13-يونيو-2018

تضع الغواصات النووية باكستان والهند أمام احتمال حرب وشيكة (إنترنت)

بعيدًا عن مياه شبه الجزيرة الكورية، التي كانت محط احتقان شديد يهدد بإشعال حرب نووية قبل أن تهدأ الأوضاع مؤخرًا، يجري سباق تسلح نووي محموم وبدون صخب في مياه المحيط الهندي بين باكستان والهند، حيث توشك الأوضاع هناك على الخروج عن السيطرة في صمت، بعد دخول الغواصات النووية الخدمة في كل من البلدين، كما يقول الخبراء في تقرير مطول على موقع فوكس.

 تستعد البحرية الباكستانية لوضع صواريخ كروز ذات رؤوس نووية على ثلاث غواصات، كما توصلت إلى اتفاق مع الصين لشراء ثماني غواصات هجومية

في هذا السياق، تستعد البحرية الباكستانية لوضع صواريخ كروز ذات رؤوس نووية على ثلاث غواصات، كما توصلت إلى اتفاق مع الصين لشراء ثماني غواصات هجومية تعمل بالديزل والكهرباء يمكن تزويدها بالأسلحة النووية. وجاء قرار باكستان هذا ردًا على نشر الهند غواصة نووية متقدمة ثانية في البحر الهندي، ومن المقرر أن تنضم أربعة غواصات أخرى إلى أسطول الهند بحلول عام 2025.

وتعد الغواصة النووية الحديثة سلاحًا فتاكًا يثير الرعب، فلها القدرة على التخفي تحت مياه المحيط المعتمة لشهور دون أن تكشف، وفي نفس الوقت تستطيع توجيه ضربات مدمرة للعدو في عقر داره انطلاقًا من ظلمات البحر، دون خشية رد انتقامي لصعوبة رصدها، ما يجعلها وحدة أساسية وحاسمة في الحروب الكبرى.

اقرأ/ي أيضًا: تصدير التالك من أفغانستان.. الأمريكيون يتجملون وداعش يتمول

تملك الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين غواصات تعمل بالطاقة النووية ومسلحة بأسلحة نووية، ويُعتقد أن لدى إسرائيل غواصات مسلحة برؤوس نووية، وقد أنفقت كل من الهند وباكستان مليارات الدولارات للانضمام إلى هذا النادي الحصري.

وإذا كان منطق تسلح الدول العظمى هو الأمن القائم على توازن الرعب، حيث إن كل جانب لا يجرؤ على استخدام أسلحته المدمرة في وجه الآخر حتى عند التوتر خوفًا من رد انتقامي، فإن الأمر يسير عكس ذلك عندما يتعلق بالهند وباكستان، بالنظر إلى الوضع التاريخي بينهما المتسم بالحروب والاحتقان المستمر، وكذا عدم الثقة في قدرة إدارة البلدين على إبقاء أسلحتهم النووية في مأمن بعيدًا عن المجموعات الجهادية والعناصر العسكرية المتهورة.

ومن ثم فإن دخول الغواصات النووية على خط تسلح باكستان والهند، يمكن أن يزيد من خطر نشوب حرب مدمرة بين عدوين لدودين، يحوز كل منهما على مئة رأس نووي على الأقل، ولا يجعلها أقل احتمالًا.

منذ عام 1947، عندما قسمت بريطانيا ما كانت مستعمرة واحدة إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، انخرطت باكستان والهند في حالة من العداء الشديد، ودخل البلدان أربعة حروب فيما بينهما، كان آخرها حرب 1999 بشأن إقليم كشمير المتنازع عليه، حين كاد الوضع يهوي نحو حافة الحرب النووية، ومنذ ذلك الحين تحول المحيط الهندي إلى بقعة وقود يحتاج إلى فتيل فقط.

"لقد بدأ تسليح المحيط الهندي. لقد عبرت كلتا الدولتين العتبة الآن"، يقول خبير الأمن النووي في جامعة كويد الأعظم في إسلام أباد، ظفر جابال، وهو يحذر من نشر أعداد متزايدة من الأسلحة النووية في الغواصات التي تقوم بدوريات في أكثر المياه احتقانًا.

المشكلة هي أن وضع الأسلحة النووية في البحر يضعف إلى حد كبير سلسلة القيادة والسيطرة على الأسلحة، فمن جهة يصعب الاتصال بشكل واضح بين القيادة المركزية والغواصة المغمورة تحت البحر، ومن جهة أخرى يسهل الوصول إلى الرؤوس النووية واستخدامها بضغطة زر، مما يعني أن خطر حدوث تبادل غير مقصود للنيران - أو حرب نووية كاملة - بين الهند وباكستان سوف يزداد بشكل كبير، خاصة في أجواء متوترة يشتغل فيها ضباط متأهبون، وبعضهم قد يكون مصابًا بجنون العظمة بما يكفي لإطلاق ضربة استباقية في أول موقف استفزاز. إن إطلاق صاروخ واحد من إحدى هذه الغواصات، بغض النظر إن كان نوويًا أم لا، "سيقودنا إلى هرمجدون"، كما يقول أبهيجيت سينغ، وهو زميل بارز بمؤسسة أوبزرفر للأبحاث في نيودلهي.

يزيد دخول الغواصات النووية على خط تسلح باكستان والهند من خطر نشوب حرب مدمرة بين عدوين لدودين

أما القلق الأكبر الذي يؤرق الولايات المتحدة الأمريكية، فهو خشيتها أن تقع هذه الأسلحة النووية البحرية بطريقة أو بأخرى في أيدي الجهاديين، خاصة فيما يتعلق بباكستان، فإذا كان يسهل حماية الترسانة النووية الأرضية من المتطفلين، من خلال تخزين الرؤوس الحربية والصواريخ بشكل منفصل في سلسلة من المواقع السرية شديدة الحراسة، فإن القيام بذلك مع السفن والغواصات أمر صعب، و"ليس لدى باكستان طريقة لتخزينها سوى في حوض سفن البحرية في كراتشي أو في منشأة أورمارا في بلوشستان"، كما يقول رفاع حسين، وهو خبير أمني في الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا في باكستان. وفي كلتا الحالتين، سيعرف الجهاديون بالضبط أين يجب عليهم الذهاب للحصول على ما يريدون.

اقرأ/ي أيضًا: الإمارات وباكستان تشاركان في مناورات بحضور إسرائيل

في عام 2011، اخترقت مجموعة يرجح أنها تابعة لتنظيم "القاعدة" مكونة من 15 إلى 20 مسلحًا مدججين بالسلاح قاعدة مهران، مقر قيادة الأسطول الجوي للبحرية في كراتشي، وشقوا طريقهم إلى قلب القاعدة، ودمروا طائرتين من طراز P-3C Orion مضادة للغواصات، ولم يتم القضاء عليهم سوى بعد 18 ساعة من القتال لاستعادة القاعدة، قتل خلالها 13 من القوات الباكستانية.

وفي محاولة أخرى في أيار/مايو 2014، سعى متشددون متنكرون في الزي العسكري إلى السيطرة على فرقاطة "ذو الفقار" الباكستانية، من أجل استخدامها في مهاجمة دورية للبحرية الأمريكية في المحيط الهندي، وباءت العملية بالفشل بعد انكشاف أمرهم.

وهذا هو السبب الذي يدفع العديد من الخبراء إلى دق جرس الإنذار، في خضم سباق التسلح النووي المفتوح على البحر بين باكستان والهند، قبل أن يطلق أحدهما أسلحة يوم القيامة وينتهي الأمر بإبادة ملايين السكان، أو أن تقع هذه الأسلحة في الأيدي الخاطئة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "بين المؤمنين".. صناعة التطرف في باكستان

وثائق ابن لادن.. أفلام وفيديوهات وألعاب و"علاقات مع إيران"