05-مارس-2019

الأمير هاري يسلم رسالة من الملكة إليزابيث إلى العاهل المغربي (Getty)

قبل أيام قليلة غادر الأمير هاري، دوق ساكس، وحرمه الأميرة ميغان، المغرب، بعد زيارة بدأت في 23 شباط/فبراير المنصرم، من مدينة الدار البيضاء، وجابا خلالها العديد من المناطق المغربية.

لم تكن زيارة الأمير هاري للمغرب بعيدة عن مسألة البريكسيت، فيبدو أنها بداية عمل بريطانيا منفردة خارج إطارها القديم أي الاتحاد الأوروبي

وحازت هذه الزيارة على اهتمام كبير من وسائل الإعلام المغربية والعربية، وحتى العالمية. وقد جاء عنوانها "التنموي" تدعيم تعزيز مكانة المرأة المغربية ودعم تعليمها.

اقرأ/ي أيضًا: الطلاق المؤجل.. لماذا تتلكأ بريطانيا في الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

ما وراء الأهداف "التنموية" للزيارة الأميرية

مع حلولهما على أرض المملكة المغربية، أبدى الزوج الأميري البريطاني إعجابه بحفاوة الاستقبال، والتقاليد المغربية في مجملها. ما أبرزه خطاب السفير البريطاني بالمغرب، توماس ريلي، موضحًا أن زيارة هاري وميغان سوف تظهر دعمهما للأهداف التنموية التي يسعى إليها المغرب، والتي تشغلهما على الخصوص.

وبحسب ما نقلته تقارير صحفية، فقد أوضح السفير البريطاني في المغرب، أن من أهداف هذه الزيارة الأميرية، معاينة مشاريع تعليم الفتيات، وتنمية المرأة القروية، والتعرف على الحرف اليدوية التقليدية المغربية.

كما لا يمكن إخراج هذه الزيارة من سياقها السياسي العام، والذي يشكل البريكسيت عنوانه الأكبر. إذ جاءت بدعوة من الدولة البريطانية، فيما وصفه عدة مراقبين، ببداية عمل بريطانيا منفردة خارج إطارها القديم، أي الاتحاد الأوروبي.

الأمير هاري في المغرب

وأتى الأمير هاري مبعوثًا من الملكة إليزابيث، وقد سلم رسالتها الخطية للعاهل المغربي محمد السادس، باعتبار الدور الإستراتيجي الذي يلعبه المغرب كبوابة شمالية للقارة الأفريقية، وكذلك لتمتين العلاقات الاستثمارية البريطانية في المملكة المغربية؛ كخط الغاز نيجيريا- أوروبا، الذي كلفت شركة بريطانية بإنشائه، والمحطة النفطية المغربية التي أعلنت بداية إنتاجها سنة 2021.

وتضمنت ذات الرحلة، زيارة الأمير هاري وزوجته لعمق المناطق القروية ناحية مدينة مراكش، في تفقد جمعية "التعليم للجميع" التي أسسها رجل الأعمال البريطاني مايكل ماك هوغو في بلدة "آسني" الجبلية، كما تضمنت لقاءً مع مقاولين شباب ونساء رائدات من المجتمع المدني المغربي ورياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، في حفل أقيم في مقر الإقامة الرسمية للسفير البريطاني في المغرب. 

عن وضعية المرأة في المغرب

ركزت الزيارة الأميرية البريطانية نشاطاتها على أحوال المرأة القروية المغربية، ذلك بعد استيفائها جانبها السياسي الدبلوماسي والاقتصادي. فهكذا جالست الأميرة ميغان مجموعة من الشابات القرويات المغربيات، اللائي احتفين بها بما تستوجبه عادات البلاد.

وبالطبع أخذت الزيارة طابعَا استشراقيًا، نقشت فيه الأميرة البريطانية الحناء، وشاركت في جلسة طبخ جماعي، وتعرفت على صورة المغرب الجمالية الفلكلورية الغريبة.

الامير هاري في المغرب

من جانب آخر، نشر الزوجان على حسابهما عبر إنستغرام، مجريات هذه الرحلة، مرفقة بتوضيحات حول وضعية المرأة المغربية، وأرقام جالت العالم مستثيرة ردود فعل متباينة.

"70؜% من نساء المغرب لا يعرفن القراءة والكتابة" استثار هذا الرقم الذي أعلنه حساب الأمير هاري وعقيلته، حفيظة المغاربة، فيما عبر أغلبهم، دونما تشكيك في الرقم، عن غضبهم من هذه "الحقيقة المرة".

لكن في الحقيقة فإن هذا الرقم يحتاج لتصحيح كونه ينافي الواقع، ويعطي انطباعًا عن استسهال غربي من الزوج الأميري في التعاطي مع واقع "الشرق". والواقع بحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن معدل الأمية في البلاد انخفض من تسعة من بين كل 10 مواطنين سنة 1960، إلى ثلاثة من بين كل 10 مواطنين لسنة 2014، و41% منهم من نساء.

أما رقم 70% فلا وجود له في أي إحصاء، والواقع أن الرقم المقارب له هو 76% من النساء المغربيات فوق 50 سنة أميّات.

القضاء على الأمية.. جهود ومعوقات

رغم الجهود المبذولة للقضاء على الأمية في البلاد، إلا أن وجودها في حد ذاته في مغرب القرن الـ21، هو إشكال مجتمعي تواجهه البلاد. هكذا ترصد له برامج، تشترك فيها الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية متمثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وبلغة الأرقام، رُصد للبرنامج موارد بشرية تقدر بـ8500 موظف، بين مدرسين ومؤطرين تربويين ومنسقين إقليميين ووطنيين. واستفاد من البرنامج 2.8 مليون مسجل، بزيادة بلغت 22.2% مقارنة بسنة 2017، بنسبة نجاح بلغت 87.5%؜.

لكن في المقابل، لا ينقص هذه البرامج اختلالات، فهذا ما تسجله جمعيات المجتمع المدني، التي أقصيت خلال مرحلة إعداد الشراكات، ما أضاع عليها فرصة إبداء المقترحات بشأنها، بحسب ما ورد في تقرير لقائها التنظيمي.

إضافة إلى ذلك، تصرح لـ"ألترا صوت"، فاطمة الزهراء بشراوي، الناشطة المغربية في مجال محو الأمية للنساء، بأن أولوياتهم انصبت دائمًا على مشكلة المدارس، في بعدها عن المناطق المقصودة أو انعدامها تمامًا، ما يترتب عليه انقطاع الفتيات عن التعليم مجبرات.

انخفض معدل الأمية في المغرب من تسعة من بين كل 10 مواطنين في 1960 إلى ثلاثة من بين كل 10 مواطنين في 2014

هناك مشاكل أخرى بطبيعة الحال، توضحها فاطمة الزهراء بشراوي، فتقول: "ضعف الإمكانيات بصفة عامة مشكلة أخرى، بمعنى أن الفتيات تفتقدن للأساسيات المادية، وفي المقابل لا تستجيب كثير من الجمعيات لحاجاتهن. وهذا عائق يواجه العملية التعليمية ككل".

 

اقرأ/ي أيضًا:

التعليم المغربي.. أرقام صادمة رغم خطط الإصلاح

المرأة في ريف المغرب.. طبقات القهر المركب