13-مارس-2025
بوتين في كورسك

(RT) تسابق روسيا الزمن لاستعادة كورسك من القوات الأوكرانية

تسابق موسكو الزمن لاستعادة منطقة كورسك الروسية من القوات الأوكرانية قبل الموافقة على أي هدنة، وهو ما قد يفسر تأخر ردّها على المقترح الأميركي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا. في المقابل، أعلنت كييف موافقتها على المقترح، الذي تم الإعلان عنه في جدة عقب مفاوضات أميركية – أوكرانية، أسفرت عن قرار واشنطن استئناف تقديم المساعدات العسكرية والاستخبارية لأوكرانيا، إلى جانب التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة المعادن النادرة.

بوتين في كورسك:

ظهرت مقاطع فيديو توثق زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمركز العمليات العسكرية في منطقة كورسك غربي روسيا، حيث ظهر مرتديًا الزي العسكري في زيارة تُعد الأولى من نوعها. وخلال لقائه بقادة الجيش، شدد بوتين على ضرورة إلحاق الهزيمة بالقوات الأوكرانية، واستعادة الحدود الدولية، كما طرح فكرة إنشاء منطقة عازلة داخل منطقة سومي الأوكرانية المتاخمة لكورسك الروسية، بهدف منع تكرار سيناريو التوغل الأوكراني، الذي تمكنت خلاله القوات الأوكرانية، في أغسطس/آب الماضي، من اجتياح المنطقة والسيطرة عليها، موجهة بذلك ضربة قوية لصورة روسيا العسكرية، إذ تُعد هذه الواقعة الأولى من نوعها التي تسيطر فيها قوات أجنبية على أراضٍ روسية منذ الحرب العالمية الثانية.

وتدّعي موسكو أنها استعادت 1100 كلم² من منطقة كورسك، أي ما يعادل 86 % من الأراضي التي فقدتها، فيما يؤكد رئيس الأركان الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، أن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر تجاوزت 67 ألف جندي، مشيرًا إلى أن الوحدات المتبقية محاصرة ومعزولة، وتتعرض لاستهداف مستمر من القوات الروسية.

من المنتظر أن يصل الموفد الأميركي ستيفن ويتكوف إلى موسكو غدًا الجمعة أو بعد غدٍ السبت، لاستعراض المقترح الأميركي بوقف إطلاق النار لمدة شهر واحد، وكان البيت الأبيض قد أعلن أنّ مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز بحث مع نظيره الروسي مقترح الهدنة، في وقتٍ اعتبر فيه ترامب أنّ الكرة الآن باتت في ملعب موسكو.

اعترفت أوكرانيا بتراجع قواتها في كورسك، لكنها أكدت عزمها على مواصلة العمليات العسكرية في المنطقة، معولةً على إعادة المساعدات الأميركية واستئناف تبادل المعلومات الاستخبارية لتغيير مسار المواجهات. غير أن بعض المحللين العسكريين، ومن بينهم الأوكراني سكادوفسكي ديفندر، يرون أن "القوات المسلحة الأوكرانية قد تجد نفسها مضطرة لمغادرة كورسك بحلول يوم غد الجمعة".

ضغط أميركي للقبول بمقترح الهدنة

يصل المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف إلى موسكو اليوم الخميس، لمناقشة المقترح الأميركي القاضي بوقف إطلاق النار لمدة شهر واحد. وأعلن البيت الأبيض أن مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، بحث المقترح مع نظيره الروسي، فيما اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن "الكرة الآن في ملعب موسكو".

وفي أول تفاعل روسي رسمي مع المقترح، اكتفى الكرملين بالإشارة إلى أنه "بانتظار إحاطة شاملة من الإدارة الأميركية حول نتائج المحادثات بين واشنطن وكييف في جدة"، قبل إصدار أي موقف نهائي بشأن الهدنة. وأكدت الخارجية الروسية في بيان لها صباح اليوم، أن ممثلين عن موسكو سيعقدون اجتماعًا مع المفاوضين الأميركيين لبحث التفاصيل.

ورغم رفض روسيا المتكرر لمقترحات وقف القتال في السابق، فإن موقفها الحالي يبدو مرتبطًا بشكل وثيق بتطورات المعارك في كورسك. إذ وضعت موسكو استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة كأولوية عسكرية، ومن المتوقع، وفقًا لمراقبين، أن تتجاوب مع مقترح الهدنة بعد تحقيق هذا الهدف، باعتبارها خطوة تمهيدية نحو إطلاق مفاوضات سلام شاملة لإنهاء الحرب.

في المقابل، يتمسك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برفض أي تنازلات إقليمية لصالح روسيا، ويرى أن خسارة كورسك قد تحرمه من ورقة تفاوضية مهمة، كان من الممكن أن تتيح له مقايضة المناطق الخاضعة لسيطرة قواته بأخرى تحت سيطرة القوات الروسية داخل أوكرانيا.

يُذكر أن روسيا تسيطر حاليًا على نحو خُمس الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014. وعلى الرغم من إصرار زيلينسكي على استعادة السيادة الأوكرانية على كامل أراضي بلاده، فإن إدارة ترامب تبدو أقل تقبّلًا لهذا المطلب، حيث تؤكد أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن "تنازلات مؤلمة" من الجانب الأوكراني.

الضمانات الأمنية لأوكرانيا محور اجتماعات أوروبية مكثفة

شهدت العاصمة الفرنسية باريس سلسلة اجتماعات أوروبية لمناقشة سبل تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا. وكان هذا الملف محور اجتماع وزراء دفاع خمس دول أوروبية في حلف شمال الأطلسي، وهي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا وألمانيا. كما بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اجتماع آخر مع قادة جيوش 36 دولة، إمكانية إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا كجزء من تلك الضمانات.

وفي هذا السياق، صرّح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي بأن هناك جهودًا متواصلة "لبناء تحالف من الدول الراغبة داخل أوروبا وخارجها لتوفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا".

إلا أن موسكو سارعت إلى رفض أي وجود لقوات حلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية، حيث أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أمس الأربعاء أن "أي وجود عسكري للناتو في أوكرانيا سيكون غير مقبول تمامًا بالنسبة لروسيا".