29-مارس-2019

لا يعول اللبنانيون على نتائج زيارة عون إلى روسيا (Getty)

للمرة الأولى منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية، وصل ميشال عون إلى روسيا في زيارة رسمية، وهي زيارة قيل أن روسيا ماطلت كثيرًا في إعطاء موافقة عليها، وتمت أخيرًا بعدما قام بترتيبها بطريرك أنطاكية والمشرق نيفون صيقلي.

هللت وسائل إعلام التيار الوطني الحر وقوى 8 آذار لزيارة عون إلى روسيا، ووصفتها بالتاريخية، فيما رأى قسم من اللبنانيين أنها لن تحمل فوائد كبيرة

وقد رافق عون في رحلته كل من وزير الخارجية والمغتربين وصهر الرئيس جبران باسيل، ومستشارة الرئيس وابنته ميراي عون. وقد برز العديد من الملاحظات في الشكل على الوفد الذي اختاره عون، والطابع العائلي الذي اتسم به، معطيًا الانطباع بأن "بي الكل" كما يحلو لأنصاره مناداته، يختصر الديبلوماسية اللبنانية بعائلته المصغرة. وقد استغرب المتابعون غياب الوزراء المعنيين بالملفات التي يحملها عون إلى روسيا عن الوفد، وخاصة وزير شؤون اللاجئين صالح العريضي، بالرغم من تأكيد مصادر الرئيس على أن ملف النزوح السوري سيكون على سلم الملفات المطروحة، إضافة إلى غياب وزراء الاقتصاد والصناعة وغيرهم.

اقرأ/ي أيضًا: مَنح الجنسية اللبنانية.. "ناس بسمنة وناس بزيت"

وقد استُشف من اصطحاب عون لصهره باسيل، محاولة لتعويمه لدى الروس، وتعزيز حظوظه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي ستحصل بعد ثلاث سنوات تقريبًا في حال لم يطرأ أي طارئ يبعثر الحسابات، في بلد اعتاد على تأجيل استحقاقاته الدستورية، في ظل التوازنات السياسية وغياب معيار موالاة – معارضة، الذي يفترض به أن يحدد شروط اللعبة في بلد محكوم بنظام ديموقراظي برلماني، دستوريًا على الأقل.

وقد استقبل نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ميشال عون  في المطار، وهو استقبال رأى فيه محللون أنه لا يليق بمقام رئيس جمهورية في الشكل، فيما ذهب آخرون إلى اعتباره رسالة روسية مبطنة إلى عون.

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فاستقبل نظيره اللبناني في الكرملين، وكان الجزء الأول من اللقاء علنيًا أمام وسائل الإعلام وآخر بعيدًا عنها، وقد تمّ في اللقاء طرح كل الملفات العالقة، وأبرزها ملف اللاجئين السوريين، وترسيم الحدود البحرية  مع إسرائيل، بعد اكتشاف آبار نفط وغاز هناك، إضافة إلى موضوع الدعم العسكري الروسي للبنان في العتاد والأسلحة وفي الخبرات القتالية.

في ملف اللاجئين السوريين، طلب عون من الروس المساعدة في معالجة الملف، وتسهيل مهمة عودة اللاجئين إلى بلدهم. مع العلم أن النظام السوري لا يبذل أي جهد للمساهمة في عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم، بالرغم من ادعاءاته المتكررة حول الانتصارات العسكرية التي تحققت على الأرض، وعودة " الأمن والأمان" إلى الجزء الأكبر من الأراضي السورية، واستعادة المدن والقرى إلى "حضن الوطن". في الوقت الذي يطالب فيه المحسوبون على النظام السوري في لبنان الحكومة بالتواصل المباشر مع "القيادة السورية" لمعالجة الملف، وهو أمر يرفضه معارضو سوريا في البلاد، ويعتبرون أن التطبيع مع نظام منبوذ عربيًا ودوليًا، أقله حتى الساعة، سيدخِل لبنان في مشاكل كبيرة، بدون أية ضمانات في التقدم في الملف، مع شكوك بالأساس حول موافقة النظام على عودتهم.

في السياق عينه، وضع المبعوث الخاص للرئيس بوتين إلى روسيا أليكساندير لافرنتييف الحاضرين بصورة تطوّرات الأزمة السورية، مؤكّداً إصرار روسيا على مكافحة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وزاعمًا من جديد رفض أي وجود عسكري غير شرعي على الأرض السورية. وكشف لافرنتييف أن الجانب الروسي يعمل مع شركائه في مسار أستانا ومع النظام على إخراج مسألة اللجنة الدستورية، متوقّعًا أن تكون اللجنة جاهزة خلال شهرين من الآن. وقال إن العمل حثيث على التسوية السياسية في سوريا، وأن سياسة روسيا هي خلق الظروف المواتية عبر تذليل العقبات مع دول الجوار ومع الدول الأوروبية.

وفي موضوع الدعم الروسي العسكري للبنان، تداولت أنباء بأنه سيتم بت الأمر خلال زيارة وزير الدفاع إلياس بو صعب إلى روسيا في الصيف القادم، لوضع الخطوات التنفيذية لتسليم روسيا لبنان لقطع وعتاد عسكري، يستفيد منها الجيش اللبناني والقوى الأمنية.

اقرأ/ي أيضًا: زيارة بومبيو إلى بيروت.. كشف ستار الدولة الغائبة

يذكر أن وصول عون إلى موسكو جاء بعد زيارة وزير خارجية أمريكا بومبيو إلى بيروت، الذي حمل رسائل حازمة إلى لبنان فيما يخص التعامل مع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وحزب الله، ودعا اللبنانيين إلى مواجهة هذا الحزب وعدم السماح له بوضع اليد على مقدرات الدولة والتحكم بمفاصل الحكم. وقد لوحظ تباين في خطاب عون أمام بومبيو في بيروت، وخطابه في روسيا، فيما بدا أن لبنان واقع بين فكي كماشة أحدهما روسي والآخر أمريكي.

بقي الازدواج في الخطاب الرسمي، ولعبة تقاسم الأدوار، السمة الأبرز للطبقة السياسية اللبنانية، التي يتضح أنها تفشل في قيادة البلد وتتخبط في هذا الفشل

من جانب آخر، هللت وسائل إعلام التيار الوطني الحر وقوى 8 آذار لزيارة عون إلى روسيا، ووصفتها بالتاريخية، فيما رأى قسم من اللبنانيين أنها لن تحمل فوائد كبيرة للبنانيين في الملفات المطروحة، فيما بقي الازدواج في الخطاب الرسمي، ولعبة تقاسم الأدوار، السمة الأبرز للطبقة السياسية اللبنانية، التي يتضح أنها تفشل في قيادة البلد وتتخبط في هذا الفشل، وأن تبادل الزيارات والخطب الرنانة والشعارات لن تفلح في انتشال المواطن اللبناني الذي يرزح تحت أعباء العجز الاجتماعي والاقتصادي.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

"الحالة الباسيلية".. باقية وتتمدد

للعنصرية أيضًا بيئتها الحاضنة في لبنان