دمشق من أقدم المدائن، عرفت تقلبات وتواريخ. هي شاهد على زمن الشرق من الآشوريين إلى البابليين والآراميين والمصريين والفرس واليونانيين والرومان والعرب.
جاء في "معجم البلدان" لياقوت الحموي أن أول حائط وضع في الأرض هو حائط دمشق.
كانت دمشق منذ بداية تاريخها منظمّةً، ولها شوارع متعامدة تحيط بها الأسوار والأبواب، والتي كانت شديدة الأهمية في حماية المدينة وسكانها، وقد كان لسورها سبعةُ أبواب في العهد الرومانيّ، وكانت تزيد أو تنقص كلما جرى تجديد السور إذ يجري إقلاق أبوابٍ وفتح أخرى.
يصف المؤرخ البدريّ في كتابه "نزهة الأمام في محاسن الشام" أبواب دمشق بأنها كانت على شاكلة الكواكب ومداراتها.
ثمة أساطير لا تنتهي في أصلها ونشوئها، وربما يكون الحديث معادًا في ذكرها من جديد.
مرّت بدمشق نكبات كثيرة من تيمورلنك، إلى المجاعة، إلى قصفها من قبل الفرنسيين، إلى صعود الاستبداد وخنق روحها لأكثر من نصف قرن، ولا نزال نعيش فداحة هذه المأساة حتى اللحظة.
لأنّ دمشق احتلّت الوجدان الثقافي نستعيد هنا بعضًا من أهم الكتب التي تناولتها تاريخيًا.
1. تاريخ ابن عساكر
"تاريخ دمشق الكبير"، يُعرف بـ"تاريخ ابن عساكر" نسبة إلى مؤلفه أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي، الملّقب بعد وفاته بابن عساكر. ولد في أواخر القرن الخامس الهجري، وعاش بقية حياته في القرن السادس، أي بين 1105 – 1176 للميلاد. نشأ في بيئة علمية جعلت منه حافظًا متقنًا، ثقة.
أدرك ثلاث دول حكمت دمشق: الدولة السلجوقية، والدولة الأتابكية النورية، والدولة الصلاحية الأيوبية. قرّبه نور الدين زنكي وبنى له دار السُّنة، وأجَلَّهُ صلاح الدين الأيوبي.
في عام 1951 صدر المجلد الأول من هذا الكتاب عن "مجمع اللغة العربية" في دمشق. كتب شكري فيصل: "إن هذا التاريخ هو تاريخ العالم الإسلامي كله من خلال هذه العدسة الضوئية الصغيرة المكبرة: دمشق"
يقول محمد مطيع الحافظ في كتابه "الحافظ ابن عساكر، محدّث الشام ومؤرخها الكبير": "كتاب جامع يترجم لكل طبقات الأمة من خلفاء وأمراء وقادة جيوش، وعلماء وأئمة وخطباء، وعظماء، ونساء.. إنه يترجم لأهل دمشق من الأماثل، ولمن اجتاز من وارديها، فهو بذلك يترجم لأكبر عدد من التاريخ القديم حتى عصره".
2. خطط الشام
"خطط الشام" كتاب للمؤرخ محمد كرد علي 1876 – 1953. الخطط هي كل ما يتصل بالعمران. وفي العربية كتب عديدة في الخطط كـ"الخطط المقريزية".
كتاب "خطط الشام" موسوعة شاملة عن الشام، تشمل الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد، والعلوم والآداب، والعادات والتقاليد. يقول المؤلف في المقدمة: "هو كتاب في مدينة الشام وتاريخها، صرفتُ في تأليفه ثلاثين عامًا، وطالعت لأجله زهاء ألف ومئتي مجلد باللغات الثلاث العربية والتركية والإفرنسية، وأنفقت في تأليفه نحو ألف وخمسمئة جنيه، ويدخل في ستة مجلدات".
الكتاب في ستة أجزاء، الثلاثة الأولى منها للتاريخ السياسي، عرضت الشام وسكانه ولغاته، ثم في منتصف الجزء الأول تعرف تاريخه قبل الإسلام، ثم في أيام الخلفاء، حتى كان الانتداب بعد الحرب العالمية الأولى، والثلاثة التالية منها لتاريخه المدني.
3. حوادث دمشق اليومية
يقع كتاب "حوادث دمشق اليومية" في باب الحوليّات. وضعه حلاّق دمشقي هو الشيخ أحمد البديري متناولًا أحداث المدينة بين عامي (1741- 1762)، كما عرض فيه للشخصيات البارزة من رؤساء الطوائف إلى نقباء الحرف والعلماء، وأرباب الطرقة والمتصوفة وأصحاب الكرامات.
اليوميات التي كتبها البديري نقّحها محمد سعيد القاسمي، وحقّقها أحمد عزت عبد الكريم بعد أن وجدها صدفة في دمشق. حيث صدرت سنة 1959 في القاهرة.
صحيح أن أحمد البديري كان يعمل حلاقًا، إلا أنه مولع بالتأريخ، لذا كان يخلو إلى نفسه آخر كل نهار ليسجّل كل ما جرى للبلد والناس في ذلك اليوم.
تُعدّ مذكراته من أغنى ما كتب في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في دمشق خلال تلك الفترة.
4. الروضة الغنّاء في دمشق الفيحاء
يعتبر كتاب "الروضة الغناء في دمشق الفيحاء" الذي كتبه نعمان قساطلي (1854 - 1920) عام 1979 أولَ تاريخ في دمشق بالمعنى العلميّ الحديث.
نعمان قساطلي دمشقيّ من أسرة مسيحية، شهد أحداث 1860 وكاد يذهب ضحية الفتنة الطائفية، إلا أنه نجا بعد الاختباء في أحد الأفران.
قسّم المؤلف كتابه إلى ثلاثة أبواب، تناول في الأول جغرافية الشام، وموقع دمشق وعدد سكانها، تاريخها منذ بنائها العصر العثماني. في القسم الثاني ذهب إلى أوصاف دمشق، من جوامع وكنائس وأسواق ومقاه وحانات ونبات... إلخ، أما الثالث فقد خصّصه لذكر من مات فيها من الصحابة، أو الأولياء.
اقرأ/ي أيضًا: