14-ديسمبر-2017

يشهد العالم حالة من هوس التسليح مع زيادة الصراعات والاضطرابات (الأناضول)

"لغة التسليح أصبحت واحدة من أهم اللغات العالمية انتشارًا"، هذا ما ستخرج به حين تقرأ نتائج معهد ستوكهولم لبحوث السلام الدولي (SIPRI)، إذ تُشير الإحصائيات إلى زيادة معدلات التسليح بنسبة 38% العام الماضي، عن الأعوام السابقة له حتى 2002.

زادت نسبة استهلاك السعودية للأسلحة منذ 2015 إلى 212% عن الأعوام السابقة، مُحتلة المركز الثاني بعد الهند في شراء الأسلحة عالميًا

وتوضح الأرقام أن قارة آسيا أكثر القارات نهمًا لشراء السلاح، فالصين وباكستان تحتلان 13% من الورادات العالمية للسلاح، بينما تتلقى الهند (الأولى عالميًا في استيراد الأسلحة بنسبة 13%) وأهم وارداتها من روسيا، بينما تدفع كل من السعودية والإمارات مئات المليارات للسلاح، إذ تحتل السعودية المركز الثاني بعد الهند، بعد أن كانت قد استحوذت على المركز الأول في عام 2014. وقد زاد استهلاكها للأسلحة بنسبة تصل إلى 212% عن السنوات الماضية، وربما لم يمضي كثير من الوقت لينسى العالم الصفقة الكُبرى التي أبرمتها في أيار/مايو الماضي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنحو 400 مليار دولار، يُقدر أن أغلبها يتمثل في شراء أسلحة أمريكية.

السعودية أهم زبائن السلاح

تتحدث صحيفة الغارديان عن السعودية باعتبارها من أهم زبائن أسواق السلاح في المنطقة والعالم، واصفةً إياها بأنّها باتت "سوقًا مربحة للولايات المتحدة لبيع السلاح"، قائلةً إن الولايات المتحدة "باعت نصف ما تملكه من السلاح للسعودية".

اقرأ/ي أيضًا: هل تصمد مزاعم محاربة الفساد أمام بذخ ابن سلمان وهدر المال العام؟

ويبدو ذلك أمرًا منطقيًا مع الأخذ في الاعتبار حرب اليمن المستعرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، والتي على الأرجح تُكلّف السعودية فاتورةً باهظة على كافة المستويات، من أهمها السلاح. ورغم أنّ السعودية، وغيرها من حلفائها في الحرب، تتكتم على كُلفة الحرب، إلا أن مسؤولين فرنسيين قدروا الكلفة الشهرية للحرب في اليمن على السعودية بـ90 مليون دولار، بالإضافة إلى تقديرات أخرى تُشير إلى أنّ أي توغل على الأرض يُكلف على مدار ستة أشهر ما يُقدر بنصف مليار دولار.

الهوس السعودي بشراء السلاح، وخوض معارك تقول إنها تستهدف من ورائها مجابهة النفوذ الإيراني في المنطقة، يُقابله تواضع إيراني من جهة شراء الأسلحة، إذ لم تحصل إيران سوى على 1.2% من إجمالي عمليات شراء السلاح في المنطقة. ولم تكن لها صفقات بارزة، سوى تلك التي أبرمتها مع روسيا في 2016، الخاصة بصواريخ "إس - 300"، وتُعد صفقة السلاح الأبرز لإيران منذ 2007.

الحلم النووي السعودي.. ترامب متحمس والكونغرس ممتعض

في المنطقة الملتهبة بالفعل، ثمة سباق على التسلح، بل ومشاريع الطاقة النووية، فقد كشف موقع غلوبال ريسيرش عن مفاوضات بين السعودية والولايات المتحدة حول مشروع طاقة نووية، يبدو أن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين لديهم تحفظاتهم بخصوصه، مع شكوكهم بأن السعودية تريد من ورائه تخصيب اليورانيوم. 

وقد أعادت إدارة ترامب فتح الملف من جديد، وثمة توقعات بألا تلتزم إدارة ترامب بنفس الشروط السابقة على مشروع الطاقة النووية السعودي، رغم أنّ كثيرًا من المسؤولين الأمريكيين، خاصةً في الكونغرس، يرون أنها فكرة سيئة أن تحصل السعودية على طاقة نووية، وإن كانت حجتها هذه المرة هي المساهمة كمصدر بديل للطاقة في إطار محاولات ابن سلمان الخروج من كنف النفط كمصدر وحيد لكل شيء تقريبًا في السعودية.

ووفقًا لغلوبال سيرش أيضًا، في نفس المقال، فإن خبراء أمريكيين مطلعين على ملف الطاقة النووية السعودي، يرون أن السعودية ربما لا تحاول الآن الحصول على قنبلة نووية، لكن من المؤكد أنها ترغب في وضع الأسس اللازمة للحصول عليها في المستقبل، لتكون مواكبة لتطورات المشروع النووي الإيراني.

يسعى ترامب لزيادة حصة الولايات المتحدة في سوق السلاح العالمية (أ.ف.ب)
يسعى ترامب لزيادة حصة الولايات المتحدة في سوق السلاح العالمية (أ.ف.ب)

الحرب تعني مزيدًا من فرص العمل في الولايات المتحدة!

ينظر ترامب للمال باعتبار محور كل شيء، وعليه فإنه يسعى حثيثًا لزيادة مبيعات السلاح الأمريكي، وفقًا لصحيفة بوليتيكو الأمريكية، التي قالت إن تحركات الولايات المتحدة لكسب مزيد من الحصص في سوق السلاح العالمية، أخذت طابعًا رسميًا مع وصول ترامب للحكم. 

وستشمل هذه التحركات تفعيل الدور الحكومي في دعم منتجات السلاح الأمريكي، وتعزيز دور المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين لمساعدة شركات الدفاع على بيع أسلحتها دوليًا. والغرض من وراء ذلك "خلق مزيدٍ من فرص العمل".

حروب وصراعات الشرق الأوسط تعني مزيدًا من فرص العمل في الولايات المتحدة التي تسعى لزيادة حصتها أكثر في سوق تصدير السلاح عالميًا

الفوضى التي تحيط بإدارة ترامب داخليًا على خلفية الاتهامات الموجهة إليها بالاتصال بمسؤولين روس أثناء الحملة الانتخابية، يسعى ترامب بشكل مُستمر إلى التغطية عليها، مرةً بزيارة للسعودية يجلب معه منها مئات المليارات، ومرة بإشعال المنطقة بقرار إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل، وهكذا دواليك. ولعل تعزيز مكانة الولايات المتحدة -المعزز الأصلًا- في سوق تصدير السلاح، لخلق فرص عمل، هي محاولة أخرى للخروج من حروب صراعات الشرق الأوسط بأكبر قدرٍ ممكن من المكاسب التي قد تعزز موقفه داخليًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد بن سلمان.. نذير شؤم صاعد لتعقيد أزمات الشرق الأوسط واستنزافه

إنفوغراف: أبرز صفقات السلاح في المنطقة العربية خلال عام 2017