16-يونيو-2021

الكاتب زياد خداش

تحاول هذه المحاورة أن تذهب إلى الأمكنة الحميمية لعلها تساهم في تشكيل الصورة الأكثر قربًا للإنسان. ولهذا فإن الحديث بمقدار ما هو انتزاع اعترافات من كاتب هو أيضًا محاولة في تشكيل صورة لداخل هذا الكاتب، ولأننا مع زياد خداش فللألم وجه وللأحلام صوت.

زياد خدّاش كاتب وقاصّ فلسطيني له العديد من الأعمال القصصية والنثرية، مثل: "خطأ النادل" و"أسباب رائعة للبكاء".


  • كتبتَ يومًا نصًّا بعنوان "أريدُ بنتًا الآن"، وفي نصٍّ آخر بعنوان "غياب الأخت" كتبت بأسى وحزنٍ شديدين عن ولعك الأبديّ بامتلاكك أخت تكبرك بعدة أعوام. تحكي دائمًا بلهفةٍ لا تُضرَمُ نارها عن افتقادك للنساء في حياتك، فكيفَ يؤثر غياب الابنة والأخت والزوجة على حياة زياد خدّاش؟

هذا الغيابُ قاسٍ. أتحدث عن غياب الابنة والأخت، وحين قلتُ: إن هذا الغياب الأبدي كان له دورٌ كبيرٌ في تشكيل، وصياغة شخصيتي وحياتي لم أكن مبالغًا، أو متطرفًا في الوصف، ويبدو أنني سأظل أتأمل هذه الغيابات محوّلًا إياها إلى حسرات جمالية منطلقًا منها إلى أسئلة الفقد الوجودي الكوني. نصوص كثيرة أحبها أهدتني إياها هذه الغيابات، لكني لو خُيّرت بينها وبين وجود ابنتي واختي لفضّلتُ غياب القصص لا غيابهما.

  • قلت مرةً أن التعليم بالنسبة إليك كانَ حكاية اضطرار مريرة، ووصفتَ نفسك بالمعتقل في مهنةٍ متجمدة كالتعليم. اليوم وبعد حوالي 27 عامًا، هل نجحَت في أن تحوّل التعليم من مهنة إلى فضاءات حبّ وفنون كما قال يومًا؟

لا أستطيع أن اتحدثَ بوضوح عن نجاحات أسلوبي في التعليم، لكني أستطيع أن أقول لك: إنني أستمتع جدًا في خرق كل حجاب يحجب نور الشمس عن صفي، وأكاد أذوب من الفرحة، وأنا أتلقى امتنان الطلاب في الشارع.

  • كتبتَ تقولُ مرةً: "أكتبُ لأنني أخافُ موتَ الأصدقاء والتحديق في عيون الناس". لطالما تحدثت عن أسباب الكتابة. متى تتلاشى الأسباب، متى يتوقف زياد عن الكتابة والبَوح؟

لا أستطيع التوقف عن الكتابة، وكأنك تطلبين مني أن أتوقف عن الحلم، طالما هناك ألم وغموض وتعقيد في الحياة، فالكتابة دائمًا طريقتي في التعبير عن حيرتي وخوفي، وسخطي.

زياد خداش: طالما هناك ألم وغموض وتعقيد في الحياة، فالكتابة دائمًا طريقتي في التعبير عن حيرتي وخوفي وسخطي

  • ماذا تعلّم زياد من أصدقائه التلاميذ خلال هذه الرحلةِ الطويلة؟

تعلّمتُ كثيرًا من طلابي أهم درس هو أن لا أتفذلك حين أعبرُ عن نفسي في الكتابة، وأن أكتبَ ما أشعر به لا ما يريده القارئ، ولا ما يعجب العالم.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| طارق إمام: المدن الأكثر حداثة تبدو لي وثنيةً

  • متى يبكي زياد؟

أبكي حين أعلمُ أن ثمة طفل في هذا العالم يكبر بسرعة، ويتخلّى عن كل صفات الطفل، ومتطلباته؛ ليشاركَ في إعالة أسرته الفقيرة.

  • كمّ مرة أستخدمَ زياد الكتابة لجذب امرأة يحبها؟

لا استخدم نصوصي لجذب النساء، هذا تصرفٌ مقيت، الكتابةُ أسمى من أن تكونَ غرضًا لإغراء امرأة. والمرأة أسمى من أن تكونَ ضحية هكذا أسلوب دنيء. أكتب لأستدرج التعافي لا النساء.

  • كمّ مرة دَغدت رام الله خاصرة الكاتب فيك؟ كَمّ بيت شِعر حَرّكَ فيكَ هواءُ رام الله؟

رام الله نصٌ متفلت غير قابل للتصنيف فيها من النثر الكثير، وفيها من المسرح أكثر، وفيها من موت المؤلف الكثير جدا. محيّرة رام الله، ونقّادها عشاقها، وخاصرتي فيها سهلة الكسر.

  • هل يستحي زياد خدّاش من قَول "ما بعرف"؟

علّمني حسين برغوثي أن أكونَ صادقا مع نفسي كما كان هو كذلك. أحبُّ أن أقنع نفسي دائمًا أنّني لا أعرفُ أي شيء، وأنّ المتعة نفسها في المعرفة نفسها لا في إعلانها، واستخدامها للفت النظر.

زياد خداش: تعلّمتُ كثيرًا من طلابي أهم درس هو أن لا أتفذلك حين أعبرُ عن نفسي في الكتابة

اقرأ/ي أيضًا: حوار| المترجم البرتغالي هوجو مايا: أنا صياد يتصيّد الجنون

  • أخيرًا، ماذا لو كانَ لزياد بنتًا تسرقُ بعضًا من نصوصه، لتقول لزميلاتها: أنا أيضًا مثل أبي، احترفُ الكتابة؟

لو كان لدي بنت لأحببت أن تكونَ كاتبةً مثلي، تتجاوزني، وتسخر من قدامتي، وتحصل على جوائز بينما أكون أنا خلفها في القاعة وظيفتي فقط أن أستلم عنها باقات الزهور في حفلات الجوائز؛ لتتفرغَ هي لمصافحة المعجبين، ومقابلة الصحفيين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار| الشاعر بيتر نوبيرغ: الشعر السويدي معادٍ للاستهلاك

حوار | لينا مرواني: المقاومة تنطلق من الوعي السياسي لا من العيش بعقلية الضحية