في زيارة هي الأولى لمسؤول خارجي بعد تنصيب الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الإثنين 3 فبراير/شباط 2025، في واشنطن بمسؤولين أميركيين لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، وذلك قبل اجتماعه المرتقب غدًا الثلاثاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، عبر وسطاء دوليين، تطورات جديدة، حيث من المقرر أن تنطلق مفاوضات المرحلة الثانية التي ستركز على إطلاق سراح باقي المحتجزين لدى المقاومة وإنهاء الحرب على غزة.
يسعى نتنياهو إلى إطالة أمد المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتجزئتها إلى عدة مراحل، في محاولة لجعل تمريرها أكثر سلاسة داخل حكومته
ترامب يؤكد "تقدمًا" في المحادثات الشرق أوسطية
قبل اجتماعه بنتنياهو، صرّح ترامب، مساء الأحد، أن هناك "تقدمًا" في المحادثات بشأن الشرق الأوسط، تشمل إسرائيل ودولًا أخرى، في إشارة إلى الجهود الرامية لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي. كما أكد أن الإدارة الأميركية منخرطة بشكل مباشر في ملف غزة.
ولهذه الزيارة دلالات عدة، حيث إنها تمثل أول لقاء بين ترامب وزعيم أجنبي منذ عودته إلى البيت الأبيض، ما يعكس الأولوية التي توليها واشنطن للعلاقات مع إسرائيل.
🎥 نتنياهو في مرمى 4 فضائح أمنية خطيرة pic.twitter.com/JJWlfEUjYh
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 11, 2024
أهداف نتنياهو من الزيارة
يسعى نتنياهو إلى إطالة أمد المرحلة الثانية من الصفقة وتجزئتها إلى عدة مراحل، في محاولة لجعل تمريرها أكثر سلاسة داخل حكومته، التي تضم وزراء يمينيين متطرفين رافضين للصفقة، إذ يواجه صعوبة في قبولها دفعة واحدة. وفي الوقت نفسه، يعمل على إقناع واشنطن بمساعدته في "القضاء" على حركة حماس سياسيًا وعسكريًا، وليس مجرد تحقيق تقدم في ملف التطبيع مع السعودية أو الحصول على الامتيازات الأميركية المتوقعة.
لهذا السبب، أرجأ نتنياهو مناقشة المرحلة الثانية من الصفقة إلى ما بعد اجتماعه "الحاسم" في البيت الأبيض، حيث يأمل في إقناع ترامب بالإطار السياسي للمفاوضات، الذي يتضمن إنهاء الحرب في غزة، آلية الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، ومستقبله، مع التركيز بشكل خاص على مصير حماس كسلطة حاكمة.
مثل هذه النقاط تبدو أكثر أهمية بالنسبة لنتنياهو من بقية بنود الصفقة، مثل أعداد الأسرى، وهويتهم، وكمية ونوعية المساعدات الإنسانية، ومعبر رفح، وغيرها.
زيارة حاسمة
في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، وصف الكاتب داني زاكن اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب بأنه "حاسم"، حيث سيتم تحديد مستقبل الشرق الأوسط القريب. وأضاف أن هناك "صفقة كبرى" يجري العمل عليها، تشمل عدة ملفات مترابطة، من أبرزها: إعادة المحتجزين الإسرائيليين وإنهاء الحرب. إعادة إعمار غزة، وهو الملف المرتبط بشرط استبعاد حماس من الحكم.مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية، التعامل مع الملف الإيراني، وموقع الصين وروسيا في المنطقة. مستقبل الدور التركي في القضايا الإقليمية.
العقبة أمام الحلول الإقليمية
رغم المساعي الإقليمية لحل النزاع، يعتبر زاكن أن حماس تبقى "العقبة الأكبر أمام التسوية النهائية"، فالحركة ترفض التخلي عن حكم غزة، وتلوّح بورقة المحتجزين لمنع استئناف القتال أو إبعادها عن القطاع، وفق تعبيره.
وأمام هذه "العقبة"، أوضح كاتب المقال أن هناك عدة مقترحات من بينها: نفي قادة حماس إلى الخارج مقابل نزع سلاحهم، التلويح بالخيار العسكري، أي استئناف القتال بهدف "القضاء" على القيادة العسكرية للحركة، تحرير مجموعة من المحتجزين كمرحلة أولى مقابل استمرار المفاوضات ونقل الإدارة المدنية في غزة إلى جهات دولية وإنشاء إدارة دولية مؤقتة في غزة تحت إشراف الأمم المتحدة ودول إقليمية، لإدارة شؤون القطاع بعد "إنهاء" حكم حماس.
يلفت زاكن إلى أنه في إسرائيل لا يزال هناك تردد بشأن الحلول المطروحة، حيث يرى الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي أن "عملية عسكرية واسعة النطاق قد تكون ضرورية للقضاء على حماس بالكامل".
🎥 ناشطون متضامنون مع #فلسطين يعلقون ملصقات تطالب باعتقال نتنياهو في #لندن. pic.twitter.com/p3BOYHRZSu
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 20, 2024
مساعي نتنياهو
من جهتها، تشير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن هدف نتنياهو من زيارته إلى واشنطن هو "إخراج" حماس من الحكم في غزة. كما نقلت الصحيفة عن مصدر مرافق للوفد في واشنطن، فضل عدم الكشف عن هويته، قوله إنه لا يمكنه تأكيد ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية ستنفذ المرحلة الثانية من الاتفاق في حال عدم وجود وعد أميركي بتحقيق الغاية الأهم من الزيارة، وهي "إبعاد" حماس عن حكم غزة.
يشار إلى أن ترامب صرّح سابقًا بأنه لا يمكن السماح لحماس بحكم غزة، لكن إدارته لمّحت في عدد من المناسبات إلى عدم رغبتها في استئناف الحرب في غزة.
نتنياهو وديرمر: تأمين السلطة بأي ثمن
بدوره، يشير الكاتب أمبير تيبون في مقال بصحيفة "هآرتس" إلى أن بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر لديهما هدف وحيد من زيارة الولايات المتحدة: "تقليل أي مخاطر تهدد بقاء نتنياهو في السلطة"، وهذه أولويتهما المطلقة. وفي الوقت الحالي، ينظران إلى ترامب باعتباره "تهديدًا محتملًا" بسبب مطالبته بإنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع المحتجزين.
شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف هددوا بإسقاط الحكومة إذا تم تنفيذ اتفاق التبادل، ولذلك يبدو أن نتنياهو مصمم على إفشال الاتفاق.
كارثة تهدد المحتجزين المتبقين
وبحسب تيبون، فإن أي عودة للأعمال القتالية ستشكل كارثة على المحتجزين الذين لا يزالون في غزة. فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قتل أكثر من 30 محتجزًا في غزة.
وسعي نتنياهو إلى استئناف الحرب لا يهدد فقط حياة المحتجزين، بل يشكل أيضًا خطرًا كبيرًا على استراتيجية ترامب الأوسع في الشرق الأوسط. الرئيس الأميركي يريد توسيع اتفاقيات أبراهام عبر توقيع اتفاق بين إسرائيل والسعودية.
🎥 متظاهرون في #هلسنكي يجسدون اعتقال نتنياهو ويجولون فيه بالمدينة. pic.twitter.com/0NH7O1z4Ub
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 14, 2025
لكن نتنياهو يحاول إقناع ترامب بإطالة أمد الحرب، وهي خطوة قد تدفع دولًا عربية إلى الابتعاد أكثر عن أي مسار للتطبيع مع إسرائيل، كما أنها قد تعرض الاتفاقيات القائمة مع دول مثل مصر والأردن للخطر.
تلاعب نتنياهو وديرمر
يشير كاتب المقال إلى أن نتنياهو وديرمر يتمتعان بخبرة كبيرة في تضليل وخداع الرؤساء الأميركيين. لقد وجدوا التعامل مع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن سهلًا، إذ أن قناعاته الصهيونية وحبه لإسرائيل منعاه لفترة طويلة من إدراك أن نتنياهو ربما لا يهتم كثيرًا لمصير المحتجزين. وبحلول الوقت الذي أدرك فيه بايدن هذه الحقيقة، كان قد أصبح رئيسًا ضعيفًا بلا نفوذ حقيقي يمكنه استخدامه للضغط.
ترامب في موقع أقوى قبل لقائه مع نتنياهو
على عكس بايدن، يرى تيبون أن ترامب في وضع أقوى بكثير قبل لقاء نتنياهو في البيت الأبيض. الغالبية العظمى من الإسرائيليين يقدرونه ويشكرونه على دوره في توقيع صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة. كما أن معظمهم يريدون منه الضغط على نتنياهو لاحترام شروط الاتفاق ومواصلة تنفيذه حتى إطلاق سراح آخر محتجز.
وخارج الدائرة الصغيرة من مؤيدي اليمين المتطرف داخل ائتلاف نتنياهو، لا توجد رغبة كبيرة داخل إسرائيل لتجديد الحرب.