23-مارس-2017

منال الدويان/ السعودية

 الحرف الذي بَليَ في كراسات البلاغات سأخرجه من الرفوف وسأجففه من المطر 
في عيوني، سأعلمه كيف يخرج للضوء دون أن ينتظر الأثواب تتزين وتتعطر وتسجنها الخزائن والمرايا 
سأكتب، من شوارع اللغة الخلفية، كلامًا عاطلًا عن العمل، رسالاتٍ تتعلم المشي
سأربي الحرف الأول على احترام الحرف الغائب، ولن تتقاتل النقاط والمحطات والنهايات 
ساقٌ تنحني وساقٌ تتألم 
سأحملها بين ذراعي تعرج في رسالتي الأولى 
فأحب في الكلام خجله: سطر شجاع وسطر خلف سطر يتمدد وينام 
وقارئ هو الآخر بين صمت وصراخ وكلام يغرس أنيابه في لحمي 
في رسالتي 
خذ بيدي يا الله...

من غرفة تضيء وتحترق
أسميها تونس: لأسباب صحية 
تشابه الأسماء هنا شبهة لتصفية المزاج 
ولا داعي لرفع قضية 
في وقتي المناسب ولن أحدده أبدًا 
في البدء أقول:

إله...
فلا تلتفت اللغة 
فيتحرك الاسم طافيًا على لساني بركة دم
هنا قد أقاضي اللغة انشغلت بفستان زفافها فنسي الاسم روابطه الحقيقية
كأن أصرخ شجرة، فتتقاتل الحدائق لتسوية أوضاع الأوطان، وتموت الشجرة التي أمام بيتي في كتاب مفتوح بلا هوية..
أناديك هذه المرة: إلهي،
فتنشغل عني بدرس قديم في الحرب فأقطع كل صلاتي بكتب التاريخ 
وأحتفظ بصور الجنازات لتزيين واجهات المحلات..
هنا قد أخطئ في التعبير 
وهذا أيضًا خطأ 
أحبه وأربيه ...
(لا تنزعج أيها القارئ).

قل كافرًا إذًا
دون أن تحدث ضوضاء فأحتمي باسمي
فيقع الاسم في مأزق
و
قل وحيدًا 
فأترك ظلي خلفي وحيدًا متزهدًا في الحياة
هازئًا بالأسماء كلها
 واضعًا إصبعه 
على موضع الجرح 
اسمك.

إلهي
لا تنشغل بالحرب 
ولن أحدثك عن السلام
للغة طوفان ودوران
كأن يحتفظ صحفي تحت التمرين 
بخبر تذكاري
يقول الخب:
في بلد شقيق -أحب الكذب هنا-
يتواصل دفن الجثث في مقابر للقطط والكلاب..
فاصل غنائي 
ليقول
هناك يتفتح الياسمين في شعر تونس (استعنا بالخيال لطمأنة كاتب الخبر).

فأختم رسالتي 
أقول:
في تونس الصغيرة 
وحواشيها الكبيرة 
في مخبز شعبي
رغيف واحد يركض على ساقيه
تلاحقه جموع من المثقفين
للجوع أيضًا عادات رياضية كثيرة.

إلهي 
تونس 
في سلام..
السلام هنا مزاح 
لا تسحبه لتهدئة القارئ

في آخر الرسالة:
صمت كبير
صمت يقف على عكاكيز كثيرة 
متكئًا على ظله العجوز.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحرب دموعها خشنة

شؤم الأرض