاية الصحية والنوم).

ودفع ذلك منظمة العفو الدولية، في تقريرها الصادر عام 2017، على إطلاق تسمية "المسلخ البشري ومركز الإبادة الممنهجة" على سجن صيدنايا، حيث وثقت أدلة قوية على ممارسة التعذيب الممنهج بين جدرانه، قدمها سجناء سابقون وضباط عملوا في السجن. وأكدت، أمنستي حينها، أن نحو 13,000 شخص أُعدموا في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2015.

وعلى ذلك الأساس، طالبت أكثر من منظمة حقوقية بإغلاق سجن صيدنايا وإجراء تحقيقات دولية بشأن الجرائم التي وقعت بين جدرانه.