12-مارس-2017

رأس تمثال رمسيس الثاني الذي عثر عليه في منطقة المطرية بالقاهرة (خالد دسوقي/أ.ف.ب/Getty)

 

لا حديث في مصر الآن إلَّا عن تمثال رمسيس الثاني، الذي عُثر عليه من تحت أنقاض منطقة المطرية بالقاهرة بـ"كراكة حفر" أثارت غضب وسخرية الكثير من المعلِّقين نظرًا لكونها لا تناسب الأساليب الحديثة في استخراج الآثار أو التعامل معها.

 المطرية من أقدم المناطق الأثرية في العالم، ولها خرائط تثبت احتواءها على مقابر ومعابد، إلا أنها تقع تحت البيوت ما يصعب انتشالها

بدأت الأزمة عندما اكتشفت البعثة المصرية الألمانية المشتركة، التي تعمل بمنطقة المطرية، المُسمَّاة بـ"أرض الآلهة"، نظرًا لكثرة ما بها من آثار، تمثالًا لرمسيس الثاني (طوله 8 أمتار)، وآخر لسيتي الأول.

اقرأ/ي أيضًا: الفلكور القبطي.. اضطهاد الكنيسة وتجاهل الكنيسة

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، صور تبيّن عملية انتشاله باللودر وأدوات الحفر الثقيلة، وتنوَّعت التعليقات ما بين التهكم والسخرية والهجوم على مسؤولي وزارة الآثار، وفي مقدمتهم الوزير خالد العناني، خاصة أنه كان يقف متفرِّجًا لحظة خروج التمثال مكسورًا.

ووفق عدد من خبراء الآثار، فإنّ أخطاء الوزارة تمثَّلت في التعجيل باستخراج التمثال باستخدام آلات تضرّ بالأثر، وعدم رفع المياه الجوفية بطريقة مناسبة لاستخراج الأثر بالكامل، ولذلك، لا يزال أغلبه مدفونًا حتى الآن، وجاري التجهيز لانتشاله كاملًا بـ"ونش"، كما نقلت عدّة تقارير صحفية بالقاهرة.

والتقطت الصور بعضًا من الأطفال وهم يتلاعبون برأس التمثال، التي بقيت في العراء دون قوات حماية أو فرق أثريين لعلاجها؛ إذ إنّ كل العاملين بعملية الحفر والتنقيب عن الأثر رحلوا فور العثور عليه، واستخراجه، وتركوه لعبث الأقدار، وبعد اشتعال النار في ثوب الوزير والمسؤولين، جاء "صعايدة" وألبسوا رمسيس ثوب سوبرمان لتغطيته، وبعد انقلاب الإعلام في مصر على الحكومة، تمّ تغطيته بما يشبه "ملاءة بيضاء".. ما أثار تهكم نشطاء وصفوه بالخارج لتوِه من بيت دعارة!

تعتبر المطرية من أقدم المناطق الأثرية في العالم، ولها خرائط مسجَّلة بوزارة الآثار تثبت احتواء أرضها على مقابر ومعابد، إلا أنها تقع تحت البيوت.. ما يصعِّب عملية انتشالها.

إلَّا أنّ رمسيس الثاني -تحديدًا- حالة خاصة بين كل آلهة وملوك مصر، الذين عثر على بقاياهم أو آثار من أزمنتهم السحيقة؛ إذ إنّ كل ما بقي من رائحته أو سيرته تمّت إهانته، وجرت محاولات للعبث به بعضها نجح، والبعض الآخر فشل.

اقرأ/ي أيضًا: "عبسلام".. زمن الثقافة المصرية

معبد أبو سمبل، الذي بني لأجله وفي عهده، ويعدّ أكبر نحت صخري في العالم، تعرَّض للغرق في نيل أسوان بعد بناء السد العالي، إلَّا أن محاولات اليونسكو ساهمت في إنقاذه، ونقله إلى موقع آخر.

أمَّا المعبد الخاص برمسيس الثاني في أبيدوس بسوهاج جنوب مصر، فتمّ هدمه، وحاولت الحكومة المصرية الحفاظ على ما تبقَّى منه. ونقل تمثاله الأكبر في الميدان الذي يحمل اسمه بوسط القاهرة -ويعد الأسوأ والأكثر ازدحامًا وتلوثًا- على متن مقطورة إلى ما يسمّى بالمتحف الكبير، الذي تحوّل من متحف إلى مشروع لم يكتمل، ويعتبر حاليًا مخزنًا للآثار، لم يتم افتتاحه بعد.

وترك رمسيس الثاني، أيضًا، 4 مسلَّات سُرقت خلال الحملة الفرنسية ولا تزال تباع في المزادات حتى الآن، والخامسة مهمَلة أمام متحف بالأقصر، وتحوَّلت إلى "حمام عمومي".

هكذا تجري وقائع إهانة الملك رمسيس الثاني في مصر الآن، وكأن حدث استخراج تمثاله من المطرية بكراكة حفر وتركه مكسورًا في العراء، حلقة في سلسلة حتمية بدأت في وقت قديم، ولا تزال مستمرة حتى الآن.. مصداقًا لشعر تميم البرغوثي "يا عيني ع الآلهة، بقوا فرجة للسياح".

اقرأ/ي أيضًا: 

موالد القديسين في مصر..بهجة البسطاء والمريدين

مول ضخم جديد في مصر.. من أجل من؟