02-أبريل-2019

استهدف مشروع "الغراب" مجموعة من الإعلاميين في وسائل إعلامية عربية وغربية (Reuters)

كشفت وكالة رويترز، في تحقيق استقصائي نشرته يوم الإثنين، الأول من نيسان/إبريل الجاري، تورط  مجموعة من القراصنة الإلكترونيين الأمريكيين الذين عملوا سابقًا في وكالات الاستخبارات الأمريكية، في التعاون مع الإمارات العربية المتحدة، في مشروع للتجسس على شخصيات إعلامية وسياسية عربية، في خضم الحصار الذي فرضته أبوظبي مع السعودية ودول عربية أخرى على قطر.

يدير الإعلامُ المحسوب على السلطات الإماراتية، حملات منهجية ضد المفكر العربي عزمي بشارة، من خلال تلفيق شائعات، ونشر محتوى تضليلي

وكشف التحقيق أن المجموعة المدعومة إماراتيًا، تحت اسم "ريفين" أو الغراب، حاولت اختراق هواتف صحفية في شبكة بي بي سي، بالإضافة إلى رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة وشخصيات إعلامية وسياسية عربية بارزة أخرى، في محاولة استهداف معارضين لأبوظبي، أو إعلاميين مناهضين لها.

اقرأ/ي أيضًا: مشروع "الغراب".. موظفو الاستخبارات الأمريكية في خدمة القمع الإماراتي

وكان تحقيق سابق أجرته رويترز في كانون الثاني/يناير كشف عن مشروع ريفين وطريقة عمله وأهدافه، بالإضافة إلى طبيعة العاملين فيه، لكن الوكالة لم تكشف سوى يوم الإثنين الماضي، عن هوية من تم استهدافهم من قبل المشروع.

جدول زمني لمحاولات التجسس والاختراق التي قامت بها الإمارات (رويترز)

وحسب التحقيق، فإن العاملين في مشروع "ريفين" الاستخباراتي الإماراتي، الذين ضموا ما لا يقل عن تسعة موظفين سابقين في وكالة الأمن القومي الأمريكية والجيش الأمريكي، وجدوا أنفسهم جزءًا من الأزمة الخليجية التي اندلعت في صيف عام 2017، بعد أن قطع معسكر الإمارات والسعودية العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرض حصارًا جويًا وبريًا وبحريًا ضد الدوحة.

وكما تبين رويترز، ففي نفس الأسبوع الذي بدأ فيه الحصار في شهر حزيران/يونيو، شرع العاملون في مشروع "ريفين" بالعمل، حيث شنوا عمليات لاختراق أجهزة "آيفون" لعشرة صحافيين على الأقل، يعملون في وسائل إعلام عربية وأجنبية.

وحسب الوثائق التي حصلت عليها الوكالة، فإن المشروع استهدف شخصيات إعلامية من بينها جيزيل خوري، وهي مقدمة برنامج في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بالإضافة إلى رئيس شبكة الجزيرة، وأحد المنتجين في قناة فضائية تبث من لندن وإعلاميين آخرين.

وحسب شهادات العاملين السابقين في مشروع "ريفين"، كان الهدف هو العثور على مواد تظهر تأثير السلطات القطرية على طبيعة تغطية قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام، مثل التلفزيون العربي وصحيفة العربي الجديد، وهو ما لا تنفك الدوحة تنفيه، كما أن وسائل الإعلام المذكورة أكدت في غير مرة استقلالها عن أي جهة سياسية.

في هذا السياق، فإن وزارة الخارجية الإماراتية وسفارتها في واشنطن، لم يردا على طلبات التعليق من "رويترز"، وكذا وكالة الأمن القومي، ووزارة الدفاع الأمريكية.

استهداف صحافيين ومعارضين

من بين الصحافيين الذين تم التجسس عليهم كما تظهر وثائق مشروع ريفين، جيزيل خوري، مقدمة برنامج "المشهد"، الذي تبثه شبكة "بي بي سي" من بيروت، وهو برنامج يقابل سياسيين ومؤثرين من الشرق الأوسط حول الأحداث الجارية.

بعد ثلاثة أيام فقط من بدء الحصار، قام عملاء المشروع الإماراتي، باختراق هاتف "آيفون" الخاص بخوري. وتبين وثائق المشروع التي حصلت عليها الوكالة، أنه تم استهداف الصحفية في هيئة الإذاعة البريطانية، بسبب اتصالها مع المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وكما يبين بشارة لـ"رويترز"، فإنه يعتبر وسائل الإعلام التي أسسها "مستقلة نسبيًا" في سياق العالم العربي. مضيفًا: "لا أحد يخبرنا بماذا نقول".

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الإمارات بشارة، وهو أحد المناصرين المعروفين لثورات الربيع العربي، التي تحاربها أبوظبي، إذ يدير الإعلامُ المحسوب على السلطات الإماراتية، حملات منهجية ضد عزمي بشارة، من خلال تلفيق شائعات، ونشر محتوى تهجمي وتضليلي ضده بالاعتماد على شبكات من الذباب الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر.

ومن بين المؤسسات التي تم استهدافها أيضًا، كانت قناة تلفزيون "العربي"، التي تعرض 3 من موظفيها للهجوم الإلكتروني في الأسابيع التي تلت بدء حصار قطرفي ذات الإطار، هاجم الفريق الإماراتي الأمريكي، رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة حمد بن ثامر آل ثاني، بالإضافة إلى فيصل القاسم، مقدم برنامج الاتجاه المعاكس على نفس القناة. 

قصة التورط الأمريكي

بحسب رويترز، فإن قصة هذا المشروع تكشف كيف استخدم عملاء سابقون في الحكومة الأمريكية أحدث أدوات التجسس الإلكتروني، لخدمة نظام استبدادي يستهدف معارضيه.

وتظهر مقابلات رويترز مع تسعة من عملاء "ريفين" السابقين، بالإضافة إلى آلاف الصفحات من وثائق المشاريع ورسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها، أن تقنيات المراقبة التي تتعامل معها الاستخبارات الأمريكية، كانت أساسية في عمل الإمارات لرصد المعارضين.

اقرأ/ي أيضًا: مصر والإمارات وغيرهما.. أنظمة عربية تحاصر الإنترنت بتقنيات تجسس أجنبية

حيث استخدم العاملون ترسانة من الأدوات السيبرانية، بما في ذلك منصة تجسس متطورة تعرف باسم كارما، حيث يقول عملاء المشروع إنهم اخترقوا أجهزة آيفون لمئات من النشطاء والزعماء السياسيين.

تظهر مقابلات رويترز مع تسعة من عملاء "ريفين" السابقين، أن تقنيات المراقبة التي تتعامل معها الاستخبارات الأمريكية، كانت أساسية في عمل الإمارات لرصد المعارضين

وفي حين تدعي الإمارات إنها تواجه تهديدًا من الجماعات المتطرفة وإنها تتعاون مع الولايات المتحدة في جهود مكافحة الإرهاب، في نفس الوقت تمارس التتبع المستمر للمعارضين وناشطي حقوق الإنسان وشخصيات سياسية وأكاديمية وليس لشخصيات إرهابية، علمًا أن تقارير دولية كثيرة تحدثت عن دور أبوظبي في تسليح القاعدة في اليمن مثلًا، بالإضافة إلى عمليات الاختراق التي تُمارس ضد دول أخرى. حيث تبين العميلة السابقة في الاستخبارات الأمريكية، أن قطر كانت من بين الأهداف التي أرادت الإمارات استغلال الفريق من أجل مراقبتها وجمع معلومات حولها، ما يكشف جانبًا هامًا من تورط أبوظبي في توظيف عنوان "الحرب على الإرهاب" في سبيل حساباتها السياسية الضيقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هوس ابن زايد.. أبوظبي تستعين بضباط "CIA" لبناء إمبراطورية جاسوسية (2-1)

هوس ابن زايد.. أبوظبي تستعين بضباط "CIA" لبناء إمبراطورية جاسوسية (2-2)