01-يونيو-2022
الخالة ليلى محمد التي اعتدي عليها في غازي عنتاب

الخالة ليلى محمد بعد الاعتداء الوحشي عليها في غازي عنتاب (تويتر)

لقيت حادثة الاعتداء على حاجّة سوريّة من قبل رجل تركي في ولاية غازي عنتاب تنديدًا واسعًا من قبل أطياف واسعة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وعدد كبير من الشخصيات الإعلامية والسياسية، الذين عبروا عن موقف واضح ضد الكراهية والعنصرية المتنامية ضد السوريين في تركيا.

يعيش ملايين السوريين اللاجئين في حالة من القلق بسبب تنامي خطاب العنصرية والتحريض ضدّهم وتزايد الحديث عن خطط ترحيل أعداد كبيرة منهم 

وكان رجل تركي (39 عامًا)، قد اعتدى بشكل مهين على مسنّة سورية تجاوزت من العمر 70 عامًا، وذلك في مدينة غازي عنتاب، الأمر الذي فجّر تضامنًا واسعًا بين السوريين وغيرهم، إضافة إلى شريحة من الأتراك، الذين استهجنوا وحشية المعتدي وعدم احترامه لحرمة المرأة الكبيرة، معتبرين بأن الذي مسّ تلك العجوز السورية يمسّ جميع البشرية. 

وبحسب ما ذكرت صحيفة "يني شفق" التركية، اعتقلت السلطات التركية الجاني، الذي برّر فعلته بأن السيدة المسنّة تشبه "خاطفة الأطفال"، لكن التحقيقات أوضحت أنها "مختلّة عقليًا"، وهذا ما عرّجت عليه الإخصائية النفسية الاجتماعية زهور قهواتي في منشور لها عبر فيسبوك، قالت فيه إن الضحية "كانت قد خضعت سابقًا لجلستين خاصتين لديها، وكانت تعاني من خرف وعائي متزامن مع زهايمر".

وأشارت قهواتي في منشورها إلى أن "هذه المرأة العجوز بتصرف غير واعي تقوم بالدخول إلى أي دكان أو محل، وتأخذ ما تشتهيه من طعام وشراب، دون دفع ثمنها، وعلى ما يبدو أن سبب ضربها من قبل هذا الشخص المتوحش هو أخذها المشروب الغازي الظاهر في المشهد المنتشر، دون دفعها ثمنه، مهما كان تصرفها لا يستدعي ذلك التعامل معها بهذا العنف وهذه الهمجية.. كان الأولى به وبنا جميعًا رعايتها لا إهانتها".

الحكومة تتدخل

أكد والي مدينة غازي عينتاب التركية داود غول، على احتجاز المعتدي، وأوضح في تغريدة له عبر تويتر، أن نائبه "زار الخالة في منزلها ومد يد الولاية الدافئة"، معربًا عن حزنه، ورافضًا المجرمين بأنواعهم، على حد تعبيره، لكن سوريين اعتبروا أن الحكومة التركية التي لم تتخذ إجراءات حقيقية ضد العنصريين والمحرضين على الكراهية تجاه السوريين طوال الفترة الماضية، شريكة بما يحدث، فلا تنفع "اليد الدافئة" بعد تمرّد "القدم العفنة" على الإنسانية وقيمها.

بدوره، غرّد عمر جيليك نائب رئيس حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في إسطنبول، عبر تويتر قائلًا: "اللعنة على من يستهدف بريئًا بالعنف، ملعون من يحرض على كراهية الأبرياء".

"الرابطة الدولية لحقوق اللاجئين" من جهتها تكفّلت بمتابعة قضية "ركل وضرب المسنة السورية المعوقة ذهنيا في غازي عنتاب"، لافتة إلى متابعة جميع الشكاوى الجنائية والإجراءات القضائية بشأن المعتدي حتى النهاية، من قبل محامي الرابطة.

ووفقًا لصحيفة "حريات" التركية، فإنه وبعد اعتقال المعتدي "شاكير جاكر"، وأخذ إفادته، أفرجت السلطات عنه، لكن النيابة العامة اعترضت على الإفراج، خصوصًا أنه لديه سجل بتسع جرائم مختلفة منها "التحريض على الدعارة"، لتعتقله الشرطة من جديد، وما تزال الإجراءات مستمرة.

كلنا أنتِ

تفاعل سوريون وأتراك بغضب وأسف كبيرين، مع حادثة ركل المسنّة "ليلى محمد"، مفجّرين وسمًا مطالبًا بمحاسبة الجاني "SakirCakirTutuklansin"، بآلاف التغريدات والمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متضامنين مع "أمهم"، وكأن الركلة أصابت رؤوس كل السوريين وكرامتهم.

المغرّد عبد الوهاب كتب عبر حسابه في تويتر، "هذه الركلة قد أصابت رؤوسنا جميعاً، حطّمت بقايا القوة فينا، زادت عجزنا عجزاً وقهراً ألماً ووجعاً"، داعيًا الله الرحمة والفرج للسوريين.

من جانبه، غرّد الصحفي السوري أحمد بريمو بالقول: "تلك الركلة مصدرها نحن، لم نهن إلا بسكوتنا عن التحريض والسماح للآخرين باستغلالنا كورقة سياسية.. تلك الركلة لم تكن من عنصري، ولا معارض، تلك الركلة جزء من ..حماية مؤقتة"، مرفقًا تغريدته بصورة متضامنة مع ألم المسنّة الضحية.

"بالطبع ليس كل الأتراك عنصريين، ولكن على الجميع التدخل والقتال حتى لا تحدث مثل هذه الاعتداءات العنصرية"، تغرّد إيناس النجار، مديرة الاتصال باللجنة السورية التركية المشتركة.

في سياق التفاعل، لفت الصحفي والكاتب السوري علي حميدي إلى حالات مماثلة لم ينصف ضحاياها ولم يعرف بهم أحد، فقط، لأن الكاميرا لم تلتقطها صدفة.

صفحة "فريق ملهم التطوعي" كتب عبر تويتر، "كل قصصنا تُكتب بماء القهر والألم، وكل الأماكن أصبحت تُشكّل خطر علينا.. لا شيء يزداد سوى عجزنا، أمام أنفسنا، كبيرنا وصغيرنا"، معتبرين أن الاعتداء على "الخالة ليلى محمد"، انتهاك لكل معاني الإنسانية في العالم.

يذكر أن حوادث العنصرية بحق السوريين في تركيا قد  ازدادت في الآونة الأخيرة، تزامنًا مع تصاعد خطاب الكراهية ضدهم، من قبل أحزاب تركية معارضة سعت خلال السنوات الأخيرة إلى تأجيج الشارع التركي ضد الوجود السوري، كما أقدمت الحكومة التركية مؤخرًا على تطبيق إجراءات تعسفية تصفها جهات حقوقية بغير القانونية ضد سوريين على أراضيها.

أثار الاعتداء على الخالة السورية ليلى محمد من قبل شاب تركي حالة تضامن واسعة وتنديد بالفعل العنصري الهمجي

وفي ظل هذا المناخ من التحريض يعيش اليوم ملايين اللاجئين بخوف بالغ إزاء العنصرية المتفشية، فضلًا عن حالة القلق الدائمة من كونهم عرضة للاعتقال والترحيل بأي وقت، ودون أسباب قانونية وجيهة.