01-مارس-2019

غادر غريفيث اليمن بدون نتائج (Getty)

الترا صوت - فريق التحرير

بعد مرور نحو 80 يومًا على اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله "الحوثيين"، لم تتمكن الأمم المتحدة من تنفيذ بنوده، بسبب عدم مرونة أطراف الصراع في اليمن.

لن توقف محاولات الأمم المتحدة تفشي الفقر والمجاعة، وسوء التغذية، وانتشار الأوبئة والأمراض، وسلسلة النزوح المتواصلة، وهو ما بدا أن الشارع اليمني متأكد منه

وفي زيارات تكررت كثيرًا، إلى العاصمة صنعاء، يحاول المبعوث الخاص من الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، إنقاذ الاتفاق، وتنفيذ وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة غربي البلاد، وإطلاق المعتقلين والأسرى، والتمهيد لعملية السلام الشامل.

اقرأ/ي أيضًا: مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم

بعد زيارة قصيرة استمرت ليومين؛ غادر غريفيث الخميس 28 شباط/فبراير العاصمة صنعاء، عقب زيارة هي الثالثة خلال الشهر والسادسة منذ كانون الثاني/يناير الماضي، للمدينة الخاضعة لسيطرة "الحوثيين". لم تغير زيارات غريفيث، شيئًا فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي مضى عليه أكثر من شهرين، وفشلت حتى الآن في تنفيذه على الواقع. فيما لم يحصل المبعوث الأممي على أي إنجاز حقيقي من زياراته المتكررة، سوى المزيد من التسويف والمماطلة من جميع الأطراف.

التقى غريفيث خلال زيارته هذه، بوزير الخارجية في حكومة الحوثيين، هشام شرف، وتم التباحث معه حول الجهود والمساعي لتنفيذ تسوية، كما هو المعتاد  في الزيارات السابقة.

وحسب وكالة "سبأ" التابعة لجماعة الحوثيين، فإن المبعوث الدولي، أوضح أن فرص السلام وإنهاء العمليات العسكرية ورفع الحصار ما تزال مرتفعة ويجب الاستفادة من الزخم الدولي الرامي لمعالجة الأزمة الإنسانية التي يشهدها اليمن. مؤكدًا أن الحل السياسي السلمي في البلاد هو مفتاح هذه المعالجة.

 كما عقد غريفيث خلال الزيارة مباحثات مع عدد من المسؤولين الحوثيين، بينهم مهدي المشاط رئيس "المجلس السياسي الأعلى"، إضافة إلى لقائه رئيس حكومة الحوثيين، عبد العزيز بن حبتور. والتقى في العاصمة صنعاء برئيس لجنة المراقبين الأمميين في محافظة الحديدة، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.

وتتواصل الجهود البريطانيّة في محاولة لإحداث اختراق لملفات الأزمة اليمنية، بعد الفشل الذريع منذ تولي المغربي جمال بن عمر منصب المبعوث الدولي، إلى اليمن. في هذا السياق، أعلن وزير الخارجية البريطاني جريمي هانت مساء الخميس أنه سيزور المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان بشأن جهود السلام في اليمن.

 وقال هانت في تغريدة بحسابه على تويتر إنه سيتوجه ليلة الخميس إلى عمان والمملكة العربية السعودية والإمارات لإجراء مزيد من المحادثات حول عملية السلام في اليمن، مضيفًا أن "هدفي هو البناء على اتفاق ستوكهولم الذي تدعمه الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر". وتابع وزير الخارجية البريطاني قائلا: "قد شهدنا بعض التقدم، ولاسيما انخفاض القتال في الحديدة، ولكن لا بد من القيام بالمزيد الآن، إذا أريد تحقيق السلام الدائم".

 

زيارات كثيرة لمسؤولين أمريكيين وأوروبيين، سبقت هانت، طافت العديد من العواصم الخليجية العربية، لوقف الحرب، لكنها لم تثمر حتى الآن في التخفيف من حدة الصراع المتواصل منذ أربعة أعوام.

الحديدة.. المعارك مستمرة

ما تزال المعارك بين القوات التابعة لهادي، ومسلحي جماعة الحوثيين متواصلة، على الرغم من تواجد المراقبين الدوليين، ومرور أكثر من شهرين، على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار.

وعلى الرغم من إعلان طرفي الصراع بدء الانسحاب من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة، الأحد الماضي، إلا أن الانسحاب لم ينفذ حتى اليوم. وسبق أن صرح مسؤول في الحكومة اليمنية أن المرحلة الأولى من إعادة الانتشار ستُنفذ يوم الخميس، بعد أن تأجل تنفيذها مرتين، بسبب رفض الحوثيين، لكن الموعد تأجل مرة أخرى إلى أجل غير معلوم.

وحتى اليوم فشلت الأمم المتحدة في تطبيق الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف اليمنية بعد جولة من المشاورات بالعاصمة السويدية ستوكهولم بين 6 - 13 كانون الأول/ديسمبر الماضي، والذي قضى بتبادل الأسرى، وتوقف القتال في مدينة الحديدة.

كما يتضمن اتفاق الحديدة الذي تم التوصل إليه في ستوكهولم انسحاب الحوثيين من المدينة ومينائها خلال 14 يومًا، والإفراج عن المعتقلين والأسرى خلال 45 يومًا، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم.

فيما عزا مراقبون فشل المبعوث الأممي إلى اليمن في تطبيق الاتفاق إلى تباين بين الطرفين في تفسير عدد من بنوده. وطالب وزير الخارجية في الحكومة اليمنية، ورئيس وفد الحكومة لمشاورات السلام خالد اليماني، الجنرال مايكل لوليسجار والمبعوث الأممي باتخاذ موقف حازم تجاه سلوك المماطلة والتعنت للحوثيين، لإيقاف تلاعبهم المكشوف على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وفي تصريح نقلته وكالة سبأ الحكومية قال اليماني "إن على الأمم المتحدة أن ترفع صوتها وتحدد بصورة عاجلة الطرف الذي يرفض ويمنع تنفيذ الاتفاق".

وأضاف اليماني:" انتهى الخميس الموافق 28  فبراير الموعد المفترض لإتمام المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار، وما زالت جماعة الحوثيين ترفض الانسحاب من مينائي الصليف ورأس عيسى دون ابداء الأسباب".

وحمل الوزير اليمني الحوثيين، مسؤولية فشل الاتفاق والانتكاسة الجديدة، خاصة في الملف الإنساني، حيث كان من المفترض أن يضمن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة فتح وتأمين الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر.

فيما تمكن فريق الأمم المتحدة، برئاسة الجنرال الهولندي مايكل لوليسجارد، من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحفي عقب مؤتمر للمانحين الدوليين، إن المنظمة الدولية تمكنت من الوصول للمرة الأولى منذ أيلول/سبتمبر الماضي  إلى مخازن الحبوب قرب خط الجبهة في الحديدة (غربي البلاد).

تقع هذه المطاحن جنوبي الحديدة، على خطوط التماس بين الحوثيين والقوات الحكومية، وتسيطر عليها الأخيرة حاليًا، فيما تستخدمها الأمم المتحدة منذ بدء الحرب لطحن القمح المقدم كمساعدات للمدنيين. ‎

 ويوجد في مخازن برنامج الأغذية العالمي داخل شركة مطاحن البحر الأحمر ما يزيد على 51 ألف طن من القمح الذي لم يتسن الوصول إليه منذ ستة أشهر، بسبب وقوع الشركة داخل منطقة صراع، مما جعل تلك الحبوب في خطر التعفن.

ألقى الفشل المتواصل لعملية السلام في اليمن، بظلاله على الوضع الإنساني في البلاد، وباتت البلاد تحتاج إلى 4 مليار دولار،  لتوفیر المساعدات المنقذة لأرواح 21.4 ملیون شخص ھذا العام.

وخلال اجتماع رفيع المستوى للمانحين الدوليين، في مدينة جنيف السويسرية، تمكنت الأمم المتحدة من جمع 2.6 مليار دولار، لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن. وكانت الأمم المتحدة، قد أكدت الاثنين، إن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن هذا العام تدور حول 5 أهداف لها الأولوية القصوى، تتمثل في مساعدة ملایین السكان على التغلب على الجوع؛ والعمل على الحد من تفشي الكولیرا والأمراض المعدیة، بالإضافة الى تعزیز كرامة الأسر النازحة؛ والتقليل  من مخاطر النزوح والعنف ضد المدنیین، والحفاظ على قدرة مؤسسات القطاع العام لتقدیم الخدمات الأساسیة المنقذة للأرواح، بحسب البيان.

وأفادت الأمم المتحدة وشركاؤها أن أكثر من 20 مليون شخص بأنحاء اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، نصفهم يواجهون مستويات قاسية من الجوع. مضيفة "أن التعهدات التي قدمها المانحون الدوليون خلال المؤتمر رفيع المستوى بشأن إعلان التعهدات من أجل اليمن في جنيف، سجلت زيادة بنسبة 30% مقارنة بتبرعات العام الماضي البالغة 2.01 مليار دولار".

حيث تعهدت الأمم المتحدة ومانحون دوليون من 16 دولة حول العالم بتقديم 2.6 مليار دولار لضمان استمرار، وتوسيع نطاق عمليات المساعدة الإنسانية في اليمن، بحسب بيان نشره مركز أخبار الأمم المتحدة. وقال غوتيريش، إن عددًا من الدول رفعت بالفعل من قيمة تعهداتها المانحة، وإن "النسبة الأكبر من هذه الزيادات جاءت من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة".

وهو ما يعتبره عديد من المراقبين والناشطين المحليين محاولة سعودية إماراتية لتجميل جرائم تحالفهما المشترك في اليمن، رغم أن هذا التحالف يعد من الأسباب الرئيسية للمجاعة الحاصلة، والظروف المأساوية التي يتعرض لها اليمنيون.

وبحسب البيان، تتطلب خطة الاستجابة الإنسانية، التي أطلقتها الأمم المتحدة لمجابهة احتياجات عام 2019، ما يفوق الـ 4 مليارات دولار – أي بزيادة تصل إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، لافتًا إلى أن الخطة تهدف لمساعدة ما يقارب من 21.5 مليون يمني، ومن المقرر أن يذهب أكثر من نصف التمويل المطلوب نحو توفير المساعدات الغذائية الطارئة لحوالي 12 مليون شخص. 

لن توقف مساعدات الأمم المتحدة والمانحين تفشي الفقر والمجاعة، وسوء التغذية، وانتشار الأوبئة والأمراض، وسلسلة النزوح المتواصلة في اليمن، وهو ما بدا أن الشارع اليمني متأكد منه.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: هل سقط اتفاق ستوكهولم في اليمن؟

وقف الحرب وعودة السلام الشامل إلى البلاد، هو ما يأمل به اليمنيون، بعد دخول الصراع عامه الخامس، دون أي انفراج، وتفاقم الوضع الإنساني عامًا بعد آخر.

زيارات كثيرة لمسؤولين أمريكيين وأوروبيين، سبقت زيارة هانت، طافت العديد من العواصم الخليجية العربية، لوقف الحرب في اليمن، لكنها لم تثمر 

وتشهد اليمن حربًا عنيفة بين القوات الحكومية، مدعومة بالتحالف السعودي الإماراتي من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي من جهة أخرى، منذ الواحد والعشرين من أيلول/سبتمبر 2014، عقب انقلاب الحوثيين على حكومة هادي.

وتدخل التحالف السعودي الإمارتي في العام 2015،  تحت مبرر إعادة حكومة الرئيس هادي، والقضاء على التمدد الحوثي في المنطقة، غير أنه فشل في ذلك بعد مرور أربع سنوات من الحرب، وتسبب بمجاعة ومقتلة على نطاق واسع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن على حافة المجاعة.. التحالف السعودي يحول البلاد إلى مقبرة

آخر جرائم السعودية في اليمن.. تهجير قسري لأكثر من 121 ألف مدني من الحديدة