03-أغسطس-2016

الشاهد خلال تكليفه اليوم بترؤس الحكومة وتكوينها(فيسبوك)

كلف رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي وزير الشؤون المحلية في حكومة تصريف الأعمال والقيادي بحزب نداء تونس، يوسف الشاهد بتكوين الحكومة القادمة، التي أطلق عليها "حكومة الوحدة الوطنية"، وذلك بعد يومين من المشاورات التي أجراها قائد السبسي في قصر قرطاج رفقة ممثلي الأحزاب الموقعة على "اتفاق قرطاج" من الائتلاف الحاكم وبعض أحزاب المعارضة وممثلي المنظمات الوطنية. ويواصل رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد تصريف أعمال الحكومة إلى حين تكوين "حكومة الوحدة الوطنية" ومصادقة البرلمان التونسي عليها، وسبق لهذا الأخير أن حجب الثقة عن حكومة الصيد في جلسة عامة يوم السبت الماضي.

وصف يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية المكلف، حكومته القادمة بالحكومة الشبابية، مع تمثيل أكبر للمرأة وإجراءات جريئة وشجاعة  

ومن كواليس الاجتماع الذي جمع صباح اليوم رئيس الجمهورية بالمشاركين في "اتفاق قرطاج"، وردت معلومات لـ"الترا صوت" تؤكد أن الائتلاف الحاكم، المكوًن من أحزاب نداء تونس، النهضة، آفاق تونس والاتحاد الوطني الحر، قد رحب بتكليف الشاهد برئاسة الحكومة بينما عارضت بقية الأحزاب التي شاركت في المشاورات هذا التكليف.

اقرأ/ي أيضًا: يوسف الشاهد.. هل يكون جواد السبسي الجديد؟

وألقى رئيس الحكومة التونسية المكلف يوسف الشاهد كلمة إثر لقائه رئيس الجمهورية، صرح فيها: "اليوم ننطلق في مرحلة جديدة تتطلب منا جميعًا مجهودات وتضحيات استثنائية كما تتطلب جرأة وشجاعة ونكرانًا للذات وحلولًا خارجة عن الأطر العادية". ويلمح الشاهد إلى إمكانية اتخاذ قرارات "جريئة" خاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وكانت حكومة الصيد مترددة في اتخاذها تجنبًا لتظاهر الشارع ضدها.

ووصف الشاهد، خلال كلمته، حكومته المنتظرة بـ"ستكون حكومة سياسية وحكومة كفاءات وطنية دون محاصصة"، مضيفًا: "ستكون حكومة شباب، إيمانًا منا بقدرة الشباب على تغيير الأوضاع وستكون المرأة ممثلة بحجم وقدر أكبر، كما أن هذه الحكومة ستصارح الشعب التونسي منذ البداية بحقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد". واستعرض الشاهد ما اعتبره أولويات حكومته وهي "كسب المعركة على الإرهاب، إعلان الحرب على الفساد والفاسدين، الرفع في نسق النمو، التحكم في التوازنات المالية والنظافة والبيئة"، مذكرًا أنه سيلتزم بالبرنامج المطروح في اتفاق قرطاج".

وجاء تكليف الشاهد من خلال رسالة وجهها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إليه بمقتضى الفصلين 89 و90 من الدستور التونسي. وإثر رسالة الإعلام الصادرة من رئيس مجلس نواب الشعب والمتضمنة لعدم تجديد المجلس الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها في جلسة منعقدة يوم 30 تموز/يوليو 2016، وبناء على الأمر الرئاسي عدد 94 لسنة 2016 المؤرخ في 31 تموز/يوليو 2016 المتعلق باستقالة الحكومة وبتكليفها بمواصلة تصريف الأعمال.

رسالة تكليف الشاهد

ويحظى الشاهد بمهلة تقدر بشهر من أجل تقديم تركيبة الحكومة الجديدة، وتُقدّم بعد ذلك لنيل الثقة من قبل مجلس نواب الشعب، وذلك بعد مشاورات ستشمل جميع الأطياف والأحزاب السياسية والمنظمات والشخصيات الوطنية، حسب تأكيد الشاهد نفسه. ويوسف الشاهد، رئيس الحكومة المكلف، هو قيادي في حزب نداء تونس، ومن المقربين من قائد السبسي، إذ سبق أن عينه رئيسًا للجنة الـ13 في حزب نداء تونس وهي لجنة صلحية لحل الخلافات داخل "حزب الرئيس" حينها، كما تربطه صلة قرابة غير مباشرة، عن طريق المصاهرة، مع الرئيس قائد السبسي.

عن ملامح الحكومة الجديدة، صرحت مستشارة رئيس الجمهورية سعيدة قراش، لوسائل الإعلام المحلية، أن "هناك اتجاه نحو تشبيب الحكومة وتدعيم حضور المرأة والتخفيف من عدد الحقائب الوزارية وإرجاع خطة كاتب الدولة"، مع الحرص على تكوين الحكومة الجديدة في أسرع الآجال". لكن يتفق المتابعون للمشهد السياسي على صعوبة تكوين هذه الحكومة وأن الأمر لن يكون بالسهولة المتوقعة، خاصة مع تواتر التسريبات عن شروط بعض الأحزاب للانضمام إلى الحكومة ومنحها الثقة في البرلمان، من جانب، وانطلاق الأصوات المعارضة لها، من جانب آخر.

اقرأ/ي أيضًا: في جلسة سحب الثقة من الصيد.. قليل من الصراحة

تكليف الشاهد.. مواقف سياسية متباينة

عبر النائب عن كتلة الحرة في مجلس نواب الشعب الصحبي بن فرج، وهي الكتلة المساندة لحزب "المشروع" الذي يضم عددًا من القيادات المنسحبة من نداء تونس، على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" عن أن "إعلان يوسف الشاهد رئيسًا للحكومة الجديدة يقضي على فكرة حكومة الوحدة الوطنية، باعتبار انتفاء توافق الأحزاب المشاركة في المفاوضات على شخصه، وهو ما يجعل من الحكومة الجديدة نسخة مطابقة للأصل من حكومة الصيد من حيث المحاصصة الحزبية"، حسب تعبيره.

رأي النائب عن كتلة الحرة الصحبي بن فرج

وعبّرت حركة مشروع تونس، في بلاغ لها، عن "تحفظها على تكليف يوسف الشاهد كرئيس للحكومة بسبب انتمائه الحزبي مما يتناقض مع المبادئ المتفق عليها خلال الحوار الذي تم في إطار مبادرة اتفاق قرطاج"، وجاء في ذات البلاغ أن "موقف الحركة السياسي من تعاملها مع الحكومة المقبلة سيتحدد على ضوء برنامجها والمقاييس المعتمدة في تعيين أعضائها".

اعتبرت أحزاب المعارضة في تونس تكليف الشاهد، قريب قائد السبسي، برئاسة الحكومة عملية تغوّل من رئاسة الجمهورية على باقي مؤسسات الدولة

وفي سياق متصل، صرح عدنان منصر، الأمين العام لحزب حراك تونس الإرادة، أن "اسم يوسف الشاهد كان جاهزًا قبل انطلاق المشاورات، وأن البلاد مرت إلى مرحلة ثانية من التحيل على الدستور"، متابعًا ''الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي شريكين في عملية تحيّل وتغوّل تتم من رئاسة الجمهورية على باقي مؤسسات الدولة". ويذهب القيادي بالجبهة الشعبية، الجيلاني الهمامي، إلى رأي مشابه، مصرحًا لوسائل إعلام محلية أن "تكليف الشاهد تجسيم لتحويل مؤسسات الدولة إلى مجلس عائلي" وأن "الحكومة برئاسة الشاهد ستكون تحت سلطة الحكم الفردي لرئيس الجمهورية وفي هذا خرق للدستور وتراجع عن مكاسب النظام السياسي الجديد".

رأي أمين عام حراك تونس الإرادة عدنان منصر

في المقابل، تبدي أحزاب الائتلاف الحاكم مساندة نسبية لتكليف يوسف الشاهد بترؤس وتكوين الحكومة القادمة، في انتظار ما تكشفه الأيام القادمة حول توزيع الحقائب الوزارية. وقد صرح سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم، "نعتبر أن تكليف الحبيب الصيد كان خطأ وقمنا بإصلاحه الآن، عمله كان تقليديًا جدًا بعيدًا عن الأحزاب وما تم هو تصحيح للمسار وتشبيب للدولة"، مضيفًا: "نداء تونس فاز في الانتخابات الأخيرة ومن حق قياداته أن تكون في مناصب الدولة لتطبيق برنامجها ومن الإيجابي أن الاختيار كان على أحد شباب هذا الحزب".

اقرأ/ي أيضًا:

مبادرة السّبسي ومشكل التّشخيص

تونس.. تعددية بدائل التغيير وتكثيفها