16-مارس-2025
الجيش السوداني

الجيش السوداني على وشك استعادة الخرطوم (رويترز)

سيطر الجيش السوداني، اليوم الأحد، على عدة مناطق استراتيجية وسط العاصمة السودانية الخرطوم، وبناءً على هذه التطورات، بات من غير المستبعد حسب متابعين، أن يستعيد الجيش السيطرة الكاملة على الخرطوم، برمزيتها السياسية والتاريخية، قبل نهاية شهر آذار/مارس الجاري.

سباق الأمتار الأخيرة للسيطرة على الخرطوم

تمكنت القوات السودانية، بحسب مصادر محلية، من إحداث اختراق كبير في وسط الخرطوم، سيطرت بموجبه على أبراج النيلين وكلية الأسنان التابعة لجامعة الخرطوم، بالإضافة إلى موقف شروني للمواصلات العامة، كما تمكنت، حسب ذات المصادر، من تحييد شارع القصر الرئاسي بالكامل، ما يعني أنّ الجيش السوداني بات على مرمى كيلومترين اثنين فقط من استرداد القصر الجمهوري والوزارات السيادية الواقعة على شارع النيل، بعد أن ظلت تلك المؤسسات السيادية تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من نيسان/إبريل 2023.

وبهذا الاختراق، الذي وُصف سودانيًا بالكبير، تمّت محاصرة قوات الدعم السريع المتموقعة في محيط القصر الجمهوري، إذ انفصلت عن خطوط إمدادها الرئيسية هناك، ما عدى خط إمداد واحد، بات أيضًا غير آمن، هو الخط الواقع جنوب القصر الرئاسي الذي يربط قوات الدعم السريع من القصر حتى جنوب العاصمة.

تمكّن الجيش السوداني من إحداث تحولٍ كبير في مسار الحرب، بعد تحوله من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم المفتوح

وفي ذات الصدد، قالت لجنة مقاومة الخرطوم 3 إن القوات المسلحة سيطرت أيضا على "حديقة القرشي، ونادي الأسرة، ومجمع خدمات الجمهور التابع لوزارة الداخلية، اليوم الأحد، عقب معارك ضد قوات الدعم السريع".

وركّز الجيش السوداني عملياته اليوم على وسط العاصمة الخرطوم، التي تضم "القصر الجمهوري ومحطة جاكسون للحافلات وشارع الجامعة بمحاذاة مجلس الوزراء. الأمر الذي يعقّد مهام الدعم السريع في حماية خطوط الإمداد المتبقية لديها في العاصمة.

ليس وضع قوات الدعم السريع في منطقة المقرن بأحسن حالًا من وضعها في محيط القصر الرئاسي، الذي يعج بقناصة قوات حميدتي الذي يعرقلون تقدم الجيش، لكن بمجرد انهيار تلك القوات حول القصر، سيغدو وجود قوات حميدتي في منطقة المقرن المحاذية بلا قيمة إستراتيجية، وعند هذه اللحظة من المتوقع أن تستغل قوات حميدتي النيل غربًا لمغادرة العاصمة الخرطوم نحو مناطق سيطرتها في دارفور.

وتعليقًا على هذا التقدم الذي أحرزته القوات المسلحة السودانية، قال قائد سلاح المدرعات في الجيش السوداني اللواء ركن نصر الدين عبد الفتاح إنّ "الجيش يخوض سباق الأمتار الأخيرة نحو وسط الخرطوم والقصر الجمهوري.

يشار إلى أنّ هذه التطورات الميدانية المتسارعة في الخرطوم جاءت عقب ساعات قليلة من كلمة مسجلة لقائد قوات الدعم السريع حميدتي شدّد فيها على أن قواته "لم تخسر القصر الجمهوري، وأن المعركة مستمرة في الخرطوم"، مهددًا، بجولة جديدة من القتال والمعارك.

ومنذ منتصف أيلول/سبتمبر الماضي بدأ الجيش السوداني تحقيق انتصارات متتابعة على الدعم السريع في ولاية الخرطوم، حيث تمكنت قواته من عبور "جسور العاصمة المثلثة، والسيطرة على مصفاة الجيلي، ولاحقًا مدينة بحري ومحلية شرق النيل".

التحول من الدفاع للهجوم

تمكّن الجيش السوداني من إحداث تحولٍ كبير في مسار الحرب، بعد تحوله من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم المفتوح، حيث حقق على إثره تغيير الاستراتيجية الحربية نهاية العام المنصرم، عدة مكاسب، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: تحرير مدينة ودمدني وأجزاء واسعة من ولاية الجزيرة في كانون الثاني/يناير الماضي، وقُبيل ذلك تمكن من بسط سيطرته على منطقة جبل مويه الاستراتيجية وأهم المدن والقرى في ولاية سنار، بالإضافة طبعًا إلى المكاسب المتتالية في الخرطوم.

وضمن ذات الإستراتيجية الهجومية، نفذ سلاح الجو التابع للجيش اليوم الأحد سلسلة غارات على محيط مقر حكومة ولاية شرق دارفور بمدينة الضعين، التي حولتها قوات الدعم السريع إلى مبنى السلطة المدنية التي شكلتها العام الماضي.

ولا يمكن فصل هذا الاستهداف عن مشروع الحكومة الموازية التي تريد قوات الدعم السريع تشكيلها في منطقة دارفور، تمهيدًا لما يقول رافضو الفكرة، إنه مشروع انفصالي جديد يخطط له حميدتي وداعموه في مناطق سيطرتهم بدارفور.