05-أكتوبر-2022
وزيرة الخارجية البريطانية الجديدة، ليز تروس (Getty)

رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تروس (Getty)

وصفت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تروس نفسها، في فيديو تم تداوله على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بأنها "صهيونية وداعمة كبيرة لإسرائيل". وأضافت في حفل أقيم الأحد لـ"أصدقاء إسرائيل المحافظين"، وهي مجموعة برلمانية تابعة لحزب المحافظين، بأنها "ستنقل العلاقة بين المملكة المتحدة وإسرائيل من قوة إلى قوة". وخلال الحفل الذي أقيم في مدينة بيرمنغهام على هامش اجتماع لحزب المحافظين، أكدت تروس على أن "بريطانيا لن تسمح أبدًا لإيران بالحصول على أسلحة نووية"، متعهدة بالدعم "المطلق والصادق لإسرائيل"، مدعية بأن "إسرائيل وبريطانيا تواجهان تهديدات من أنظمة استبدادية لا تؤمن بالحرية أو الديمقراطية".

وصفت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تروس نفسها، في فيديو تم تداوله على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بأنها "صهيونية وداعمة كبيرة لإسرائيل"

وخلال الحفل عادت الدعوات لنقل السفارة البريطانية إلى القدس المحتلة للظهور إلى الواجهة، حيث حثت رئيسة "مجلس النواب اليهود" ماري فان ديرزيل الحكومة البريطانية على اتخاذ هذه الخطوة، قائلة "نأمل حقًا أن تنقل بريطانيا السفارة مثل الولايات المتحدة". وكرر وزير الصحة البريطاني روبرت جينريك ادعاءاته السابقة والتي تشير إلى تخصيص مساحة من الأرض حاليًا لمبنى السفارة البريطانية في القدس. وتحدث جينريك بأنه "مسرور لسماع التزام رئيسة الوزراء بمراجعة نقل السفارة"، كما أعلنت وزيرة الدولة للرقمية والثقافة والإعلام والرياضة البريطانية ميشيل دونيلان، أن إحدى أولى زياراتها الدولية ستكون إلى "إسرائيل"، قائلة إن "هناك الكثير من الدروس التي يمكننا تعلمها من إسرائيل".

يذكر أن صحيفة "تلغراف" البريطانية نقلت عن متحدثة باسم مكتب رئيسة الوزراء ليز تروس، بأن الأخيرة أبلغت نظيرها الإسرائيلي يائير لبيد خلال لقائهما الأخير في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة  بـ"مراجعتها الموقع الحالي للسفارة البريطانية"، في إشارة لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس المحتلة. وفي تغريدة على حسابه في تويتر، شكر رئيس وزراء الاحتلال "الصديقة العزيزة تروس، على الاهتمام بنقل السفارة البريطانية إلى القدس".

ويصف مراقبون ليز تروس بأنها من أشد المؤيدين لـ"إسرائيل"، وحليفة معلن عنها من جانب الجالية اليهودية في بريطانيا، لذا فإن قرار نقل السفارة إلى القدس المحتلة غير مفاجئ، بالنظر لمواقفها السابقة، والحالية الداعمة للاحتلال الاسرائيلي.

وكانت تروس قد جعلت خلال حملتها الانتخابية للوصول لمنصب رئاسة الوزراء من "إسرائيل" موضوعًا مهمًا، فتعهدت  في حال فوزها بالنظر في موضوع نقل سفارة بلادها إلى القدس المحتلة، وذلك في رسالة وجهتها إلى أعضاء من منظمة "أصدقاء إسرائيل المحافظين"، قالت فيها "إنني أتفهم أهمية وحساسية موقع السفارة البريطانية في إسرائيل". وأضافت "لقد أجريت العديد من المحادثات مع صديقي العزيز رئيس الوزراء يائير لبيد حول هذا الموضوع، ومع مراعاة ذلك سأفكر في قرار لضمان أننا نعمل على أقوى أسس مع إسرائيل"، مؤكدة في رسالتها على  أنها "لا تزال ملتزمة بمنع حصول  إيران على السلاح النووي".

وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، أعلنت تروس عن دعمها "لإسرائيل"، وكتبت على تويتر "تقف المملكة المتحدة إلى جانب إسرائيل، وحقها في الدفاع عن النفس، إننا ندين الجماعات المتطرفة التي تطلق النار على المدنيين، والعنف الذي أودى بحياة ضحايا من الجانبين".

بالإضافة لهذه المواقف، تعهدت تروس بأن يكون على رأس أولوياتها التشديد ضد حملات "مقاطعة إسرائيل" BDS، من خلال سن تشريعات جديدة ضمن "قانون مكافحة المقاطعة" لإلغاء نشاطات المقاطعة في بريطانيا، بالإضافة لضمان عدم انخراط المجالس المحلية في سياسات المقاطعة ضد إسرائيل، والتي وصفتها بأنها "تمييزية، وتتعارض مع المواقف الحكومية"، حيث اعتبرت حركة المقاطعة بأنها "تؤدي إلى انقسام لا ضرورة له".

كما أكدت رئيسة الوزراء البريطانية بأنها ستضغط لإلغاء البند 7 من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو البند الذي بحسب اعتقادها يساهم دائمًا في استهداف "اسرائيل"، كما شددت على وقوفها إلى جانب دولة الاحتلال في مقاومة الانتقادات المتكررة التي توجه لها في مجلس حقوق الإنسان، حيث وصفتها بـ"جهود معادة السامية على المستوى الدولي".

وخلال استلامها منصب وزارة الخارجية، وقعت ليز تروس في  تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي مذكرة "تفاهم للتعاون الاستراتيجي" مع وزير خارجية الاحتلال آنذاك يائير لبيد تلتزم خلالها بريطانيا و"إسرائيل" بالتعاون في مجال "الأمن السيبراني، والتكنولوجيا، والدفاع والتجارة والعلوم"، و اعتبرتها تروس "شراكة فريدة". ولم يكن هذا بالموقف المستجد، فقد أعطت تروس الأولوية خلالها توليها سابقًا منصب وزيرة التجارة الدولية لاتفاقية تجارة حرة مع "إسرائيل"، حيث كانت بريطانيا تعمل على بعض هذه الاتفاقيات بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وخلال لقائها العام الماضي مع رئيس دولة الاحتلال، نشرت تروس تغريدة كتبت فيها "إسرائيل صديقتنا العظيمة، وزميلتنا الديمقراطية المحبة للحرية".

وفي مقال نشرته صحيفة "Jewish News" البريطانية في تموز/ يوليو الماضي، قالت تروس "تمثل الجالية اليهودية البريطانية أفضل ما في بلدنا"، وأضافت "أعتقد أن القيم المحافظة والقيم اليهودية يسيران جنبًا إلى جنب، سواء كان ذلك شعورًا بالعمل الجاد، أو الإنصاف، أو الإيمان بقيم الأسرة"، وتابعت "يجب أن يكون حزب المحافظين هو الموطن الطبيعي للجالية اليهودية البريطانية"، وأوضحت تروس "بصفتي وزيرًا رفيع المستوى في الحكومة، فقد سعيت دائمًا إلى تعزيز العلاقة بين المملكة المتحدة وإسرائيل"، مشددة على أنه "لا يوجد صديق للمملكة المتحدة أكبر من إسرائيل".

وعلى الجانب الآخر، وجدت المواقف الداعمة "لإسرائيل" لرئيسة الوزراء البريطانية صدى  في أوساط الجالية اليهودية في بريطانيا، فقال اللورد ستيوارت بولاك الرئيس الفخري لمجموعة "أصدقاء إسرائيل المحافظين" بعد انحسار المنافسة على قيادة الحزب بين ليز تروس، وريشي سوناك وزير الخزانة السابق، "لقد عملت 30 عامًا على العلاقة السياسية بين المملكة المتحدة وإسرائيل، وأنا واثق جدًّا من أن العصر الذهبي الذي لدينا سيستمر تحت أي من القيادتين"، لكنه أضاف "ومع ذلك، تتمتع ليز تروس بسجل حافل أطول بكثير عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، والسياسة الخارجية بشكل عام، حيث تشغل حاليًا منصب وزيرة الخارجية، وشغلت منصب وزيرة التجارة الدولية قبل ذلك".

في حين كتب المحرر السياسي في صحيفة "Jewish News" لي هاربين بأن تروس أثنت على "اسرائيل باعتبارها منارة للديمقراطية، وهبي إلى جانب مجموعة صغيرة من الديمقراطيات الليبرالية، التي اقتصرت على دول مجموعة السبع وأعضاء الناتو وأستراليا، باعتبارهم "شبكة حرية" جديدة لمواجهة الدول الاستبدادية و"الجهات الخبيثة"، قبل أن تعتبرها أوثق أصدقاء بريطانيا، وأقرب أصدقائها".

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المستوى السياسي في دولة الاحتلال يعتبر تراس "صديقة عظيمة لإسرائيل"، وهو ما يدفع للاعتقاد بأن "العلاقات مع بريطانيا ستستمر في تعميقها وازدهارها خلال ولايتها". ونشر المحلل الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس"  أنشل بفيفر مقالًا قال فيه بأن ليز تروس "قد تكون أكثر رئيس وزراء بريطاني موالٍ لإسرائيل على الإطلاق".

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المستوى السياسي في دولة الاحتلال يعتبر تراس "صديقة عظيمة لإسرائيل"

وبالرغم من أن ليز تروس ذات منشأ يساري، فهي ابنة عائلة عمالية يسارية، شاركت في مرحلة شبابها في المظاهرات المؤيدة لنزع السلاح النووي، وضد حكومة مارغريت تاتشر المحافظة، وقيادتها خلال المرحلة الجامعية التجمع الطلابي لليبراليين الديمقراطيين في جامعة أكسفورد، ودعت إلى إلغاء النظام الملكي، إلا أنها انقلبت على قناعاتها، وانضمت إلى حزب المحافظين في تغيير جذري في مواقفها، قالت إن سببه "النضج بعد مغامرات المراهقة". لكن معارضيها يقولون إنه مجرد امتداد لتلونها السياسي الذي قادها للانتخاب كبرلمانية في 2010 لتتدرج في المسؤولية داخل حزب المحافظين، وتصبح أصغر وزيرة في حكومة ديفيد كاميرون، حتى تفوز بمنصب رئاسة الوزراء البريطانية بداية هذا الشهر.