كشف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قررت تجميد جميع أشكال التمويل المقدمة لأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وذلك ضمن سياسة التجميد الشامل للمساعدات الخارجية الأميركية.
وبحسب الصحيفة الأميركية يأتي هذا القرار في وقت تواجه السلطة الفلسطينية تحديات متزايدة للحفاظ على سيطرتها على مدن الضفة الغربية المحتلة، والسعي للعودة إلى حكم غزة بعد الحرب.
قوات الأمن الفلسطينية تعتمد بشكل أساسي على الدعم الخارجي، ورغم أنها تعاني من نقص في التمويل ولا تتمتع بشعبية بين أبناء الشعب الفلسطيني، إلا أنها تسعى لأن تظل عنصرًا رئيسيًا في الحفاظ على الأمن في الضفة الغربية
قرار التجميد وتوقيته
أوضح التقرير إلى أن القرار الأميركي يضعف السلطة الفلسطينية التي تواجه نشاطًا متصاعدًا للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. ولفت إلى أن إدارة ترامب أوقفت المساعدات المباشرة للسلطة الفلسطينية خلال ولايته الأولى، لكنها استمرت في تمويل برامج التدريب والإصلاح الخاصة بأجهزة الأمن الفلسطينية، من خلال مكتب التنسيق الأمني الأميركي في القدس، المعروف سابقًا باسم "المنسق الأمني الأميركي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية"، والذي يضم تحالفًا من عدة دول.
🎥مشاهد للدمار الكبير الذي خلفه الاحتلال في #مخيم_جنين. pic.twitter.com/T9hx2Oc59x
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 12, 2025
انعكاسات القرار على أجهزة أمن السلطة والتنسيق مع إسرائيل
ووفقًا لما ورد في "واشنطن بوست"، فإن قوات الأمن الفلسطينية تعتمد بشكل أساسي على الدعم الخارجي، ورغم أنها تعاني من نقص في التمويل ولا تتمتع بشعبية بين أبناء الشعب الفلسطيني، إلا أنها تسعى لأن تظل عنصرًا رئيسيًا في الحفاظ على الأمن في الضفة الغربية.
وقال المتحدث باسم أجهزة الأمن الفلسطينية، اللواء أنور رجب، للصحيفة: "الولايات المتحدة كانت أحد كبار المانحين لمشاريع السلطة، بما في ذلك تدريب أجهزة الأمن".
لكنّ مسؤولًا إسرائيليًا سابقًا، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته، قلّل من تأثير القرار، قائلًا إن "أجهزة الأمن الفلسطينية لم تتأثر بشكل جوهري بهذا التجميد"، مضيفًا أن "جهات مانحة أخرى تعهدت بتغطية العجز في التمويل".
إلا أن مسؤولًا في المعهد المركزي للتدريب الأمني الفلسطيني أكد للصحيفة أن التجميد الأميركي أدى بالفعل إلى إلغاء بعض التدريبات والتمارين الأمنية. وذكر أن اجتماعًا كان من المقرر عقده هذا الشهر مع مسؤولين أميركيين لتقييم العملية العسكرية التي شنتها أجهزة السلطة الأمنية ضد المقاومين في مخيم جنين قد تم تأجيله إلى أجل غير مسمى.
تأثير التجميد على جاهزية أجهزة أمن السلطة
بحسب "واشنطن بوست"، فإن أحد الجوانب المباشرة لقرار التجميد هو وقف تمويل مشروع بناء ميدان رماية افتراضي، وهو مشروع كان ضروريًا لأجهزة الأمن الفلسطينية نظرًا لمنع إسرائيل استيراد الذخيرة الحية للتدريب. وعلى الرغم من أن المشروع كان على وشك الاكتمال، إلا أن السلطة الفلسطينية باتت تبحث عن مصادر تمويل بديلة.
قوات أمن السلطة الفلسطينية تواصل حملتها الأمنية في مخيم جنين بدعوى ملاحقة من تسميهم "الخارجين عن القانون".
اقرأ أكثر: https://t.co/ZqhBxAMMJq pic.twitter.com/O0G7VDLNOR— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 7, 2025
يذكر أن وزارة الخارجية الأميركية قدمت أكثر من 1.1 مليار دولار منذ عام 2007 لدعم أجهزة الأمن الفلسطينية، وذلك من خلال مكتب التنسيق الأمني. كان الهدف من هذا الدعم هو تعزيز سلطتها في الضفة الغربية، وهو ما تعتبره واشنطن عنصرًا مهمًا لأمن إسرائيل.
تحديات وسط معارضة شعبية داخلية
يرى تقرير "واشنطن بوست" أن قرار التجميد يعقد مهمة أجهزة أمن السلطة في مواجهة نشاط مجموعات المقاومة المسلحة في شمال الضفة الغربية، خصوصًا في مخيمات جنين ونابلس، حيث تتزايد الهجمات على قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كما يشير التقرير إلى أن السلطة الفلسطينية تواجه تحديات سياسية داخلية، مع تزايد المعارضة ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يُتهم بالفشل في تحقيق أي تقدم سياسي أو اقتصادي للفلسطينيين.
عدم وضوح الرؤية بشأن استئناف المساعدات
ولفتت "واشنطن بوست"، إلى أن وزارة الخارجية الأميركية لا تزال تدرس تأثير القرار، ولم تقدم جدولًا زمنيًا واضحًا حول إمكانية استئناف التمويل. وقالت الوزارة في بيانها: "وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية أوقفتا تقريبًا جميع المساعدات الخارجية"، لكنها أشارت إلى وجود إعفاءات لبعض البرامج "الحيوية" التي تتماشى مع الأولويات الأميركية في المنطقة.
إضراب شامل وانقطاع الخدمات في جنين، مع استمرار الاشتباكات بين أجهزة أمن السلطة وكتيبة جنين منذ 12 يومًا. pic.twitter.com/gYdb9kf3mx
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) December 17, 2024
دعم أميركي لمواصلة الحملة على جنين
جاء القرار الأميركي بوقف تمويل أجهزة السلطة الأمنية، رغم تنفيذ الأخيرة عملية أمنية واسعة في مخيم جنين استمرت لأكثر من شهر، قبل أن يبدأ جيش الاحتلال عملية "السور الحديدي" في شمال الضفة الغربية. ورغم الرفض الشعبي الحاد للحملة، لم يثنها ذلك عن مواصلتها.
وخلال العملية الأمنية في مخيم جنين، طلبت السلطة الفلسطينية من الإدارة الأميركية الموافقة على خطة تمويل بقيمة 680 مليون دولار تمتد على 4 سنوات، تهدف إلى دعم الأجهزة الأمنية من خلال تدريب قواتها الخاصة وإمدادها بالذخيرة والمركبات المدرعة، بالإضافة إلى تمويل أعمال ترميم السجون في مدن بيت لحم ونابلس.