10-نوفمبر-2017

سارية السواس في ممر المشاهير في هوليود

الملهاة السورية بكل ما تعني الكلمة من معنى، أو إن شئت لتكن المأساة التي وصلوا إليها بالتهكم على آلامهم، وأحيانًا بكيل اللعنات على ما وصلوا إليه، وهم اليوم يتندرون على أولئك الذين يتجرؤون على إهانتهم حينما يعلنون أنهم نخب سورية محضة، وهم قبل سني الحرب القليلة كانوا على الهامش كي لا نقول في سراديب العالم السفلي المنفي خارج أسوار المدينة.

سارية السواس مطربة درجة عاشرة في سوريا، ومن صنف فنانين يصفهم السوريون بمطربي الكراجات

سارية السواس مطربة درجة عاشرة في سوريا، ومن صنف الفنانين الذين يصفهم السوريون بمطربي الكراجات، أي أماكن انطلاق حافلات النقل حيث تسود ثقافة الغناء الرخيص، وهي التي انتقلت إلى هذه المكانة بعد أن قضت سنوات نشأتها في ملاهي العاصمة التي تقع في ضواحيها أو على الطرق العامة.

اقرأ/ي أيضًا: من أرشيف مجلة "بلاي بوي"

منذ أيام نشرت سارية السواس صورة لها في ممر المشاهير في هوليود مع نجمة كتب عليها اسمها، وهذا ما أثار سخط السوريين على الحال التي وصلوا إليها بلعنة الحرب لا القدر، وهذا ما دفع السواس التي غنت للمنتخب السوري الذي لعب تصفيات كأس العالم في انتهازية للمناسبة.. جاء في رد سارية السواس أن القصة ليست محاول منها لأخذ صورة تذكارية في ممر المشاهير ليس أكثر، وأن هذا ما يفعله المشاهير وسواهم ممن يمرون بهوليوود، وأنها محبوبة ولكن ما جرى هو أن حتى بعض معجبيها ومن يرقصون على أغانيها تناولوها بالنقد: "مجرد ذكرى من زيارتي لهوليود بتقدر تأخد سوفنير من هل مكان بأنك تعمل نجمة باسمك وحتى لو ما كنت فنان مشهور، عيب حاج تجريح وكلام فاضي أنا بكفيني إني نجمة سورية والحمدلله الي ناس بتحبني وبتدعمني".

ردود الفعل تراوحت بين النقد اللاذع لشكل سارية السواس وفنها الهابط، والشتائم في كونها مطربة ملاه وليست سورية إنما هي من الغجر الذي يجولون في العالم، وسوريا إحدى الدول التي يتواجدون فيها: "هاد اللي كان ناقصنا.. وحده نوريه شرنه".

علّق أحدهم مستشهدًا بإحدى أشهر أغانيها الهابطة: "نامت عليكي الحيطة شلون تنامين.. وانا استناك بلهفة للساعة اتنين"، بينما ذهب آخر إلى أنها لا تمد يدها لسرقة مؤونات المواطنين وبيوتهم: "لك عالئليلة ما بتاجر بأكل العالم ولا بتأجر بيوت بمبالغ طايلة ولا بتسرق معونات ولا بتحتكر مازوت وبنزين.. حاج علاك ولفوها وكل واحد يشوف حالو".

هناك سوريون من خرجوا مطرودين من البلاد صنعوا مجدهم الشخصي والوطني رغم المعاناة

آخرون ذكروا سارية السواس بملاهي السهر في مساكن برزة إحدى مناطق العاصمة دمشق: "وين البارح سهرانة يابنت الشلب بشارع مساكن برزة ولا بالتل.. نامت عليش سليما شلون تنامين.. انا استناش ع الموعد للساعة تنين".

اقرأ/ي أيضًا: سينتيا فلوري: نهاية الشجاعة

هي حالة الألم السوري التي تتراوح بين اللعنة والفخر، فهناك من خرجوا مطرودين من البلاد دون أي دعم وصنعوا مجدهم الشخصي والوطني رغم المعاناة، والمثال الأشهر هو الفنان جهاد عبدو الذي عمل مع زوجته التشكيلية فاديا عفاش في لوس أنجلوس بدخل يومي لا يتجاوز ثلاثة دولارات، إذ عمل لدى بائع زهور وفي مطعم للبيتزا إلى أن ابتسم له الحظ وعاد إلى السينما بفيلم من إخراج الألماني فرنر هرزوغ الذي منحه دور البطولة في فيلم من إنتاج هوليوود، إلى جانب الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان.

هي سوريا بين وهمها المزور وحقيقتها المتعبة... بين نجاحات أبنائها الصادقين والمرتزقة الذين يبحثون عن مجدهم في صورة عابرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا منحت اليونسكو سياتل لقب "مدينة الأدب"؟

"المكشوف والمحجوب".. التاريخ كصراع بين العري والاحتشام