08-ديسمبر-2020

أثناء تظاهرة في البقاع اللبناني سنة 2016 (راتب الصفدي/الأناضول/Getty)

تضاربت الأخبار في لبنان حول توجّه وزارة الاقتصاد إلى رفع الدعم عن  مادة الطحين الذي تستورده الدولة اللبنانية، باستثناء ما يستعمل منه في صناعة الخبز العربي. ودأبت الحكومة اللبنانية منذ فترة طويلة على تسليم الطحين للأفران بسعر مدعوم، حيث كان مصرف لبنان يغطي الفارق. إلا أن الأزمة المالية الخانقة التي يشهدها لبنان، والشح في الدولار الأمريكي في مصرف لبنان، جعل الحكومة تعيد النظر في دعم عدد من السلع، ويبدو أن البداية ستكون من الطحين، حيث يرجّح أن يُتخذ القرار النهائي حول ترشيد دعمه في الأيام القادمة.

شهد لبنان موجة من الانتقادات والسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية أخبار قرار رفع الدعم عن مادة الطحين إلى جانب بعض التحركات الاحتجاجية على الأرض

وقد ساهم الطحين المدعوم إلى حد ما، في الحفاظ على ثبات أسعار المعجنات والكعك وكافة المأكولات التي يدخل الطحين في صناعتها. وفي حال رُفع الدعم في الأيام القادمة، فإن ربطة الخبز العربي فقط ستحافظ على سعرها، فيما سيطال الغلاء عشرات الأصناف الأخرى، والتي تعدّ عنصرًا أساسيًا في السلة الغذائية للمواطن اللبناني.

اقرأ/ي أيضًا: "سيؤدي إلى كارثة".. تحذيرات أممية من رفع الدعم في لبنان

 وبعد الارتفاع الكبير  الذي لحق بأسعار الأجبان والألبان في الأشهر الأخيرة، أصبحت منقوشة الزعتر هي الملاذ الأخير للأسر الفقيرة، اليوم يُتوقّع أن يرتفع سعر المنقوشة ثلاثة أو أربعة أضعاف بعد رفع الدعم. كما يدخل الطحين بشكل أساسي في صناعة الحلوى، وبالتالي فإن أسعار الحلويات وقوالب الكيك سترتفع بشكل كبير، إضافة إلى الكعك، الخبز الإفرنجي، المعجنات على أشكالها، وبالتالي فإن الأزمة المعيشية التي تحلّ باللبنانيين ستتفاقم في الفترة المقبلة، وسيطرأ تغييرات كثيرة على العادات الغذائية، حيث سيضطر اللبنانيون إلى استبعاد، أو تقليص استهلاكهم لأصناف جديدة من الأطعمة، لتنضم إلى أصنفة لاحقة سبقتها في هذا المجال، كاللحوم، الدجاج، والمعلبات المستوردة من الخارج.

ولم يجدّ اللبنانيون وسيلةً للتعبير عن غضبهم وقلقهم من المستقبل المخيف الذي ينتظرهم، أفضل من السخرية وإلقاء النكات على وسائل التواصل، للتعبير عن يأسهم من الحال التي وصلت إليه البلاد. وقد احتل وسم    #رفع_الدعم المرتبة الأولى كأكثر وسم تمّ تداوله على تويتر في لبنان يوم الإثنين، بواقع 3755 مرة. 

زينة الحريري سألت عن " ديلر " يؤمن لها غرامين إثنين من الطحين، في تلميح إلى أن سعر الطحين سيرتفع بشكل جنوني، وسيصبح الحصول عليه بصعوبة الحصول على المخدرات. كذلك شبهت " بولي " الطحين بالكوكايين، ، فيما رأى مغرّد آخر أن منقوشة الصعتر، التي اعتبرت على الدوام فطور الفقراء، ستصبح بمرتبة السوشي اليابانية. علي مريم اعتبر من جهته أن مقولة " تخبز بالأفراح" الشهيرة، ستختفي من أحاديث اللبنانيين قريبًا، حيث لن يعود لأحد القدرة على الخبز في ظل الأسعار المنتظرة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف أثرّت الأزمة الاقتصادية على نمط حياة المواطن اللبناني؟

من جهته، اعتبر المخرج ناصر الفقيه أنه لم يعد هناك شيء في لبنان " مدعوم" سوى شبيحة وبلطجية الزعماء، في إِشارة منه إلى الغطاء الذي يحصلون عليه، والتجاوزات التي يُسمح لهم بارتكابها بسبب دعم زعيمهم لهم. بدوره، طلب mido  من اللبنانيين أن ينتظروا القمح من " نصار أبو عريبي" بطل مسلسل الخوالي، حيث كان قد وزّع القمح على حارات الشام في المسلسل، بعدما كانت السلطة العثمانية قد صادرته.

أما ميشال شمعون فقال أن سوريا هي الأخرى ستتأثر بقرار رفع الدعم هذا، في تلميح منه إلى عمليات تهريب القمح والطحين المدعومين، والتي تتم عبر المعابر غير الشرعية بين البلدين.

 

وقد تجمّع عشرات المواطنين الغاضبين أمام منزل وزير الاقتصاد راوول نعمة في الأشرفية شرق بيروت، وأطلقوا الشعارات الرافضة لسياسة التجويع التي تنتهجها الحكومة، وطالبوه بعدم إقرار قانون رفع الدعم عن الطحين، وعن كافة المواد الأساسية التي لا غنى للمواطن عنها. بالتزامن، توجّه عدد من المواطنين نحو ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، إحدى أهم ساحات التظاهر خلال انتفاضة 17 تشرين، للتعبير عن رفضهم المساس بسعر الطحين، والمواد الغذائية التي يدخل في صناعتها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

القطاع العام في لبنان.. فشل بطعم طائفي

ما مصير العمالة الأجنبية في لبنان في ظل كارثته الاقتصادية؟