06-يناير-2023
gettyimages

مسار تطبيع العلاقات التركي مع نظام الأسد يسير وفق الخطة التي وضعها أردوغان (Getty)

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس، إنه من الممكن أن يجتمع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد "في إطار الجهود من أجل السلام"، بحسب وصفه، يترافق ذلك مع عدة لقاءات تجمع بين وزراء ومسؤولين أتراك مع النظام السوري.

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس، إنه من الممكن أن يجتمع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد

وأشار أردوغان إلى أنه من المقرر عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا والنظام السوري. وذلك بعد أسبوع من اللقاء الذي جمع وزراء الدفاع في موسكو، والذي جاء ضمن خطوات إعادة تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، ولأول مرة منذ عام 2011.

ووفق أردوغان فقد بدأت عملية ثلاثية تجمع روسيا وتركيا والنظام السوري، وبناءً على التطورات التي ستظهر عقب اجتماع وزراء الخارجية سيتم تحديد إمكانية حصول اللقاء بينه وبين رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ومنذ اللقاء الأخير، لم تتوقف تصريحات السياسيين في تركيا حول هذا التطبيع المرتقب، إضافة إلى تقارير وسائل الإعلام التركية التي تطرَّقت إلى مجريات لقاء موسكو ونقاط الاختلاف والاتفاق، إضافة إلى ما ستجنيه تركيا منه.

وفي خضم هذه العملية الديبلوماسية التركية، دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو لعقد اجتماع ثلاثي مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، والروسي سيرغي لافروف في النصف الثاني من كانون الثاني/يناير الجاري.

واشنطن: انظروا لسجل الأسد الوحشي!

يصطدم هذا التحرك التركي بمعارضة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي خرج موقفها الرسمي رافضًا لأي تقارب أو تطبيع مع النظام السوري. وهو ما عبر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في معرض تعليق برايس على اللقاء في موسكو الأسبوع الماضي، حين حثَّ دول العالم لعدم تطبيع علاقتها مع نظام الأسد. مشددًا على أن بلاده لا تدعم الدول التي تعزز علاقتها، أو تعرب عن دعمها لإعادة الاعتبار لنظام بشار الأسد "الدكتاتور الوحشي".

ودعا برايس الدول لدراسة سجل حقوق الإنسان في سوريا على مدى 12 عامًا الماضية، إذ "يواصل النظام ارتكاب الفظائع ضد الشعب السوري، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها في المناطق الخارجة عن سيطرة قواته"، في إشارةٍ إلى تعطيل آلية المساعدات عبر الحدود.

وردًا على هذا الموقف الأمريكي، قال وزير الخارجية التركي بأن بلاده "تتفهم" معارضة الولايات المتحدة لخطوة التطبيع، لكن على واشنطن الأخذ بعين الاعتبار الانسداد الذي يعرفه الملف السوري منذ سنوات، كما أن الإدارة الأمريكية لم تقدم أي حلول أو مقترحات لمحاربة وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني، بحسب قوله.

طمأنة ومشاورات مع المعارضة السورية

وعلى ما يبدو، تصر أنقرة بالمضي في مسار التطبيع مع نظام الأسد، رغم الرفض القاطع من الولايات المتحدة والمعارضة السورية والسوريين في الشمال، لهذه الخطوة. مبررةً بأنها ستكون بناءً على التوصيات الأممية، وتحديدًا القرار الأممي 2225، الذي يدعوا لفترة انتقالية تفضي إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا.

وفي ذات السياق، أشار المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، خلال لقاء مع قناة تلفزيونية محلية، إلى أن أنقرة "لم تخذل المعارضة السورية إطلاقًا، حتى اليوم"، مضيفًا بأن المقاربة الرئيسة لتركيا تجاه سوريا هي "مواصلة المسار الدستوري، والمفاوضات السياسية على ضوء قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

وهو نفس خطاب الطّمأنة الذي  ردده وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، متحدثًا عن مجريات الاجتماع الثلاثي، بالقول: "لن نفعل أي شيء ضد إخواننا السوريين الذين يعيشون في تركيا وسوريا"، دعيًا إلى "تجنّب المواقف القائمة على التحريضات، والأخبار التي لا تعكس الحقيقة في هذا الخصوص".

وفي هذا السياق أجرت الخارجية التركية سلسلة لقاءات تشاورية مع المعارضة السورية من أجل تباحث هذه الخطوة، من ضمنها لقاء جمع تشاووش أوغلو مع رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، أكد فيه المسؤول التركي أن بلاده مستمرة في دعمها للمعارضة والشعب السوري، وأن مسعاها للتقارب مع نظام الأسد يأتي بهدف إيجاد تسوية سياسية من خلال القرار الأممي المذكور.

ومن جانبه، أعرب المسلط عن أمله في أن "تبقى تركيا حليفًا قويًا لقوى الثورة السورية وداعمًا كبيرًا لتطلعات السوريين في تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية، وأن تكون خطواتها تصب في صالح هذه التطلعات عبر تطبيق الحل السياسي الذي أقرته جميع القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري، ولا سيما بيان جنيف والقرارين 2118 و2254".  

وأضاف القيادي في المعارضة السورية محذرًا مما "يقوم به نظام بشار الأسد من خداع وعدم وفائه بتعهداته، وهو ما تعوّد عليه المجتمع الدولي طيلة السنوات الماضية".

حسابات أردوغان الداخلية

ويرتبط الموقف التركي من مسألة التطبيع أيضًا بحسابات سياسية داخلية، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع عقدها في حزيران/ يونيو القادم. إذ تحاول حكومة أردوغان قطع الطريق أمام المعارضة القومية من أجل إيجاد تسوية مع النظام السوري، وحل لمسألة اللاجئين في تركيا، والمواجهة مع القوات الكردية في شمال سوريا.

ويتحول ملف اللاجئين السوريين في تركيا إلى ورقة ضمن الحملات الانتخابية التركية. وفيما يحاول أردوغان وحزبه التنافس في هذا الملف، فإنه يرى في التطبيع مع نظام الأسد إمكانيةً لحل هذا الملف من بوابة أخذ الضمانات من موسكو والنظام السوري بعدم التعرض للاجئين في حال عودتهم، وربما بناء أرضية مشتركة برعاية روسية تؤمن هذه العودة.

ويضاف إلى هذه الحسابات ملف الوجود المسلح الكردي في شمال سوريا، والذي يواجهه الجيش التركي الآن ضمن عملية "المخلب- السيف"، التي تواجه معارضة واشنطن وموسكو. وتسعى أنقرة لعقد اتفاق مع نظام الأسد برعاية روسية لإنهاء هذا التواجد المسلح، وإنشاء منطقة عازلة بعمق 30 كيلومترًا على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، تمهيداً لعودة اللاجئين إليها.

وفي تصريحات صحفية سابقة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطلع تشرين أول/ أكتوبر الماضي، إنه لا يستبعد اللقاء مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، "عندما يكون الوقت مناسبًا"، بحسب قوله. مشيرًا إلى أن هذا اللقاء غير مجدول حاليًا.

مسار تطبيع العلاقات التركي مع نظام الأسد يسير وفق الخطة التي وضعها أردوغان

ويبدو أن مسار تطبيع العلاقات التركي مع نظام الأسد يسير وفق الخطة التي وضعها أردوغان سابقًا، عندما قال: "يمكن أن تجتمع وكالات استخباراتنا أولًا، ثم وزراء دفاعنا، ثم وزراء خارجية الدول الثلاث، وبعد ذلك يمكن أن نلتقي كقادة، وهو ما يمكن أن يفتح الباب لسلسلة من المفاوضات".