08-مارس-2020

لزهرة عباد/دوار الشمس حضور طويل في وعي البشر (Getty)

يزخر علم الأساطير الإغريقيّ بالقصص والملاحم الخياليّة، والتي تنمُ عن مخيّلةٍ شعبيّةٍ خصبةٍ وغنيّة، استطاعت إيجاد تفسيرٍ لأغلب الظواهر الطبيعيّة من حولها، ذلك لأنَّ العقل البشريّ يميل بطبيعته إلى التساؤل والبحث عن إجاباتٍ وتفسيرات لكلّ ما يعجز عن فهمه. في هذا المقال نستعرض التفسير خلف وجود زهرة دوار الشمس وسبب توجهها إلى الشمس دائمًا.

يميل العقل البشريّ يميل بطبيعته إلى التساؤل والبحث عن إجاباتٍ وتفسيرات لكلّ ما يعجز عن فهمه

بحسب الميثولوجيا الإغريقيّة (علم الأساطير) كان أبولو* (ابن كبير الآلهة زيوس) هو الإله الموكل بقيادة عربة الشمس الذهبيّة، والتي تجرّها خيولٌ ذهبيّة جبارة عبر السماء. مع كل صباح كان أبولو يبدأ رحلته من الشرق وينتهي منها مساءً عند الغرب، حيث يترجل من عربته ويتوجّه لركوب قاربه الذهبيّ المُضيء، والذي يُعيده ثانيّةً عبر البحر إلى شرقيّ السماء ثانيةً. 



في الأرض كانت تعيش كليتي، وهي حوريّة شابة ذات جمالٍ آسر، ذات شعرٍ طويل ومنسدل، وعينين براقتين أصفى من مياه أعذب البحيرات. دأبت كليتي يوميًا على الاستجمام بجانب النبع تحت أشعة الشمس الدافئة. في يومٍ ما، وبينما هي تستجم وتستمتع بالهدوء من حولها،  نظرت إلى كبد السماء فوقعت عيناها على أبولو (إله الشمس) فهالها ما رأته من جماله وقوّته، إذ كان أبولو يمتلك شعرًا ذهبيًا بخصالٍ طويلة تداعبها الرياح، ووجهًا بملامح آلهيّة شديدة الجمال، ولا مبالغة في القول أنَّه كان أجمل مخلوقٍ في العالم.

راحت كلوني تُمعن النظر إليه بعينين مُحدقتين، فرأته في مظهرٍ مَهيب مُمسكًا بأعنّة الجياد بقوةٍ وبأس، مزيناً رأسه بتاجٍ ذهبيّ زاده بهاءً وألقًا، فما كان منها إلا أن وقعت في حبهِ على الفور.



في اليوم التالي، حرصت كليتي على الخروج من منزلها باكرًا لتتسنى لها فرصة رؤية (أبولو) لأطول فترةٍ ممكنة. ومع دقائق الفجر الأولى طارت أورورا آلهة الفجر عبر السماء الورديّة معلنةً قدوم النهار، وفتحت بوابة السماء لتنطلق منها عربة أبولو الذهبيّة التي تجرُّ الشمس في مشوارها اليوميّ من المشرق إلى المغرب.

ما إن انطلق أبولو، حتى بدأت كلوني تراقبه دون أن تحوّل بصرها عنه ودون أن تغلق عينيها حتى لو للحظةٍ واحدة، فشغفها حبًا وهيامًا! ومنذ ذلك اليوم، أصبحت تراقبه يوميًا منذ الصباح وحتى هبوط الظلام دونما انقطاعٍ أو راحة. كانت الحورية الحسناء تعتقد في قرارة نفسها أنَّ أبولو سيقع في غرامها على الفور إذ ما وقع بصره عليها، فجمالها الفتان لا يُقاوم، لذلك كانت لا تحول بصرها عنه منتظرةً أن يلتفت إليها فتبتسم له، علَّه يبادلها الحب!

وهكذا مرّ اليوم الأول، فالثاني، فالثالث، وأبولو يتجاهلها ولا يلتفت إليها أبدًا، فقلبه مع جميلة أُخرى تشغله عن الالتفات لغيرها! ظلّت كليتي على هذا الحال لمدّة تسعة أيامٍ متواصلة، لا تتناول الطعام أو الشراب، ولا تتحول ببصرها عنه، وقد أورثها تجاهله حزنًا ويأسًا عميقين، فأخذت دموعها تنهمر سخيةً من شدة الحزن، حتى قررت في اليوم التاسع بعد امتناعها عن الكلام والطعام، أن تحمل خيبتها وتعود من حيث أتت، إلا أنَّها لم تستطع الحِراك! فقدماها مثبتتان في الأرض، ويداها قد تحولتا إلى أوراقٍ خضراء! فبقيت على حالها هذا، حتى صار وجهها الذي تكسوه خصال شعرها الذهبية، زهرةً صفراء رائعة الجمال، هي زهرة عباد الشمس. وإلى يومنا هذا، لا زالت زهرة عباد الشمس لا تحيد ببصرها عن معشوقها أبولو، ولا بقلبها عن حبه.

 

  • يُشار إلى أبولو في بعض المصادر بـ هيليوس وهو الاسم الإغريقيّ لإله الشمس

     

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف تدخل في "العزل الذاتي" لمواجهة فيروس كورونا؟

ما الذي يجعل فيروس كورونا أشدّ خطرًا على مرضى القلب والسكري؟

حرب الإبادات الآتية

رقم آخر يتزايد مع تفشّي فيروس كورونا.. أعداد المتعافين منه