يستعد ملعب سانتياغو برنابيو لاستقبال مواجهة نارية ومصيرية في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، حيث يسعى ريال مدريد، صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب الأوروبية، إلى تحقيق واحدة من أعظم عوداته التاريخية أمام أرسنال الإنجليزي، بعد أن مُني بخسارة ثقيلة 3-0 في مباراة الذهاب.
وشهدت مباراة الذهاب على ملعب الإمارات تألقًا لافتًا من لاعبي أرسنال، وعلى رأسهم ديكلان رايس الذي سجل هدفين رائعين من كرات ثابتة، إلى جانب هدف ثالث حمل توقيع ميكيل ميرينو، ليضع الفريق الإنجليزي قدمًا في نصف النهائي للمرة الأولى منذ عام 2009.
ورغم هذه النتيجة الكبيرة، لا تزال حظوظ ريال مدريد قائمة في نظر الكثيرين، خصوصًا في ظل تاريخه الحافل بـ"الريمونتادات" التاريخية، حيث قلب الطاولة في مناسبات سابقة ضد عمالقة أمثال باريس سان جيرمان، مانشستر سيتي، وفولفسبورغ، وجميعها في البرنابيو.
خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد عشية اللقاء، أكد المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي على إيمانه بقدرة فريقه على قلب النتيجة، مشيرًا إلى أهمية الجوانب الفنية، البدنية، والجماعية، فضلًا عن الدور الحاسم للجماهير.
رغم الهزيمة بثلاثية ذهابًا، لا تزال حظوظ ريال مدريد قائمة في نظر الكثيرين، خصوصًا مع تاريخه الحافل بـ"الريمونتادات" التاريخية
فقال أنشيليوتي: "البرنابيو له سحر خاص. نحتاج إلى كل شيء غدًا، الجودة، القوة البدنية، الانضباط، والتكاتف. ليس مسموحًا بارتكاب أي خطأ". وتابع المدرب الإيطالي: "لدينا الجودة، ولدينا الالتزام، والتجربة، والجمهور. الآن علينا أن نحول هذه الموارد إلى أداء كبير. نحن بخير ذهنيًا، لكن يجب أن نكون في أفضل حالاتنا من الدقيقة الأولى".
من جانبه، أبدى النجم الإنجليزي جود بيلينغهام حماسه الشديد لهذه المواجهة قائلاً: "منذ مباراة الذهاب وأنا أسمع وأشاهد مقاطع تحفيزية. هذه ليلة صُنعت لريال مدريد. نريد أن نضيف لحظة أخرى إلى تاريخ النادي".

أما في الجانب الآخر، فقد حرص مدرب أرسنال ميكيل أرتيتا على التأكيد بأن فريقه لن يركن إلى نتيجة الذهاب، وأن هدفه هو الفوز وليس فقط الحفاظ على النتيجة: "نعرف أن ريال مدريد سيحاول جرّنا إلى مناطق لا نريدها، وهذا جزء من هويتهم، لكننا نريد السيطرة على المباراة واللعب بشخصيتنا كما فعلنا في لندن".
وشدد أرتيتا على أهمية الجانب الذهني والعاطفي، قائلًا: "عليك أن تكون شجاعًا، أن تؤمن بنفسك. أنا أثق بفريقي، بما قدّمه هذا الموسم في اللحظات الصعبة قبل السهلة. علينا أن نستمتع بهذه المناسبة". وأكد المدرب الإسباني توفر الثنائي بن وايت وتوماس بارتي بعد تعافيهما من الإصابة، فيما غاب الإيطالي جورجينيو عن قائمة المباراة بسبب إصابة في الأضلاع تعرض لها في الدوري المحلي.
فوز أرسنال 3-0 في الذهاب يعادل أكبر انتصار له على نادٍ إسباني في دوري الأبطال. ويمتلك أرسنال سلسلة من 7 مباريات دون خسارة في البطولة هذا الموسم (6 انتصارات وتعادل). فيما لم يهزم ريال مدريد أرسنال في ثلاث مواجهات سابقة بدوري الأبطال، بل لم ينجح في تسجيل أي هدف خلال تلك المواجهات، لكن الريال فاز في 18 من آخر 23 مباراة له على أرضه في دوري الأبطال، وآخر خسارة لريال على أرضه في الأدوار الإقصائية كانت أمام تشيلسي في 2021.

وعلى الرغم من كل الأرقام السابقة، يبقى البرنابيو مكانًا تجري فيه المعجزات. يقول الإسبان إن كلمة "ريمونتادا" أصبحت عالمية بفضل ريال مدريد، الذي اعتاد على قلب الموازين في أصعب اللحظات.
كل المعطيات تشير إلى مواجهة لا تُفوّت. أرسنال يحلم بكتابة فصل جديد من المجد الأوروبي، بينما ريال مدريد يسعى لإضافة ليلة سحرية أخرى إلى سجله الأسطوري. فهل سيعيد ريال مدريد كتابة قصة جديدة في البرنابيو، أم أن أرسنال سيصمد ويكتب نهايته الخاصة لهذه الملحمة الكروية؟ الإجابة ستكون مع صافرة النهايةـ ولكن المؤكد أن العالم بأسره سيكون على موعد مع ليلة أوروبية لا تُنسى.