01-أبريل-2017

محددات التغطية الإعلامية في الجزائر.. تنظيم أو تقييد؟ (فاروق بعطيش/أ.ف.ب)

لأول مرة، ستعرف الانتخابات في الجزائر تغطية إعلامية من قبل قنوات تلفزيونية جزائرية خاصة، حيث سمحت السلطة في الجزائر لخمس قنوات فضائية، "فقط"، بتغطية الانتخابات التشريعية المقررة في الرابع من آيار/مايو المقبل، والقنوات المعتمدة هي "الجزائرية تي في"، "دزاير تي في" و"الشروق تي في" و"الهقار تي في" و"النهار تي في".

أصدرت وزارة الاتصال الجزائرية محددات لطريقة تعاطي القنوات الجزائرية مع الحدث الانتخابي وهي ما اعتبرها البعض مسًا بحرية التعبير

ومنعت السلطات 38 قناة سمعية بصرية من أداء نفس المهمة وممارسة نشاطها خلال الانتخابات التشريعية في الجزائر؛ أي في الفترة ما بين انطلاق الحملات الانتخابية المقررة في الرابع من نيسان/أبريل الجاري إلى غاية يوم الاقتراع وإعلان النتائج، وذلك بحجة أنها لا تمتلك رخصة النشاط.

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام المرئي في الجزائر.. تجربة في صعود

واللافت أن أول قنوات خاصة في الجزائر، كانت قد انطلقت في بث برامجها في شكل تجريبي قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2012، ويتعلق الأمر بكل من قناة "الشروق" و"النهار"، بعد إقرار قانون الإعلام الصادر في كانون الثاني/يناير 2012، والقاضي برفع الاحتكار الحكومي للقطاع السمعي البصري، وهو ما فتح شهية بعض المؤسسات الصحفية إلى فتح قنوات خاصة، وقد تطور عددها إلى 43 قناة.

ولتنظيم عمل القنوات المعنية بتغطية الانتخابات التشريعية القادمة، أصدرت وزارة الاتصال ميثاق أخلاقيات التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية المقبلة، وطالبت القنوات "بضرورة السهر على الاحترام الصارم للأحكام المنصوص عليها في التشريع والتنظيم ساري المفعول وكذا المبادئ المتعلقة بالقواعد الأخلاقية المطبقة في هذا المجال".

وفيما يتعلق بطريقة تعامل  القنوات الخاصة الخمسة مع المترشحين، أكد بيان الوزارة "استفادة كل مترشح من مجال منصف في وسائل الإعلام الوطنية السمعية-البصرية المرخص لها بالممارسة، تبعًا لأهمية عدد المترشحين الذين يرشحهم حزب سياسي أو مجموعة أحزاب سياسية".

كما منعت القوانين المنظمة للحملة الانتخابية من استغلال الوسائل السمعية البصرية طريقة إشهارية تجارية لغرض الدعاية في الانتخابات التشريعية، وطالبت بالتزام الحياد والموضوعية مع مراعاة احترام مبدأ المساواة في البث على الهواء فضلًا عن عدم "خدمة مصالح وأغراض مجموعات سياسية أو عرقية أو اقتصادية أو مالية أو دينية أو أيديولوجية". ولفتت إلى أنه "يمنع نشر وبث سبر الآراء واستطلاع نوايا الناخبين في التصويت وقياس شعبية المترشحين على المستوى الوطني، قبل 72 ساعة من تاريخ الاقتراع وخمسة أيام بالنسبة للجالية المقيمة بالخارج".

اقرأ/ي أيضًا: صراع القنوات التلفزيونية في الجزائر.. شغب البدايات

في الجزائر، 43 قناة تلفزيونية خاصة، لم يُسمح إلا لـ5 منها بتغطية الانتخابات البرلمانية القادمة

وبحسب بيان وزارة الاتصال الجزائرية فإنه "يتعين على الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التشريعية إخطار سلطة الضبط السمعي-البصري بأي مخالفة على مستوى هذه القنوات بهدف حظر كل إهانة أو خطاب فيه إساءة أو شتم أو قذف ضد شخص رئيس الجمهورية و/أو الهيئة التي يمثلها رئيس الجمهورية" وكذلك "ضمان التعددية لتيارات الفكر والرأي في مضمون البرامج المبثوثة وذلك في إطار احترام مبدأ المساواة في المعاملة والنزاهة والاستقلالية".

أما بخصوص الشعارات الدينية فترفض السلطات العليا استخدام وتوظيف الدين لأغراض حزبية و/أو منافية لقيم التسامح وتمنع الإشادة بالعنف والتحريض على التمييز العنصري أو الإرهاب أو العنف ضد أي شخص بسبب أصله أو جنسه أو انتمائه لعرق أو ديانة معينة وعدم المساس بالسلامة المعنوية للأشخاص، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا.

"ساحة اللعب في غمار التغطية الإعلامية خلال الانتخابات التشريعية المقبلة محدودة جدًا"، هكذا صرح الباحث في الإعلام الأستاذ نور الدين بن علي لـ"ألترا صوت" وذلك من خلال ما أسماه "بنود المنع والحظر والالتزام"، التي أصدرتها وزارة الاتصال الجزائرية كمحددات لطريقة التعاطي والتناول الإعلامي خلال الانتخابات التشريعية، إضافة للرقابة القبلية، كما اعتبر بن علي أن "منع القنوات من تغطية نشاطات الأحزاب المقاطعة للانتخابات التشريعية يتعارض مع حرية التعبير التي يكفلها الدستور الجزائري".

وبرأي المتتبعين للشأن الإعلامي في الجزائر فإن عمل القنوات الخمسة في المشهد السياسي المقبل هو في حد ذاته امتحان عسير لها، وهو ما اعتبره المختص في علوم الإعلام والاتصال محمد نابتي أنه سيدفع بتحديد توجهات الإعلاميين خلال الانتخابات التشريعية نحو خدمة رؤية السلطة والخضوع بذلك لقوانينها"، مضيفًا أن هذه القنوات ستجد نفسها "رهينة للخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها" ومتسائلًا خلال حديثه لـ"ألترا صوت" عن سبب ترك القنوات الأخرى تشتغل طيلة الخمس سنوات الأخيرة في ما أسماه "فوضى إعلامية" ليتم منعها من العمل خلال الانتخابات التشريعية".

ويشار إلى أن القنوات الخاصة في الجزائر، وعددها 43 قناة، ولدت في خضم توترات شهدها الوضع السياسي والاجتماعي الداخلي علاوة على توترات الأوضاع دوليًا وقد مارست نشاطها خلال هذه الفترة في فوضى تُعزى لغياب التشريعات والقوانين. 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر.. فوضى البرامج في رمضان

الجزائر..الحكومة تهدد عشرات القنوات بالإغلاق