26-يوليو-2018

تصميم ألترا صوت

ألترا صوت – فريق التحرير

يُعرِّف الكاتب النهضوي المصريّ صاحب ورئيس تحرير مجلة "الرسالةأحمد حسن الزيات (1885- 1968)، كتابه "تاريخ الأدب العربي"، الصادر في عشرينات القرن الماضي، بأنّه مؤلَّف يحمل على عاتقه البحث، والبحث الدقيق، في أحوال الأدب العربيّ في العصور الخمسة ومناقشتها، وهي العصور التالية: العصر الجاهلي، وعصر صدر الإسلام والدولة الأموية، وأيضًا العصر العبّاسي، مرورًا بالعصر التركيّ، وانتهاءً بالعصر العربيّ الحديث.

ولد الزيات في إحدى قرى الدقهلية. وحين شبّ مضى إلى القاهرة ليدرس في الأزهر، لكنه نظرًا لشخصيته المتمردة، التي عزّزها لقاؤه أصدقاء مثل طه حسين ومحمود الزناتي، لكنّ المحيط المحافظ لم يستطع استيعاب هؤلاء الشباب فأُطلقت عليهم تهم عديدة أبرزها الإلحاد، وقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد فصلهم من الأزهر. وبعد توسط كثيرين عاد الزناتي، فيما التحق حسين بالجامعة المصرية، وسافر الزيات إلى باريس ليدرس فيها الحقوق.

الكتاب الذي حظي بشهرة هي الأكبر بين أعمال الزيات، يُمكننا، وإلى حدٍّ بعيد، وصفه بأنّه رحلة زمنية حرص صاحبها أن تكون رحلة متسلسلة ومترابطة فيما بينها، لا تمرُّ مرور الكرام واللئام معًا على أحوال الأدب العربي، بل تُحاول قراءته قراءة عميقة، وتقديمه للقارئ بصورة مبسّطة. فنجدها تحرصُ على نبش ما دوِّن في الكتب ذائعة الصيت في تاريخ هذا الأدب الذي لا ينفكّ الزيات يُذكّرنا بأنّه أغنى آداب الخلق. وأيضًا، لا تفلتُ الصحف من رحلة الزيات هذه، ولا حتّى الصخر الذي نُقش ما نُقش عليه في عصور آفلة، إذ كان حينها مساحةً للتعبير وتدوين ما يدور في ذهن المرء من أفكار، وما يعتريه من عواطف. ناهيك عن أنّه ظلّ دائمًا مسرحًا لتأريخ حدث أو واقعة ما عند العرب.

حرص الزيات على إضافة ما يُعطي كتابه تميّزه، فجاء أسلوب عرضه شائقًا سلسًا، يبتعد عن التعقيد ويُحاول بجهدٍ كثيف تبسيط الشرح للقارئ. لذا، نجد الزيات دائمًا ما يُبدي رأيه في بعض المنعطفات التاريخية في مسيرة الأدب، محاولًا بذلك توضيح ما قد يستعصي على المتلقّي. وإعادة الاختلاف في الأدب، والخلاف في تفسيره، إلى الخلافات السياسية دائمة الحضور في الحياة العربية، من خلال ربطه بين اختلافات أدبية وأخرى سياسية، نجده يضيء على عددٍ من المشاهد المُهمّة في التاريخ الإسلاميّ.

نجد الزيات يعتمد على تقسيم الشعراء في كلّ عصرٍ يمرُّ به إلى طبقات. في العصر الجاهليّ مثلًا، جاء التقسيم بناءً على حسب الزمن والإجادة، ومن خلال ذلك، استعرض المؤلّف باهتمام شديد نشأة هؤلاء الشعراء، والكيفية التي سارت بها حيواتهم، وما ميَّزهم عن سواهم من الشعراء. وانطبق هذا الأمر على جميع العصور الخمسة المعروضة في الكتاب، أدباء ومفكّرين.

الأدب عند الزيات هو أدب في حالتين، الأولى فيهما هي القول البديع، والمعاني الدقيقة التي من شأنها أن تُهذّب النفس البشرية، وتثقّف اللسان في الوقت في نفسه. والثانية، تُطلق تسمية أدب على البحوث العلمية والفنون، وبهذا يجيء شاملًا لخواطر العلماء وقرائح المؤلّفين والمفكّرين.

في نعي "مجمع اللغة العربية بدمشق"، وردت إشادة بهذا الكتاب، حملت توقيع الكاتب عدنان الخطيب: "لم تمض بضع سنوات عليه وهو في التدريس إلا وأخرج للناس كتابه القيم تاريخ الأدب العربي، وهذا الكتاب يعتبر في القمة من كتب تاريخ الأدب، إذ كان للفقيد فيه فضل السبق في النهج الواضح لدراسة الأدب العربي، وفي حسن اختياره النماذج العالية من هذا الأدب في مختلف عصوره، وفي تصويره أصحاب تلك النماذج تصويرًا حيًّا فيه جدة وعمق، وكل ذلك بأسلوب متين مشرق، وبعبارة لينة مكينة"

 

اقرأ/ي أيضًا:

ركن الورّاقين: حنا الفاخوري ورحلة تأريخ الأدب العربي‎‎

ركن الورّاقين: عمر فرّوخ ورحلة تأريخ الأدب العربي‎