12-يونيو-2021

طفل لبناني من الجنوب في حرب تموز 2006 (Getty)

 

لا حديث للّبنانيين اليوم سوى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تضرب البلاد، حيث أدّى تردي الأوضاع المعيشية وانقطاع المواد الغذائية والأدوية بالمواطنين إلى تجاهل  أخبار تشكيل الحكومة، بينما المناوشات السياسية التي لم تعد تعنيهم، وحتى أخبار كرة القدم وبطولة أوروبا القادمة، وجائحة كوفيد -19 والأمور الأخرى التي تشغل العالم اليوم، تبقى جميعها أمورًا ثانوية أمام الذلّ اليومي الذي يعيشه المواطن أمام طوابير البنزين، وفي الصيدليات وعلى أبواب المستشفيات التي أعلن عدد كبير منها عن إغلاق بعض الأقسام فيها بسبب عدم توفّر المواد والمعدات الطبية.

فور شيوع خبر رفع الدعم عن أسعار حليب الأطفال في لبنان، ظهرت بشكل مفاجئ كميات كبيرة من هذه المادة معروضة للبيع، بعدما كان الوصول إليها متعذّرًا في الأسابيع الأخيرة

فيما كان اللبنانيون يتابعون عن كثب أزمة البنزين الحادة، تفاجؤوا بانتشار معلومات حول قيام الحكومة برفع الدعم عن حليب الأطفال، ما جعل أسعارها ترتفع لستة أضعاف دفعة واحدة، الأمر الذي يفوق قدرة المواطن اللبناني على التحمل، مع انهيار القدرة الشرائية إثر تراجع سعر صرف الليرة وازدياد نسب البطالة والارتفاع الشاسع في الأسعار.

وفور شيوع خبر رفع الدعم عن أسعار الحليب، ظهرت بشكل مفاجئ كميات كبيرة من هذه المادة معروضة للبيع، بعدما كان الوصول إليها متعذّرًا في الأسابيع الأخيرة، ما يؤكّد أن التجار في لبنان يشاركون الدولة الفساد وعدم المسؤولية، من خلال تخزين الأدوية والأغذية والمحروقات بهدف بيعها لاحقًا بأسعار أعلى. 

كما نالت قضية رفع الدعم عن حليب الأطفال قسمًا واسعًا من اهتمام الناشطين في لبنان، فعبروا من خلال وسائل التواصل عن غضبهم بسبب الحال التي وصلت إليها البلاد. و قال الناشط سلمان بو نعمة إن الحليب توفّر في الصيدليات وفي التعاونيات بعدما ما كان غير متوفر، ما يعني أنهم كانوا يخزنونه، بالتالي فإن التجار والشعب يشاركون السياسيين بالفساد.

وسخرت الناشطة ميسون من الحلول التي يتمّ إعطاؤها للمواطن، كالصبر في حال انتظر في طابور البنزين، والرضاعة الطبيعية لتعويض غياب حليب الأطفال، ودهن زيت الزيتون عوضًا عن الدواء، وقالت إن الشعب وصل إلى الهاوية ومن غير المقبول التنظير على الناس. فيما أشار  أحد الحسابات إلى أن سعر علبة حليب الأطفال اليوم بات يساوي ربع الحد الأدنى للأجور.

بأسلوب متهكّم ساخر، قال الناشط رون صوان إن حبوب منع الحمل مقطوعة في لبنان، فيما ترفع الدولة الدعم عن حليب الأطفال و "حلها إذا بتحلها"، واستخدم وسم لبنان ليس بخير. وقال أحد الحسابات أنه يمكن التهاون في كل شيء إلا غذاء الأطفال، وطلب من المسؤولين الترؤّف بالفقراء ومحدودي الدخل.

من جهته، اعتبر حساب الجوكر أن ما يحصل في موضوع حليب الأطفال هو جريمة موصوفة بحقّ جيل كامل، وطالب باستيراد هذه السلعة وتوزيعها على الناس تحت إشراف الوزارة، معتبرًا أنه من الممكن السكوت عن الأزمات الأخرى كالبنزين وجائحة كوفيد -19، لكن موضوع الأطفال خطّ أحمر. فيما طالبت زينب درويش بتعليق المشانق للمسؤولين عن التلاعب بقوت الفقير وبحليب الأطفال وبالأدوية، ودعت إلى مداهمة المحتكرين وتوقيفهم.

وقال الناشط رامي قبيسي أن حليب الأطفال مخبّأ في المستودعات، وحمّل الثنائي الشيعي مسؤولية التقاعس في حل هذا الأمر، وانتقد النواب الذين يمثّلون بيئته، واتّهمهم بأنهم يحرمون الأطفال من أبسط حقوقهم. وتساءل الناشط شريف حجازي كيف يمكن لله أن يوفّق التجار الذين يخبّؤون حليب الأطفال لبيعه لاحقًا بعد رفع الدعم عنه.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تقرير أممي: ظاهرة عمالة الأطفال تشمل 160 مليون طفل والجائحة تنذر بالأسوأ

ما هي سلبيات وإيجابيات قرار السلفادور بتشريع عملة بيتكوين الرقمية؟